رحّب المسؤولون في حكومة المغرب بزيارة رئيس الدولة الفرنسية نيكولا ساركوزي التي دامت ثلاثة أيام وانتهت يوم الأربعاء 24 أكتوبر. وخلال الزيارة التي تُعتبر الأولى لساركوزي منذ فوزه برئاسة البلد، عقد الزعيم الفرنسي لقاءات مع قادة قطاع الصناعة وأعضاء البرلمان المغربي والملك محمد السادس. وقد طغت المسائل الاقتصادية على أجندة الرئيس حيث رافقه نحو 70 من رجال الأعمال. وفي اليوم الأول من الزيارة تم توقيع عشر اتفاقيات بقيمة 3 ملايير يورو منها مشروع مد خط سكة حديد فائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء. وتقدر كلفة هذا المشروع بمفرده نحو 1.8 مليار يورو إذ يتوقع أن يكون جاهزا للعمل بحلول 2013 وتمتد مرحلته الأولى لمسافة 200 كلم بين طنجة والقنيطرة. وقد عُهد لشركة ألستوم الفرنسية بمهمة تزويد المكتب الوطني المغربي للسكة الحديد بعشرين مقطورة من الجيل الجديد طراز بريما في 2010. وتم توقيع اتفاقية أخرى كلفتها 2 مليار درهم لترقية محطة عين بني مطهر لتوليد الطاقة بالتيار المُركّب قرب مدينة وجدة. ولتلبية ازدياد الطلب على استهلاك الطاقة الذي يبلغ 8% سنويا بسبب أنشطة التنمية وازدياد السكان، يعتزم البلدان العمل سويا على إقامة مشاريع للطاقة النووية المدنية. وجدد الرئيس الفرنسي عزم بلاده دعم المغرب في هذا القطاع. الخبير في مجال الاقتصاد محمد بردي قال لمغاربية إن مناخ قطاع الأعمال قد يُشكل جزءا هاما من زيارة الدولة هذه فأوضح "فرنسا هي أول شريك اقتصادي للمغرب ولذلك كان من البديهي أن تتمحور الاتفاقيات المبرمة حول مسائل اقتصادية. فيما بين 2001 و2006 حقنت فرنسا نحو 60% من الاستثمارات المباشرة من الخارج في الاقتصاد المغربي". وخلال اليوم الثاني من الزيارة ألقى ساركوزي خطابا أمام البرلمان المغربي في العاصمة الرباط وقام بتقييم للتطور المُحرز في تنمية وادي أبي رقراق. وفي أواخر ذلك اليوم توجه إلى طنجة حيث دعا لعقد مؤتمر قمة بين قادة بلدان البحر المتوسط التي يتوقع أن تُنظم في يونيو عام 2008 في فرنسا لمناقشة مبادرة اتحاد المتوسطي. وقال إن الهدف من الاجتماع هو مد الأسس لهذا المشروع الذي هو بمثابة "اتحاد سياسي واقتصادي وثقافي يرتكز على مبدأ المساواة البحتة بين الأمم" في المنطقة المتوسطية. وفي خلال الأشهر القادمة سيُجري ساركوزي مشاورات مع كل بلد له حدود مع البحر المتوسط لصياغة أجندة القمة وسيقوم باقتراح عدد من المشاريع التعاونية التي ستُقام على أساسها عمليات التعاون المتوقعة. وفي يوم الأربعاء توجه رئيس قصر الإليزي لزيارة مراكز الأحداث الجانحين حديث العهد بالإنشاء بمركز حماية الطفولة بمراكش والذي تم استكماله في إطار عمليات تجديد المركز وإعادة صياغة برامجه بكلفة بلغت 2.8 مليون درهم. الهدف كان يتمثل في الاستفادة من تجربة المغرب في إعادة إدماج الشباب المنحرف. وفي معرض مناقشته لقضايا سياسية، أشاد ساركوزي بالاختيارات الديمقراطية للمغرب خاصة في تعيين رئيس الحكومة الجديدة واختيار سبع وزيرات. وفي مسألة الصحراء الغربية، شدد على "طموح المغرب في الخروج من النزاع الذي دام أكثر من ثلاثين عاما" ووصف الخطة المغربية بالاستقلال الذاتي بأنها "شُجاعة". وقال وزير الشؤون الخارجية الفاسي الفهري "هذا مجال بإمكان فرنسا أن تقدم لنا الدعم فيه لأنها مطّلعة على شؤون المنطقة وخبايا قضية الصحراء". وقال بردي إن الزيارة كانت في معظمها ناجحة وحققت ما وعدت به سواء بالنسبة للمغرب أو لفرنسا.