تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوسط التونسية في حوار هام مع المحامي والمعارض التونسي البارز الأستاذ سمير ديلو

من خلال هذا الحوار المطول حاولنا الوقوف على جملة من أبرز القضايا الوطنية المطروحة بالحاحية كموضوعات للساعة , وقد تجولنا في مالايقل عن عشر محاور أساسية على نقاط تعتبرها النخبة والرأي العام الوطني موضوعات هامة في مسار الاصلاح السياسي والحقوقي بالجمهورية التونسية .
موضوعات تتعلق بوضع قطاع المحاماة والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين وحركة 18 أكتوبر والعفو التشريعي العام وحركة النهضة وقضايا المراجعة الفكرية في الساحة الاسلامية وموضوع المنشور 108 ومطلب الاصلاح السياسي ...موضوعات لم نستطع الغفلة عنها في ثنايا هذا الحوار الممتع والشفاف الذي أجريناه مع ضيفنا الموقر الأستاذ المحامي سمير ديلو راجين من القارئ الكريم التجول معنا في ثناياه واكتشاف شخصية سياسية وحقوقية مرنة نتوقع لها مزيدا من الفعل والتصدر الناجح في المشهد الوطني العام :

أستاذ سمير، دعنا ننطلق أولا من الوضع الذي يعيشه قطاع المحاماة في تونس , فهل بالامكان أن تقدموا لنا بسطة مركزة حول أهم نجاحات القطاع على مدار السنوات الأخيرة ثم فكرة حول أهم مايواجهه من عقبات مهنية أو سياسية ؟
ميزة المحاماة أنها قطاع لا يمكن فصل اهتماماته عن الشأن العام ، فالمحامي، بحكم مهنته، مدافع عن الحقوق و الحريات ، و تاريخ المحاماة يشهد بأنها كانت دوما ملاذ المظلومين على اختلاف انتماءاتهم و تعدد مشاربهم الفكرية و السياسية ..وقفت إلى جانب اتحاد الشغل و دافعت عن الطلبة و النشطاء الحقوقيين و السياسيين و سطرت ملاحم في الدفاع عن مناضلي اليسار و العروبيين في حملات القمع التي تعرضوا لها ، ثم عن الإسلاميين في حملات التصفية الإجتماعية و التطهير السياسي التي شهدتها عشرية التسعينات السوداء ، و هذا ما جعل القطاع مستهدفا عقابا له على تمسكه باستقلاليته و رفضه التدجين و الإخضاع ،و قد بذلت السلطة وسعها لبسط رقابتها على دخول المهنة عبر مناظرة أصبح النجاح فيها حلما بعيد المنال لمن يحمل شبهة معارضة السلطة الحاكمة و غدا المدخل الوحيد هو الحصول على شهادة الدراسات المعمقة في القانون مما دفع السلطة لإصدار قانون المحاماة دون أي تشاور حقيقي مع الأطر الممثلة للمحامين حتى تجد في السنتين اللتين يفترض أن يستغرقهما التكوين بالمعهد الأعلى للمحاماة فرصة للإنتقاء و الإقصاء على أساس الولاء لا على أساس الكفاءة و الإقتدار ، وقد سجلت الأعوام الأخيرة نجاحات معتبرة مثل تجند عشرات المحامين للدفاع عن زميلهم الأستاذ محمد عبّو و خوض اعتصام دام 52 يوما في سابقة لم يشهد لها تاريخ المحاماة مثيلا ، وكذلك عدم نجاح فريق الموالاة في فرض مرشح السلطة لعمادة المحامين وفشل جميع مرشحيها لانتخابات فرع تونس للمحامين ،دون أن نغفل أن خمسة من الشخصيات الثمانية التي خاضت إضراب الجوع في أكتوبر 2005 كانوا..محامين ، ولكن المحاماة عرفت أيضا نكسات مؤلمة مثل نجاح السلطة في الإستيلاء على جمعية المحامين الشبان ، وفشل التيار المستقل في محاصرة الهيئة المنصّبة و التشهير بها لدى عموم المحامين و خاصة الوافدين الجدد منهم .
