تمثل المنافسة المغربية الجزائرية اختبارا دبلوماسيا دقيقا للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اثناء زيارة الى شمال افريقيا هذا الاسبوع تهدف الى دعم العلاقات مع منطقة تتزايد اهميتها لامن الطاقة الاوروبي. وستكون الزيارة اول رحلة يقوم بها ساركوزي خارج اوروبا منذ انتخابه في مايو ايار. وادرك الرئيس الفرنسي مدى حساسية مهمته حين اعلن المغرب فجأة الاسبوع الماضي الغاء الجزء المغربي من جولته شاكيا من ان مدة الزيارة البالغة يومين ليست طويلة بما يكفي. وقال دبلوماسيون ان المغرب وهو تقليديا اقوى حلفاء فرنسا في شمال افريقيا اغتاظ لان ساركوزي سيبدأ جولته بزيارة الجزائر المنافس الاقليمي وصاحبة الثقل المتزايد في مجال الطاقة. واثار التصرف المغربي الدهشة في انحاء المنطقة التي تعد ساحة للنفوذ التجاري الفرنسي منذ وقت طويل وجرت العادة ان تكون الوجهة الاولى خارج اوروبا للرؤساء الفرنسيين المنتخبين حديثا. وقال متحدث رئاسي فرنسي ان زيارة الرباط ألغيت في اللحظة الاخيرة بطلب من السلطات المغربية لاسباب لم تحددها ذات صلة "بجدول المواعيد". وأضاف "لكن تم الاتفاق على أن رئيس الجمهورية سيزور المغرب...في النصف الثاني من أكتوبر." واعتبر البعض ما حدث خطأ فاضحا من المغرب الذي ارتبط زعماؤه بعلاقات شخصية وثيقة مع جاك شيراك سلف ساركوزي وتمتعوا بدعم شيراك في نزاع الصحراء الغربية السبب الرئيسي للخلاف بين المغرب والجزائر. وقال قادر عبد الرحيم وهو خبير بشؤون المغرب العربي في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس "الغاء زيارة رئيس منتخب حديثا قوي جدا وله شعبية... سيكون له بعض الاثر الدبلوماسي." واضاف "ظن المغاربة انه سيمكنهم جعل علاقتهم مع ساركوزي مثلما كانت مع شيراك. الامر ليس كذلك. انه جيل اخر يتولى السلطة (في باريس)." وتابع "ساركوزي ليس مدينا بشيء.. لا للمغاربة ولا للجزائريين. ومن منظور المصالح الفرنسية يرى ساركوزي ان المهم في المدى المتوسط هو الجزائر كبلد كبير وقوي ومهم." ويريد ساركوزي تغيير اسلوب السياسة الافريقية لفرنسا والتي قال انها كانت في ظل شيراك شبكة متآلفة من العلاقات الشخصية. وسيسافر ساركوزي الى الجزائر يوم العاشر من يوليو تموز حيث يتناول الغداء مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ثم يتوجه الى تونس للقاء الرئيس زين العابدين بن علي. وكان من المقرر ان يمضي في المغرب الجزء الاطول من رحلته التي تستمر يومين على الاقل. وتعتبر تونس والمغرب اللتان كانتا محميتين فرنسيتين من المقاصد الرئيسية للاستثمار الفرنسي. واما الجزائر التي كانت مستعمرة فرنسية فهي الشريك التجاري الاول لفرنسا في افريقيا. وقال مساعدو ساركوزي انه سيشرح خطته التي ما تزال غامضة لاقامة اتحاد متوسطي كشراكة رسمية بين بلاد حوض البحر المتوسط تضم دول جنوب اوروبا وجيرانهم في شمال افريقيا. وفي الجزائر التي يعتزم ساركوزي العودة اليها في الخريف لمزيد من المحادثات التي تركز على العلاقات التجارية فمن المتوقع ايضا ان يثير امكانية ارتباط بين شركة جاز دو فرانس الفرنسية وشركة الطاقة الجزائرية سوناطراك. لكن معلقين يقولون ان من غير المرجح ان يحقق ساركوزي نجاحا كبيرا في أي مشروع جديد ما لم يمكنه اظهار استعداده لتغيير نهج فرنسا في التعامل مع مسألة الصحراء الغربية. وقدمت فرنسا تحت قيادة شيراك دعما هادئا لكن حازما لاقتراح المغرب بمنح الحكم الذاتي للاقليم الذي يسكنه 260 الف نسمة تحت سيادة مغربية. وتريد جبهة بوليساريو الساعية لاستقلال الاقليم ومقرها الجزائر اجرا ءاستفتاء يتضمن خيار الاستقلال. ويمثل نزاع الصحراء الغربية حاجزا امام التجارة عبر المغرب العربي ولم تفتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر منذ اغلاقها عام 1994 وسط توترات امنية. وفي تصريحات لرويترز قال رئيس الوزراء الجزائري السابق رضا مالك الذي تعكس تصريحاته التفكير الرسمي بشأن الصحراء ان الحكم على ساركوزي في الجزائر سيكون على اساس موقفه من النزاع. وأظهر ارجاء المغرب لزيارة ساركوزي دقة مهمته. وقال "المغاربة لم يكونوا سعداء لانه يبدأ بالجزائر. لا يمكن ان يسرهم ذلك." وتابع "انه احد الاعراض (المغاربية) المألوفة. توجد كثير من الحساسيات وساركوزي سيدرك مدى تعقيد الامور." ولم يصدر تعليق مغربي رسمي على التأجيل. وقالت صحيفة المساء اليومية ان الرباط تريد ان ترى ساركوزي حين يكون لديه ما يكفي من الوقت لبحث كل الامور ذات الاهتمام المشترك. تحليل إخباري من وليام ماكلين