مؤشرات حول حوادث الطرقات    مجمع موزعي النظارات يرحب بالفصل 72    الحمامات .. بين 14 و15 ألف مريض يخضعون لتصفية الدم أزمة زرع الكلى تتفاقم    نابل .. استعدادات مكثفة بالمؤسسات السياحية لاستقبال العطلة ورأس السنة    في هجوم خلّف 12 قتيلا خلال عيد يهودي بأستراليا ...مسلم يمنع ارتكاب مذبحة    قبل مباراة جمعت الفريقين.. اشتباكات عنيفة بين جماهير جنوة وإنتر الايطاليين    العاصمة: يقتل جاره طعنا وشقيقته تُخفي أداة الجريمة... هذا ما حدث    بشرى للسينمائيين التونسيين إثر صدوره بالرائد الرسمي .. إحداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري    في كتابه الجديد «المدينة في زمن الباشا بايات» .. د.محمد العزيز بن عاشور يؤرخ للمدينة العتيقة ول«البلديّة»    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    بطولة القسم الوطني "ا" للكرة الطائرة : مولدية بوسالم تفوز على الترجي الرياضي 3-2    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة التاسعة    تقرير دولي: تونس من أقل الدول الإفريقية تعرضا لمخاطر تبييض الأموال... التفاصيل    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    شجاعته جعلته بطلا قوميا في أستراليا.. من هو أحمد الأحمد؟    وزارة الفلاحة تنطلق في العمل ببرنامج تخزين كميات من زيت الزيتون لدى الخواص مع اسناد منح للخزن    بمشاركة عديد الدول.. ادارة مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل تعلن عن موعد الدورة 38    كأس العرب قطر 2025: مدرب منتخب الأردن يؤكد السعي لبلوغ النهائي على حساب السعودية في مباراة الغد    عاجل: ''poudre talc'' مشهورة مرفوعة ضدها قضية بسبب مريضتي سرطان...شنيا الحكاية؟    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    تطاوين: انطلاق الشباك الموحد للحجيج لموسم 1447 ه / 2026 م لفائدة 133 حاجًا وحاجة    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    كأس تونس.. الجامعة تعلن عن موعد سحب قرعة الدور التمهيدي    عاجل: إصابة هذا اللّاعب تجدد القلق داخل الجهاز الفني    وفاة تونسي في حادث مرور بليبيا..وهذه التفاصيل..    حجز 30 غراما من الماريخوانا لدى شخص عاد مؤخرا من ألمانيا..#خبر_عاجل    المعابر الحدودية بجندوبة تسجل رقما قياسيا في عدد الوافدين الجزائريين..    مدنين / بلدية بن قردان تنطلق في تركيز 390 نقطة انارة عمومية من نوع "لاد" بالطريق الرئيسية ووسط المدينة    عاجل: منخفض جوي قوي يضرب المغرب العربي.. أمطار غزيرة وثلوج كثيفة في الطريق    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    المسار الحالي لتونس في مجال السلامة المرورية يقود الى تسجيل 74 الف وفاة و 235 الف اصابة بحلول سنة 2055    دورة شتوية بمدينة العلوم متخصصة في علم الفلك الرقمي باستخدام "بايثون من 24 الى 27 ديسمبر الجاري"    كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني    الإطار الطبي للمنتخب يتابع الحالة الصحية لنعيم السيتي للمشاركة في كأس إفريقيا    عاجل: التاكسي الفردي يلوّح بالإضراب بعد تجاهل المطالب    شنيا اللي يخلي البنك يرفض يحلّك Compte؟    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    عاجل: الأطباء يحذرون...الطب الشعبي قد يؤدي للوفاة عند الأطفال    تطورات قضية مصرع مغنية تركية.. صديقة ابنتها تدلي باعترافات صادمة    السوق المركزي في المغرب شعلت فيه النار... خسائر كبيرة    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    اعتقال سوري ومصري و3 مغاربة في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد    جندوبة: استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    مقتل شخصين على الأقل في إطلاق نار قرب جامعة براون الأمريكية    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    تنطلق اليوم: لجان تحكيم أيام قرطاج السينمائية    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى أنت يا مطر ...!