بالنسبة للمناخ السياسي العام للبلاد التونسية فان البعض يرى في تأسيس هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات أهم حدث وطني منذ سنتين في حين يرى البعض الاخر في اضراب قادة التقدمي حدثا سياسيا لايقل عنه أهمية وبالمقابل فان تقييمات السلطة ترى في احتفالية الذكرى العشرين للسابع من نوفمبر الحدث الأهم الذي ستشهده تونس بعد حوالي أسبوعين , فماهو تقييمكم لهذه الأحداث الثلاثة ومالذي ترونه أكثر أهمية بالنسبة لمستقبل البلاد ؟
لا أرى وجها لمقارنة بين الأحداث التي ذكرتها ، فهيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات هي إطار يسعى لتأكيد الحضور النضالي اليومي المشترك رغم المحاصرة و القمع ، و قد مكن منتدى الحوار الفكري من إزالة الكثير من التوجس و سوء الفهم بين أطراف العمل المشترك و لكن الطريق لا يزال طويلا ..غير أن الحوار يبقى هو السبيل الوحيد لتصويب التمشي أو تدارك الأخطاء ..
ولا شك أن إضراب الجوع قد توج بكسب سياسي و معنوي لقادة الحزب الديمقراطي التقدمي و جميع مسانديهم , قد يكون من المتأكد تدعيمه و استثماره في إطار العمل المشترك بين مكونات هيئة 18 أكتوبر ..
بقي حدث الذكرى 20 لوصول الرئيس الحالي للسلطة ، و ما يعنيني بخصوصه هو الإجابة عن سؤالين : بعد عشريتين كاملتين، هل حققنا تقدما على طريق الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان ؟
هل من دور الأحزاب و الجمعيات و القوى الحية في المجتمع أن تنتظر المناسبات الرسمية و الأعياد الوطنية حابسة أنفاسها تمني النفس بعطية أو منحة ..أم أن دورها هو النضال بلا هوادة و في كل الظروف حتى تحقيق التغيير بوسائل مدنية و سلمية ؟

فيما يخص الحوارات الدائرة داخل فضاء منتدى 18 أكتوبر للحقوق والحريات , هل ثمة اجماع حقيقي حول ماطرح فيه من قضايا , أم أن الأمر غلبت عليه البراغماتية السياسية ورهانات اللحظة التي تعيشها تونس وضغوطات بعض التيارات السياسية المشاركة في الهيئة ؟
ما أثير مؤخرا حول نشاط منتدى 18 أكتوبر يستدعي بعض التدقيق ، فالحوار الفكري ليس انحرافا بمسار الهيئة من النضال الحقوقي و السياسي إلى الجدل الإيديولوجي ، فمنذ التأسيس اتفق الجميع على توازي الفعل النضالي مع الحوار الفكري و السياسي ، و كان الوصول إلى إنجاز ما سمي ب " العهد الديمقراطي " هدفا قابلا للتحقيق ، فهدف الحوار سياسي لا إيديولوجي و لم يحدد توحيد المرجعيات و لا الهويات هدفا له ،فضلا عن أن الأمر لا يتعلق بإجماع و لا حتى بأغلبيات ، بل بتوافق على قواسم مشتركة وأرضية دنيا تشكل قاعدة للإلتقاء لا تلغي الفوارق و لا الخصوصيات و لا خوف منها على هوية أي طرف أو على طرافة برامجه و تأصلها ، ومن الطريف أن من يتتبع ما يكتب نقدا أو انتقادا لمسار الحوار يجد أن هذه الكتابات هي التي تثير قضايا فكرية و إيديولوجية و تغوص في جزئيات فقهية و الحال أن مدار الحوار هو النقاش السياسي سعيا للوصول إلى أرضية سياسية ، وفي رأيي فإن مجرد إدارة الحوار يشكل في حد ذاته نضالا من أجل فرض حق التجمع و العمل السياسي و حق إبداء الرأي في الشأن الوطني ،
أما عن الضغوطات فلا أدري من هو المتهم بالرضوخ لها و هل من مقابل لهذه التنازلات المفترضة ..! ، مخطئ من يظن أن الأكثر انفتاحا على الحوار هو الأكثر استعدادا للتنازل و أن رافضيه هم حماة النقاوة الإيديولوجية و سدنة الهوية المشتركة ..
حتما لكل عمل بشري نقائصه ، و لئن كان لمنتقدي نتائج الحوار العذر في التوجس من مآلاته فلا مبرر للمصادرة على المطلوب ولا لإعفائهم من التقيد بآداب الحوار و تجنب محاكمة النوايا و التفتيش في الضمائر .
