تونس الصباح عاشت كافة البلاد بداية من مساء أول أمس وكامل الليلة التي تلتها على وقع نزول أمطار غزيرة على كافة الولايات. وبلغت كميات الأمطار المسجلة في بعض الجهات مستوى هاما بلغ 160 مليمترا. ويشير معهد الرصد الجوي في نشرة له أن الأمطار قد شملت كل الجهات وبنسب هامة فاقت معدلاتها العامة ال50 مليمتر، وهي كميات معتبرة لم تشهدها البلاد منذ أكثر من 3 أو4 أشهر بهذا الشكل. كما أفادت مصادر المعهد أن التقلبات المناخية ستتواصل طيلة هذا الاسبوع، ومن المنتظر نزول مزيد من كميات الأمطار على كافة جهات البلاد، خاصة خلال ال 48 ساعة القادمة. هذه الأمطار بددت مخاوف الوسط الفلاحي الذي كان يخشى من تواصل انحباس الأمطار، وما يهدده من بوادر سنة جافة وصعبة. فما مدى انعكاس الأمطار الحالية على الوسط الفلاحي في كل نشاطاته؟ هل سيكون لها إنعكاس إيجابي على قطاع الزراعات الكبرى؟ وماذا عن بقية القطاعات الأخرى الفلاحية، والماشية والمراعي؟ ثم ما مدى الصعوبات التي شهدتها العاصمة وضواحيها بخصوص تجمعات المياه الحاصلة، وإرباك حركة المرور؟ الأمطارعامة.. شملت كافة جهات البلاد الهام في الأمطار الأخيرة أنها عامة وشملت شمال ووسط وساحل وجنوب البلاد. وتشير مصادر الرصد الجوي في نشرتها صباح أمس أن كميات الأمطار المسجلة كانت معدلاتها هامة على كافة الجهات، وإن هي كانت متفاوتة. وكان أهمها في جهات كانت تعيش صعوبات كبرى لعل أبرزها القصرين وسليانة وسيدي بوزيد، حيث انحبست الأمطار ما يزيد عن 3 أشهر تقريبا. وقد بلغت كميات الأمطار ببعض هذه الجهات معدلات مرتفعة بلغ أهمها 160 مليمترا بالشمال التونسي الذي ينتظر هذه الأمطار في مثل هذه الفترة لإنجاح موسم الزراعات الكبرى. وتجاوز الصعوبات التي تمر بها الماشية نتيجة الأوضاع الصعبة وقلة المراعي، وما نتج عن ذلك من ارتفاع في أسعار الأعلاف وندرتها أيضا. انعكاسات إيجابية على كافة القطاعات الفلاحية مصادر أخرى من المندوبيات والاتحادات الجهوية للفلاحين، أكدت أيضا أن الأمطار الأخيرة تمثل إنقاذا كاملا للقطاع الفلاحي ولكافة أنواع الإنتاج، حيث أشارت إلى أن انعكاساتها الإيجابية ستعود على كافة أنواع الفلاحات الكبرى، وفي مقدمتها صابة الزيتون التي كانت مهددة، وهي لا تزال على رؤوس أشجارها، كما أن هذا البعد الإيجابي للأمطار يتصل أيضا بكافة أنواع الزراعات البعلية للخضر والخضر الورقية، وأيضا لكافة أنواع البقول الربيعية. كما أن أنواع الأشجار المثمرة من العود الأحمر التي كانت مهددة باليبس والموت ستنتعش وسوف توفر انتاجها المعهود، سواء كانت ثمار شتوية أم ربيعية. فوائد أخرى هامة على مستوى منسوب المياه في السدود والمائدة وأفادتنا مصادر فلاحية أخرى من حوض مجردة أن هذه الأمطار قد انعكست ايجابيا على منسوب المياه بالسدود، حيث شهدت المياه تدفقا معتبرا باتجاهها، وشملت محاصيل المياه معظم سدود الشمال. كما أبرزت هذه المصادر الهندسية الفلاحية أن ما سجل من ارتفاع في ملوحة مياه الشرب خلال الفترة الأخيرة سوف يتقلص بشكل هام نتيجة ارتواء المائدة الأرضية في كافة الجهات وبكميات معتبرة من الأمطار. وقد أكد لنا هؤلاء الفنيون أن ارتواء المائدة ينعكس أيضا على الإنتاج الفلاحي بكل أنواعه كما وكيفا، كما أنه يمثل عاملا مزيلا لبعض الأمراض والعاهات التي تنتج عن الجفاف ونقص الأمطار. الماشية .. وتحسن وضعية المراعي مربو الماشية أزيح عنهم كابوس الخوف مما كانت عليه حالة المراعي التي كانت شبه قاحلة، كما أن الأمطار الأخيرة قد بددت عنهم الصعوبات التي كانت تعيشها الماشية نتيجة ندرة وارتفاع أسعار الأعلاف حتى الخشنة منها. وبحساب بسيط تشير مصادر من هذا الوسط الفلاحي، أن مردودية المراعي من العشب سوف تساعدهم على تجاوز ما هم فيه من ضائقة وذلك في غضون 20 إلى 25 يوما حيث تكون المراعي قد اخضرت، ويجد فيها القطيع ما يقتاته من العشب. وهكذا يمكن القول أن الأمطار الأخيرة قد أنقذت القطاع الفلاحي من صعوبات جمة كان يعيشها في مختلف أوجهه، وقللت أيضا من بعض التدابير والبرامج التي كان يزمع اتخاذها لحماية القطاع. ولعل مزيدا من هذه الامطار المنتظر نزولها سوف يؤكد نجاح المواسم الفلاحية، ويبدد كل المخاوف الناتجة عن انحباس الأمطار الذي عاشته معظم جهات البلاد في الأشهر الأخيرة في معظم جهات البلاد.