خلال أقل من ثلاثة أسابيع تشهد العاصمة تونس ثاني فيضان لها في المرة الأولى يوم 24 سبتمبر الماضي و في أوج شهر رمضان فوجئ سكان العاصمة بشوارعها تتحول إلى أودية زاحفة عطلت حركة المرور وحكمت عليهم بالسير تائهين حفاة جياعا مبتلين لا يعرفون كيف يدركون منازلهم و لا يجدون ما ينهون به يوم صيامهم. هذا عدا من داهمتهم المياه في منازلهم أو نكبتهم في بضائعهم و عطلت وسائل نقلهم بعدما اختفت وسائل النقل العمومي و انقطعت مسالك المرور. و كادت تحصل الكارثة لولا تضامن المواطنين و إسراعهم لإغاثة المحاصرين بالمياه في نفق باب سويقة داخل الحافلات و السيارات التي غمرتها المياه و الذي تحول إلى مصيدة عند كل نزول أمطار منذ عديد السنوات.
و لكن ما لم يكن في الحسبان تكرر يوم أمس الجمعة ثاني أيام عيد الفطر و المخصص عادة لفرح ونزهة الأطفال و تحول ذلك العيد إلى نكبة لأكثر من ثمانية عشر فردا جرفتهم المياه على حين غفلة و حولت فرحة العيد إلى نكبة و لا يزال التعتيم الإعلامي مستمرا حاجبا الحصيلة النهائية الحقيقية لعدد الضحايا و هو الشيء الوحيد الذي برع فيه هذا النظام في مواجهة الكوارث و الأزمات.
الأمطار التي نزلت أمس على العاصمة لم تكن استثنائية و لا غير معهودة و لا مفاجئة. و تبين صور الأقمار الصناعية أن كتلة السحب المتسببة في الكارثة بدأت في التشكل في عرض البحر شرقي الجزائر منذ الفجر و مرت على الشمال الغربي صباحا و لم تبلغ العاصمة إلا في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال و غادرت سمائها نهائيا في حدود الساعة السادسة بمعنى أن نزول الأمطار لم يتجاوز الثلاث ساعات بلغ أعلى نسبتها السبعين مليمترا حسب تصريح مسئول الرصد الجوي ليلة أمس و بمعدل 40 مليمترا حسب ما ورد بالصحف صباح هذا اليوم.
و هكذا يصبح الحديث على ضوء هذه المعطيات عن أمطار طوفانية و سيول جارفة من قبيل تلك المغالطات الماكرة التي ترمي إلى التخلص من المسئولية على حساب القضاء و القدر و القوة القاهرة. لتخفي حقيقة جريمة ألائك الفاسدين الذين استغلوا وضعهم من السلطة للإستبداد بهذا القطاع دون حسيب أو رقيب على مدى عشرات السنوات بعد أن حولوه إلى وسيلة للجباية و ابتزاز أموال المواطنين بصورة فاحشة بشتى العناوين تحت ستار ديوان التطهير و استهلاك الماء قبل أن يتركوا ورائهم الكارثة و ينصرفوا لتشييد القصور. و لعل ما يضفي على المأساة مسحة الكوميديا ما وقع الرد به على الصحافة بعد أن حاصرتهم الإتهامات بعد أمطار سبتمبر عندما قالوا أن مجاري ديوان التطهير لا دخل لها في مياه الأمطار لعلهم يقصدون أن الدمية "لبيب" التي ضحكوا بها على ذقوننا هي المسئول.
و لعل هذه الأمطار تأتي لتذكرنا بالحال الذي تردت له حال بلادنا على نحو ما علق به أحد المدونين ليلة أمس على الفاجعة " كان صبّت اندبي و كان ما صبّتش اندبي " حيث أغلق هذا العهد كل شيء و حكم بالعطالة و الصمت على أهلها و خيرة رجالها عدى من شردهم و حبسهم متماديا في غيه لا يرى غير استمرار الحكم في يده هدفا لسياسته مغلقا كل شيء و لم تسلم منه حتى المطر حتى أصبحنا نغرق في باب بحر.
و هكذا تتنزل هذه الكارثة و ما رافقها من ضحايا و معاناة ضمن سلسلة من المؤشرات المتضافرة على قرب انقضاء أجل الصبر و المدارات ليهب لتونس أهلها لأنها فعلا في حاجة لمن ينقذها و يعيد البسمة لكل أطفالها بعد أن تحولت في نظر العالم إلى البلد الذي يخشى على رعاياه من بطش نظامها.
و المجد لشهدائنا الذين تقترن هذه المأساة مع إقدام هذا النظام على إلغاء الإحتفال بذكرى استشهادهم حتى يذكرنا أن المقصود بالجلاء ليس الاستعمار فحسب و إنما التحرر من كل الطغاة. و حتى ندرك أن الكارثة الحقيقية هي الإستبداد و ما يلازمه من فساد و غياب للحرية.
مدونات / تونس – 14 10 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.