هل مازلتم تعتقدون في تماسك حركة 18 أكتوبر كجسر لاحداث فتحة في الفضاء السياسي العام أم أن صلاحيات هذا المشروع ستندثر مع انفراجة تحدثها حسابات ومصالح السلطة بعد قرابة أسبوعين ,أو ربما أكثر في حالة تأخر الاستجابة للضغط النخبوي والقلق العام تجاه وضع الحريات ؟
لا أدري إن كانت حركة 18 أكتوبرتمثل جسرا أم لا ، و لكن ما أعتقده أن الوضع السياسي ينطوي على تعقيدات كثيرة تجعل من الحالة التونسية مثالا فريدا من نوعه لا فقط لرفض السلطة أي انفتاح أو إصلاح بل لضعف النخبة و عدم قدرتها ( أو رغبتها )على القيام بدورها في ممارسة الضغط الذي تتحدثون عنه ، أما عن'' القلق العام تجاه وضع الحريات'' فبعض الأنظمة في أمريكا اللاتينية مثلا تتعايش مع تمرد مسلح عمره سنوات طويلة أفيُعيي نظامنا أن يتعايش مع هذا القلق سبعين أو ثمانين سنة ..!؟
حركة 18 أكتوبر تطمح للتطور من خلال مراكمة التجربة و الخبرة و عبر مواصلة الحوار و لتشكيل قوة سياسية تناضل من أجل نقلة ديمقراطية حقيقية ..ولكن من السابق لأوانه الحديث عن جبهة أو تحالف فمجرد بقاء الهيئة محافظة على تماسكها منذ أكثر من سنتين مؤشر إيجابي رغم المعاول المسلطة عليها دون هوادة ورغم الظروف الصعبة لبعض الأطراف داخلها .
أستاذ سمير، الكل يعلم بما استجد من خلافات حقيقية داخل هياكل الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي تشغلون مهمة كاتبها العام ,فهل تعطينا فكرة شفافة حول حقيقة ماحدث داخل الجمعية ؟
شكلت لجنة للتحقيق في ما حدث و قد أعدت تقريرا ، لم تر الهيئة المديرة ضرورة لنشره حاليا ، و لو كان في العودة إلى الماضي فائدة لعرضت ما حصل بالتفصيل دون تجن على أحد و لا هروب من النقد الذاتي حيث يجب ، و لكن الأجدى هو التوجه للمستقبل و الإستفادة مما حصل لتعزيز الإلتزام بالتسيير الديمقراطي بعيدا عن الشخصنة و الإنفراد بالقرار ، و هو ما نحاول تكريسه حاليا .
كيف ترون مستقبل الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين في صورة مااذا أقدمت السلطة على اخلاء سبيل كل من تبقى من معتقلي الرأي ؟, هل ثمة موجب بعدها للابقاء على مناشط الجمعية أم أنكم ستفكرون بعدها في استحداث فضاء حقوقي جديد أو في النضال داخلها من أجل استرجاع الحقوق المدنية والدستورية للمفرج عنهم ؟
جمعيتنا ليست مختصة حصريا في الدفاع عن مساجين حركة النهضة ، و أتساءل بدوري : هل توقفت المحاكمات السياسية منذ رحيل الإستعمار المباشر ؟ و هل من مؤشر جدي على أنها ستتوقف ؟
من يتبنى قضية الشبان الذين يوقفون لشبهة التفكير في الإلتحاق بالمقاومة العراقية ، و يعذبون و يحاكمون محاكمات غير عادلة ثم يسجنون في ظروف مأساوية ؟
من للمسرّحين المحرومين من الشغل و الدراسة و التداوي و السفر و التنقّل ؟
بكل صدق ، نجتهد لكي نكون في خدمة هؤلاء جميعا ، ولكي نمرّر المشعل ، في أفضل الظروف الممكنة لجيل يجد جمعيتنا أقوى و أنجع .
و فضلا عن كل ذلك فجمعيتنا دولية بمعنيين : أولهما أن العضوية فيها ليست مقصورة على التونسيين داخل الوطن أو خارجه ، فلدينا أعضاء من أوروبا و كندا و من اليمن وننظر قريبا في مطالب عضوية من فلسطين ..كما أننا نسعى تدريجيا للإهتمام بالسجناء السياسيين خارج تونس ..ولكن ذلك مرتبط مرتبط بتطور الأوضاع في البلاد ، وللأسف فنسق الإعتقالات يتسارع ، و المحاكمات تكاد تكون يومية ..و التعذيب لم يعد مقصورا على محلات الداخلية و مخافر الشرطة بل غدا واقعا يعيشه المساجين الموقوفون بموجب قانون الإرهاب وتعاين آثاره العائلات على أجساد أبنائها ولا يملك المحامون إزاءه إلا الإحتجاج و التشهير بالجلادين و تقديم شكايات مآلها في 99.99% من الحالات ...سلة المهملات ..! وفي الإعتداءات الفظيعة التي شهدها سجن المرناقية مؤخرا خير دليل ..
