في الوقت الذي اتهم فيه الرئيس السوداني عمر البشير الدول الغربية بمحاولة إعادة استعمار السودان, ألمحت الحكومة البريطانية اليوم السبت إلى إمكانية التدخل العسكري ضد الخرطوم لإجبارها علي القبول بقوات حفظ سلام في إقليم دارفور, فيما أعلنت مفوضية الإتحاد الأفريقي عن اجتماع ثلاثي تشارك فيه الأممالمتحدة والحكومة السودانية في أديس أبابا الشهر القادم للاتفاق على تفاصيل نشر أكثر من 20 ألف جندي من القوات المشتركة بالإقليم الواقع غرب السودان . تهديدات بريطانية ******************* ومن جانبه قال وزير الدولة للشئون الخارجية اللورد ترايسمان أنه لم يتم استبعاد أي حل في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي لممارسة الضغط على الرئيس السوداني عمر حسن البشير لحمله على السماح بدخول قوات حفظ سلام دولية الى اقليم دارفور المنكوب. وأشار ترايسمان إلى أن طريق الحل قد يستند الى ما سيتمخض عنه اجتماع ممثلي الدول الاعضاء في مجلس الامن المقرر عقده في العاصمة السودانية الخرطوم في ال 17 من يونيو الجاري, قائلاً "إذا لم يقبل الرئيس السوداني بالاتفاق الذي توصلت اليه الاممالمتحدة فاعتقد انه يتعين على مجلس الامن في هذه الحالة ان يتجه لاقرار عقوبات اقتصادية مشددة للغاية ضد الحكومة السودانية". وأوضح الوزير البريطاني أن هذه الخطوة تأتي لان الحكومة السودانية "لا تعير اهتماما بالقضية ولذلك يجب ان تكون العقوبات قاسية للغاية", مشدداً على أن جميع الخيارات مطروحة, وقال أنه ما من سبيل لدخول قوات حفظ السلام الى دارفور الإ عن طريق الاراضي السودانية نفسها اذ ان الدخول الى الاقليم عبر مصر او ليبيا او غيرها هو خيار غير واقعي لكنه شدد على انه لم يتم استبعاد اي خيار بهذا الشأن. وقال ترايسمان أنه أعرب في السابق عن نفس الاراء في سبتمبر العام الماضي الإ أن الوضع في الوقت الراهن بدا مختلفا في ظل وجود تحرك دولي ازاء القضية, مذكراً في هذا الإطار أن اتفاق الدول الصناعية الثماني الكبرى خلال الاسبوع الماضي أشار الى ان الازمة في دارفور بلغت "مرحلة النهاية" في اشارة الى ضرورة ايجاد الحل السريع لهذه الازمة. اجتماع ثلاثي ****************** ومن جهة أخري أعلنت مفوضية الاتحاد الأفريقي عن اجتماع ثلاثي تشارك فيه الأممالمتحدة والحكومة السودانية في أديس أبابا في الأسبوع الأول من الشهر القادم للاتفاق على تفاصيل نشر أكثر من 20 ألف جندي من القوات المشتركة في إقليم دارفور. وقد رجح المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصادق أن يتم التوافق على النقاط الخلافية خلال هذا الاجتماع, وقد أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان عن اجتماع مزمع عقده يضم قادة حركات دارفور المسلحة الرافضة لاتفاق ابوجا في 18 الشهر الجاري في مدينة جوباجنوب السودان، للتوصل لموقف موحد بهدف الشروع في مفاوضات جديدة مع الحكومة السودانية. اتهام سوداني ******************* جدّدت الحكومة السودانية اليوم السبت رفضها لخطة الأممالمتحدة الرامية إلى نشر قوة مشتركة في إقليم دارفور، واتهم الرئيس السوداني عمر البشير الدول الغربية بمحاولة إعادة استعمار السودان, وجدد محجوب فضل السكرتير الصحفي للبشير رفض بلاده دخول القوات الدولية إلى إقليم دارفور، غير أنه أبرز حرص الحكومة على الجلوس مع حركات التمرّد في مفاوضات سلام تؤدي إلى حل الأزمة في الإقليم بالوسائل السلمية المنشودة. ويأتي الرفض السوداني لنشر قوات أجنبية مع تزايد الضغوط الدولية على السودان في الأممالمتحدة وفي قمة دول الثماني المنعقدة في ألمانيا، والتهديد بتطبيق عقوبات متعددة الأطراف تتضمن فرض حظر على الطيران فوق إقليم دارفور, كما أكد الخرطوم أنه لن يسلم أحمد هارون وعلي كوشيب المتهمين بإرتكاب جرائم حرب بدارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكشفت الحكومة السودانية عن أنها لم تتسلم بعد طلباً رسميا من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "لويس أوكامبو" لتسليم المتهمين في ارتكاب جرائم حرب في دارفور, كما اتهم الرئيس السوداني عمر البشير الدول الغربية بمحاولة إعادة استعمار السودان. ومن جهة أخري أعرب الناطق باسم الخارجية السودانية "علي الصادق" تفاؤله بتوصل السودان إلى اتفاق مع الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي حول نشر القوات الدولية في إقليم دارفور في الاجتماع المقرر يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين. معاناة انسانية ***************** وفي السياق ذاته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من عدم إحراز أي تقدم ملحوظ لإنهاء النزاع في إقليم دارفور والمعاناة الإنسانية الناجمة عنه. وقال في مؤتمر صحفي أثناء مشاركته في قمة الدول الصناعية الثماني في ألمانيا: إن المجتمع الدولي تريث أكثر من اللازم في التحرك وإنهاء النزاع الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من مليونيْ شخص، وأعرب كي مون عن أمله في أن توافق الحكومة السودانية في أقرب وقت ممكن على نشر قوات مشتركة من الأممالمتحدة والإتحاد الإفريقي لحفظ السلام. كما حذر السفير الأمريكي في الأممالمتحدة "زلماي خليل زاد" الخرطوم من عدم موافقتها السريعة على نشر قوة مشتركة, ملمحاً الي أن بلاده ستعمل على استصدار عقوبات في الأممالمتحدة متعددة الأطراف تشمل إقامة منطقة حظر جوي في دارفور أمام الطيران السوداني. مطلب مصري ***************** ومن جهة اخري أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ان مؤتمر باريس بشأن دارفور المزمع عقده يوم 25 يونيو الحالي يجب ان يسعى للمساعدة والمساهمة فى التوصل الى تسوية وليس الى فرض المزيد من الضغوط على السودان . وقال أبو الغيط في تصريحات له اليوم انه يعلم أن هناك سعيا فرنسيا لدعوة السودان للمشاركة فى المؤتمر الذى دعت فرنسا لعقده فى باريس بشأن دارفور, مشيرا الى ان مصر تسعى الى التوصل لتسوية في ما يتعلق بأزمة الاقليم السوداني . انتقادات أممية ***************** وعلي صعيد آخر قالت لجنة لحقوق الانسان تابعة للأمم المتحدة أن الاطفال في السودان لا سيما في منطقة دارفور ما زالوا يتعرضون للاختطاف لاستخدامهم في القتال واعمال السخرة او استغلالهم جنسيا, داعيةً الحكومة السودانية الى تكثيف جهودها للحؤول دون خطف الاطفال والمساعدة في عودة الضحايا الى عائلاتهم. وأصدرت اللجنة التي تضم 18 خبيرا مستقلا نتائجها بعد جلسة استمرت ثلاثة أسابيع فحصت خلالها سجلات 11 دولة منها السودان, ولم توضح اللجنة ما اذا كانت عمليات التجنيد القسرية تقوم بها القوات المسلحة السودانية الرسمية او ميليشيات الجنجويد او الجماعات المتمردة او كل الاطراف, غير أنها قالت ان اطفال وشبان الشوارع الذين شردهم الصراع الذي احدث خرابا في دارفور منذ عام 2003 معرضون على وجه الخصوص لجميع أشكال الاستغلال . عقوبات أحادية ***************** إلى ذلك أصدرت دول حركة عدم الانحياز بياناً رفضت من خلاله قرار العقوبات الأمريكية على السودان وأعربت الحركة عن قلقها البالغ ازاء القرار, مشيرةً إلى أن العقوبات الأحادية تعتبر خرقاً فاضحاً لميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي, داعيةً الدول المناط بها تطبيق الإجراءات والقوانين الأحادية القيام بإلغائها فوراً. وأكدت المجموعة أن العقوبات الأحادية تناقض الجهود الجارية لدعم السلام بدارفور وأن التسوية السياسية لنزاع دارفور تتطلب دعم كل الأطراف بما يتسق مع اتفاقية سلام دارفور,كما طالبت الأمين العام للأمم المتحدة باعتبار بيان الحركة وثيقة من وثائق مجلس الأمن الدولي. مبادرة فرنسية **************** وفي شأن ذا صلة بدأت فرنسا مباحثاتها مع عدة أطراف ودول اخرى الى جانب الدول الاعضاء فى مجموعة الاتصال الدولية حول دارفور للتحضير للمؤتمر الدولى الذى اعلن الرئيس نيكولا ساركوزى عند عقده فى 25 من يونيو الحالى فى باريس حول مشكلة دارفور. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن المبادرة الفرنسية لعقد هذا المؤتمر تأتى انطلاقا من شعور باريس بضرورة التدخل على وجه السرعة والتوصل إلى حل لازمة دارفور, مشيرا الى ان الاتصالات بدأت بالفعل, وأن هناك من استجاب بالفعل للدعوة . وأشار المتحدث إلى أن وزير الخارجية الفرنسى برنار كوشنير سيناقش يوم الاثنين القادم مع المسئولين السودانيين موضوع المؤتمر ومدى استعداد السلطات السودانية, موضحا ان القائمة النهائية للمشاركين لم ينته اعدادها بعد وان كانت اتصالات تجرى مع بعض الشركاء لتوسيع نطاق المشاركة .