الرباط - الأمين الأندلسي - إسلام أون لاين.نت-استقبال حافل لقيه سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، خلال زيارة قام بها لباريس، وأسئلة كثيرة وجهتها وسائل إعلام له حول ملامح حكومة قد يشكلها الحزب حال فوزه بالانتخابات المقبلة عام 2007 . واعتبر المراقبون هذه الأسئلة مؤشرًا قويًّا على ما تتداوله بقوة الأوساط السياسية المغربية منذ أشهر حول استعدادات الحزب ذي التوجهات الإسلامية لتحقيق مفاجأة بالانتخابات. والتقى العثماني خلال زيارته لفرنسا التي اختتمها اليوم الأربعاء 12-4-2006 بقيادات سياسية فرنسية رفيعة، من بينها رئيس حزب "الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية" فرانسوا بايرو، المسئول بالحزب الاشتراكي مارك برو، والرئيس الشرفي لحركة المقاولات الفرنسية فرانسوا بيريجو، وسياسيون آخرون. وخلال تلك اللقاءات تحدث العثماني عن "الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المغرب"، إضافة إلى "قضية الصحراء المغربية" وسبل حلها. ورافق الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في زيارته النائب البرلماني الحسن الداودي، ورضا بن خلدون مسئول العلاقات الخارجية بالحزب، وأبو بكر بلكورة رئيس الجماعة الحضرية (المجلس البلدي) لمدينة مكناس، وهو أول مجلس بلدي لمدينة كبيرة يرأسه حزب العدالة والتنمية. حكومة من 30 وزيرًا وفي حوار أجرته معه مجلة "جون أفريك" الفرنسية قال العثماني، ردا على سؤال: إنه في حال فوز حزبه في الانتخابات التشريعية المقبلة، فإنه سيساند إقامة حكومة لا يتعدى عدد وزرائها عن 30 وزيرا، بدلا من الحكومة الحالية التي تضم أكثر من 40 وزيرا . وتطرق العثماني إلى قضايا الإصلاح الاجتماعي، قائلا: إن "مجال الآداب العامة لا يجب أن تكون شأنا حكوميا، وإنما أمرا يهم المجتمع ككل"، مضيفا أنه عندما يتعلق الأمر بظواهر اجتماعية كالمخدرات والدعارة "يمكننا أن نشرع (قوانين)، غير أن الحلول الحقيقية تظل رهينة بالديناميكية الاجتماعية والتوعية والإعلام والتربية". وفي محاضرة ألقاها خلال الزيارة سرد العثماني بعض الإصلاحات التي أدخلها المغرب مؤخرا، وأهمها توسيع مجال الحريات في الصحافة والجمعيات الأهلية، واحترام حقوق الإنسان عبر إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة وديوان المظالم، وإنشاء الهيئة العليا للإعلام المرئي والمسموع، إضافة إلى إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية . غير أن هذه الإنجازات المختلفة على المستوى السياسي -بحسب العثماني- لم تواكبها إصلاحات في المجال الاجتماعي والاقتصادي؛ "حيث ما زالت هناك بعض الإكراهات"، مضيفا أن حزبه يمارس "معارضة بناءة، ويعمل في إطار الملكية الدستورية للمساهمة في تنمية مغرب حداثي مزدهر وديمقراطي ومتضامن" . تمهيد الطريق وكان العثماني، وهو طبيب نفسي، لمح في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي إلى إمكانية قيادة حزبه للحكومة المقبلة. كما أوضح استطلاع للرأي قبل نحو شهرين أجراه "المعهد الجمهوري الدولي" في المغرب، وهو هيئة أمريكية للبحث، أن حزب العدالة والتنمية سيفوز بأغلبية كبيرة في الانتخابات التشريعية المقبلة بنسبة لا تقل عن 47%، متقدما في ذلك على الحزبين الرئيسيين في البلاد، وهما حزب الاستقلال، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. ويسعى حزب العدالة والتنمية منذ عدة أشهر إلى تنمية علاقات مع مختلف القوى الفاعلة على الساحة الدولية، وتلك التي يرتبط معها المغرب بعلاقات وثيقة. وتأتي زيارة الزعيم الإسلامي المغربي إلى فرنسا قبل بضعة أسابيع من زيارة من المقرر أن يقوم بها إلى الولاياتالمتحدة. وسبق للعثماني زيارة أسبانيا والجزائر في عام 2005. واعتبرت وسائل إعلام مغربية أن تلك الزيارات محاولة للتخفيف من تخوف تلك البلدان التي تحظى باهتمام كبير في السياسة المغربية في حال وصول إسلاميين للسلطة. وكان عضو البرلمان والقيادي في حزب العدالة والتنمية محمد بوليف قال في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" مؤخرا: إن زيارة العثماني إلى الولاياتالمتحدة ستكون بدعوة من مؤسسة قريبة من الحزب الديمقراطي (المعهد الديمقراطي الأمريكي)، وهي ليست دعوة رسمية من الحكومة الأمريكية. ويرتقب أن يستقبل العثماني خلال زيارته أيضا عددا من النواب الأمريكيين في مقر الكونجرس، كما سيقوم بلقاء أعضاء عدد من الجمعيات المغربية والشخصيات الإسلامية في الولاياتالمتحدة . ويتفق سياسيون وإعلاميون مغاربة على أن خريطة التحالفات الحزبية تعيش "اضطرابا غير مسبوق" قبل الانتخابات التشريعية التي يرون أنها ستكون مختلفة، باعتبار أنها قد تفرز لأول مرة حكومة ينخرط فيها الإسلاميون . وذكرت مصادر سياسية مغربية مطلعة ل"إسلام أون لاين.نت" أن القصر الملكي في المغرب يمهد الطريق أمام انضمام حزب العدالة والتنمية للحكومة المقبلة، من خلال دعم تقارب غير مسبوق بدأ يتبلور مؤخرًا بين الحزب والجبهة الاشتراكية ذات التوجه اليساري، وأحد طرفي الائتلاف الحاكم حاليا في المغرب.