الى أين وصل مطلب العفو التشريعي العام في تونس وهل تحسون بتجند نخبوي وشعبي حقيقي من أجل هذا المطلب ؟
بصراحة ، لا وجود لما يمكن وصفه ب ( التجند النخبوي و الشعبي الحقيقي ) ، و لكن تكفي مقارنة بسيطة لنتبين أننا قطعنا شوطا طويلا في مسار سيفضي إن شاء الله إلى العفوالتشريعي العام ، فقبل سنوات كان البعض يرى في المساجين الإسلاميين ضحايا لصراع بين ..رجعيتين..! والبعض الآخر يطالب، على استحياء ، بتحسين ظروف الإعتقال ..و آخرون يتحدثون عن ..عفو إنساني ..! ولكن صمود المساجين السياسيين و عائلاتهم ، ونضالات مجموعة من ( فدائيّي حقوق الإنسان ) ..! فرضت مطلب العفو التشريعي العام بندا رئيسيا في أجندة الحركة الحقوقية و السياسية سواء عبر حركة 18 أكتوبر ،( التي كان لها الفضل في نفض الغبار عن هذا المطلب الذي أصبح شعارا لأجيال من المناضلين من مختلف المشارب الفكرية و السياسية )، أو عبر حضوره مطلبا لا يكاد يتجاهله إلا الحزب الحاكم ..
كيف ترون من منظوركم الشخصي أولويات العمل الوطني وهل مازلتم تؤمنون بعودة حركة النهضة الى الساحة السياسية أم أنكم تعتقدون في جدوى تأسيس كيان سياسي جديد يكون أكثر تجاوبا مع متطلبات المرحلة قانونيا وسياسيا وربما حتى فكريا ؟
لم ألحظ غيابا لحركة النهضة عن الساحة السياسية يبرر الحديث عن .."عودة "..، ففي أحلك سنوات حملة الإستئصال التي شنها النظام على منتسبي النهضة و أنصارها ، كان الإسلاميون هم الغائب الحاضر في كل المبادرات و التحالفات ..تخويفا منهم أو بهم ..، دفاعا محتشما عن حقوقهم ..أو هجوما مستميتا عليهم و تبريرا لاضطهادهم ..
أما إن كنت تقصد الحضور السياسي الرسمي بأشكاله الحزبية و التنظيمية فما أعلمه عبر وسائل الإتصال و التواصل السمعية و البصرية أن قيادة حركة النهضة و مؤسساتها موجودة بالخارج ،و لكن هل تبخر الآلاف من الذين طالتهم المحاكمات و طحنتهم السجون ؟ هل وارى التراب عشرات الآلاف من أنصار حركة النهضة ؟ أم أن المئات من كوادرها و قياداتها قد" تابوا توبة نصوحا" عن الإلتزام بقضايا وطنهم و أمّتهم و أقلعوا نهائيا عن الإهتمام بالشأن العام ؟
المتتبع للشأن الوطني يلحظ حضورا متزايدا لقيادات نهضوية بارزة في مختلف الأنشطة الحقوقية والمبادرات السياسية و الحوارات الإعلامية تماما كما هو الشأن بالنسبة للقيادات المتواجدة خارج البلاد ، وكل هذا جعل موضوع تسوية قضية تواجد التيار الإسلامي و إدماجه في الساحة السياسية حاجة ملحّة لا يجادل فيها إلا بعض المتعامين عن الواقع.. من منكري الأمرالواقع ..!
حركة النهضة هي تعبيرة عن ظاهرة اجتماعية واسعة ومتأصلة ، ولم يعرف التاريخ حالة واحدة تم فيها القضاء على ظاهرة اجتماعية بالإعتقالات أو السجن أو التعذيب أو التجاهل و إنكار الوجود..على العكس من ذلك تماما أكدت كل التجارب أن.." الأفكار كالمسامير لا يزيدها الطرق إلا رسوخا "، و تجربة " سنوات الجمر" التي شهدتها البلاد منذ بدايات التسعينات دفعت العديدين إلى وقفة تأمل و مراجعة ونقد ذاتي..، فبعض الذين تواطئوا مع السلطة في حملة التطهير السياسي نراهم اليوم يقفون في الصف المقابل ..
الفرز واضح في الساحة بين معارضة حقيقية متنوعة الخلفية الفكرية و الإيديولوجية ، تتبنى خطابا يدعو لإصلاح فعلي و تغيير حقيقي عبر التداول المدني السلمي على السلطة ، وبين فريق موالاة يتبنى خطابا .."مسؤول"ا.. يبارك و يثمّن .."العناية الموصولة" و" التمشي الرصين" و" القرارات الحكيمة " و" الخطابات المنهجية" ..
عصر الفضائيات و الإنترنيت لم يترك للغة الخشبية من مكان سوى كتب التاريخ ..و المستخفون بعقول الناس يجدفون ضد التيار ..!

كنا قد طرحنا منذ أسابيع وفي فترة تزامنت مع الاستحقاق الانتخابي في تركيا والمغرب أفكارا كثيرة في موضوع المراجعة المطلوبة من التيار الاسلامي الوسطي في تونس والمنطقة فهل اطلعتم على هذه الأفكار وهل ترون من الضرورة بمكان توسيع دائرة الاصلاح لتشمل التيارات السياسية المعارضة ؟
أبدأ من حيث انتهى سؤالكم فمن البديهي في تقديري إن خطاب المعارضة يكون مفتقدا للمصداقية إن استبطن أصحابه ممارسات السلطة القائمة و مفردات أدائها السياسي فهل من معنى لشعار التداول إذا كانت رافعوه لا يعرفونه إلا في البيانات و الخطب ؟، ،،بعض الأحزاب المعارضة تدار بأسلوب ستاليني ويعتبرها أمناؤها العامون مزرعة خاصة أو " إكرامية " شخصية منحتها لهم السلطة ..
اطلعت على كثير مما كتب حول التجارب المتعددة في التجديد و المراجعة من بينها مقال ، أحسبك تقصده ، يحمل عنوان" تونس والمنطقة و مراجعات الإسلام التجديدي" ..
وقد أصبحت أخشى على " الوسطية " من أن تصبح لفظا مستهلكا .."منضّبا" ..مندرجا ضمن خطاب دفاعي يستبطن رد شبهة التطرف .. الوسطية ليست حالة بين حالتين و لا خيارا تمليه استحقاقات آنية أو ظروف سياسية عابرة بل نظرة ترى الإسلام رسالة وسطية في الاعتقاد والعبادات والشعائر والأخلاق والتشريع.
المراجعة المطلوبة ليست مهمة تنجز ثم يصار إلى مشاغل أخرى بل جهد دؤوب لا ينقطع.. ومن قبيل رد الحقوق لأصحابها الإعتراف للتيار الإسلامي في تونس بأنه قام على صعيد النقد الذاتي العلني بما لم يقم به غيره من الأطراف ..رغم صعوبة الظروف ..ولكن الطريق لا يزال طويلا و الحوار بين الإسلاميين و بقية التيارات لا يجب أن يحجب التحديات التي يطرحها الحوار الداخلي خاصة في ظل ما تشهده الساحة الوطنية من خلط غير مسبوق ..أهم معالمه بروز ظاهرة التشيع و توسع الفكر السلفي بشقيه التقليدي و الجهادي ..و تعاظم تأثير فضائيات لا تروج بالضرورة للفكر الوسطي..أو ترغب في المراجعات و تعلي من شأن الروح النقدية ..
بصفتكم خبيرا قانونيا كيف تنظرون الى قرار المحكمة الادارية الذي أعاد النظر في المنشور مائة واثنين المانع للحجاب وهل ترون أهمية لهذا القرار من زاوية سياسية وحقوقية في ظل عدم التعرض بالطعن القانوني للمنشور 108 ؟
ينص المنشور 102 على( واجب الظهور بالهندام السّويّ الذي لا يوحي بما يعدّ تطرّفا أو خروجا عن المألوف )
..و أهمّ ما في قرار المحكمة الإدارية
( عدد 10976 بتاريخ 9 ديسمبر2006 ) اعتباره أن ذلك ( يقوم مقام التدخّل في مجال الحرّيّات الفرديّة نظرا لما يتميّز به اللباس من تعبير عن الإنتماء الحضاري و الديني و الفكري و ما يعكسه من ميولات شخصية )
و أن هذا المنشور ( يفتح للإدارة سلطة تقديرية غير محدودة ..مما قد ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية و منها حرّيّة المعتقد المضمونة دستوريا و استعماله مطية للتضييق من الحقوق و الحريات الفردية .. ) وخاصة أنه اعتبر المنشور ..مخالفا للدستور .
وعموما و بقطع النظر عما صاحب تغطية هذا الحدث من بعض التسرع ، إذ كان الأولى انتظار أن يصبح القرار باتا و غير قابل للطعن ،( و ربما انتظار البت في القضية الأصلية المرفوعة من أجل إلغاء المنشور 108) ، فإن قرار السعيدتين ( الطاعنة سعيدة العدالي و محاميتها الأستاذة سعيدة العكرمي ) هو تأكيد لما كان جميع النزهاء يردّدونه منذ سنوات طويلة و هو أن الإضطهاد الذي تتعرض له المحجبات يمثل اعتداء على دستور البلاد و على قيمها و حضارتها ووصمة عار على جبين المتورطين فيه..
أما عن الأهمية السياسية للقرار فلا شك أنه يشكل حجّة على واصفي الحجاب بالزّيّ الطّائفي و بأنه يرمز للتطرّف ..
ولكن المؤشرات الأولى لا تنبئ بأن النية تتجه لتطبيقه فقد سارعت الوزارة إلى الطعن في الحكم ..ويعلم الجميع أن السلطة لم تتعود على احترام قرارات المحكمة الإدارية وخاصة تلك التي تنصف السجناء السياسيين السابقين بالقضاء بإعادتهم إلى عملهم أو تمكينهم من جواز السفر ،
و قد حدثني أحد الزملاء أن عديد الطالبات و التلميذات أصبحن يتسلّحن بنسخة من القرار قبل مغادرة منازلهن ..و لكن المضايقات متواصلة ..و لاتزال فئة من الشعب التونسي تعامل كجالية ..لا كمواطنين كاملي الحقوق..
و في تقديري الشخصي فإن هذا القرار ليس حجة على استقلال القضاء بل على استقلالية بعض القضاة .
ماهي أهم توقعاتكم السياسية للمرحلة القادمة وهل لديكم رسالة أخيرة تودون التوجه بها الى السلطة أو الى بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي الوطني ؟
لا خبرة لي بالتوقعات ، و لا أظن الساحة السياسية التونسية تصلح مجالا للتحليل السياسي ، و مجرد الحديث عن ..حياة سياسية.. فيه الكثير من التجوّز ،فبعد انتخابات 1989 وبداية سنوات الجمر لم يبق في المجتمع المدني مؤسسة واحدة يمكن أن تمثل قوة ضغط .. تم ضرب اتحاد الشغل ، و رابطة حقوق الإنسان و الإتحاد العام التونسي للطلبة ،،، و محاصرة الأحزاب التي لم تنضو في جوقة الدعم و التأييد غير المشروط ،
ترى السلطة أن الإرادة العليا هي التي تحدد جدول الأعمال و ترسم الخيارات الكبرى ، وتمنح، وتمنع ..وتعين منافسيها في الإنتخابات.. و النسبة التي يحصلون عليها..! ، فهل يصدق عاقل أنها قد تتلقى رسائل من أحد ..!؟
كلمتي الأخيرة أوجهها للرأي العام الوطني و الدولي :
..أما آن لعبد الكريم الهاروني و إخوانه أن يغادروا زنزانات أمضوا فيها قرابة العشريتين ..!؟
أما آن للمحاكمات السياسية أن تتوقف ..؟
أما آن لنا أن نغلق ملف الإنتهاكات ، و المحاكمات ، و التعذيب.. ويتفرغ الجميع للمساهمة في مجهود التنمية و التقدم ..؟
الأستاذ سمير لكم خالص الشكر وأجزله على كل ماأوردتموه من افادات قيمة جدا في هذا الحوار راجين لكم مسيرة حقوقية وسياسية وطنية مكللة بالنجاح .
لمراسلتنا أو الاتصال بنا يرجى المكاتبة على [email protected]
-نشر على صحيفة الوسط التونسية بتاريخ 30 أكتوبر 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.