بتدخُّل من رئاسة الجمهورية، حافظ الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض على مقرِّه وسط العاصمة وتوقّف نتيجة ذلك، الإضراب عن الطعام الذي شنّته رئيسة الحزب ومدير صحيفة "الموقف"، الذي استمر 30 يوما. وبذلك، أغلِق القوس عشية الذكرى العشرين لوصول الرئيس بن علي إلى الحكم على اشتباك سياسي دفع بسفراء الاتحاد الأوروبي وسفير الولاياتالمتحدة إلى التحرك والتدخّل لدى وزارة الخارجية التونسية.. لقد كاد هذا الاشتباك أن يُلقي بظلاله على أهمِّ حدث يستعِد له النظام منذ فترة طويلة، لكن مع فكِّ الإضراب وتسوِية هذا المِلف، عاد اهتمام المراقبين وتساؤلاتهم عمّا يمكن أن يُتَّخذ من قرارات في هذه المناسبة. قبل عشرين عاما، وتحديدا في فجر اليوم السابع من نوفمبر 1987، تمّ الشروع في تنفيذ خُطة استهدفت إزاحة الرئيس الأول للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة بعد أن بلغ من العمر عتيا، ثم استمع التونسيون لأول مرة عبر موجات الإذاعة لصوت الرئيس بن علي وهو يقرأ نص بيانه الشهير. هذا البيان الذي تضمّن مُعظم تطلعات التونسيين ونُخبتهم، بعد أن أشرف النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي على الانهيار الكامل، ومنذ ذلك التاريخ، دخلت تونس في دورة جديدة دون أن تقطع مع العهد السابق. الآن، كيف يبدو المشهد بعد عَشريتين كانتا حافلتين بأحداث كبرى، تباينت التقييمات والمواقف منها وغيّرت الكثير من المعطيات؟ وماذا يمكن أن يقال عن مستقبل الحكم في تونس بعد أن تعدّدت النداءات بضرورة تحقيق التداول السلمي على السلطة؟ لقد تراوحت الكتابة عن ذلك بين مدح ممزوج ورفض بالجُملة، مِما جعل المُتابع مخيّرا بين لوحة بيضاء لا تشوبها شائبة أو سواد مُطلق لا يدعمه الواقع. ما حدث في أواخر سنة 1987، اعتُبر في ذلك الوقت أول مؤشِّر على ما ستشهده مُعظم دول المغرب العربي تِباعا من انفتاح سياسي وعاشت فعلا النّخبة التونسية حِراكا استثنائيا وزخَما سياسيا لم تعرفه من قبل. لقد فتح الرئيس بن علي لأول مرة قصر قرطاج في وجه الأحزاب والمثقفين من غير المُنتمين للحزب الدستوري الحاكم منذ استقلال البلاد عن فرنسا في مارس 1956، لكن هذا القوس سُرعان ما أغلِق بعد عامين فقط. ففي أجواء حرب الخليج الثانية، اندلعت المواجهة بين السلطة وحركة النهضة، فكان ذلك إيذانا بنهاية سريعة لفُسحة نادرة وبداية تغيير جوهري لأسلوب تعامُل النظام مع المعارضة والمجتمع المدني. لا شك في أن القيادة السياسية الجديدة للبلاد لم تكن تنوي أن تسلّم الحكم بكل بساطة لغيرها، لكنها في المقابل كانت في البداية، وقبل أن تستقِر أوضاعها نهائيا، على استعداد لتشريك أطراف عديدة في اللّعبة، بما في ذلك الإسلاميون. فالبرلمان، الذي انبثق عن انتخابات 1989، كان مرشّحا ليضُم عددا واسعا من المعارضين، من بينهم اثنين على الأقل من قياديي حركة الاتجاه الإسلامي (النهضة لاحقا)، مثل الشيخ عبد الفتاح مورو، لكن هذا السيناريو تمّ التخلي عنه بعد الخطإ الاستراتيجي الذي ارتكَبه الإسلاميون عندما نزلوا بكل ثقلهم في تلك الانتخابات فأخافوا السلطة وكل الطبقة السياسية، وخلقوا حالة استقطاب ثُنائي أدّت إلى تغيير المسار برمته. وفي هذا السياق، يصح التساؤل: لو كتب لمثل هذا السيناريو أن يتحقق، هل تؤول التجربة إلى ما آلت إليه؟ الأكيد أن تاريخ تلك المرحلة القصيرة في حاجة للكتابة والتجميع والتوثيق، لكن مُعظم الذين كانوا في موقع الحدث فضَّلوا الصمت ولا يزالون يحجمون عن تقديم الشهادة، رغم أن ما يملكونه من مُعطيات، من شأنه أن يساعد على فهم المُنعرج الذي اتخذته الأحداث فيما بعد. في فترة وجيزة لم تتجاوز سنة ونصف، تدخّلت حسابات كثيرة وتوالت أحداث صغيرة وأخرى كبيرة، أدّت في النهاية إلى خلط الأوراق وخلقت حالة من سُوء التفاهم والشك في النوايا، وبذلك، دخلت العملية السياسية برمّتها في سلسلة من ردود الفعل والمناورات، وكان هناك في داخل السلطة وفي خارجها من شجع الرئيس بن علي على افتكاك المبادرة نهائيا ووضع الجميع أمام خيار وحيد غير قابل للمناقشة أو التعديل، ولاقى ذلك قبولا من الرّجل الأول، المَيال بحكم تكوينه إلى الحزم والشؤون العملية. وقد شرح ذلك السيد الصادق شعبان (أحد أبرز منظري العهد الجديد) في كتاب له صدر في النصف الأول من التسعينات، اعتبر فيه أن "المرحلة تقتضي بأن تتحمل السلطة وحدها مسؤولية التحكم في المسار الديمقراطي لإنقاذه من قوى التطرف"، بما في ذلك أن تتولّى هي بناء المعارضة وتنظيم شؤون المجتمع المدني، وِفق تمش مرحلي يحفظ قوة الدولة الراعية للتجربة. وإذ تعتقد أوساط واسعة في صفوف النخبة بأن النظام قد أجهض بذلك مشروع الإصلاح السياسي وأفرغه من محتواه، وأن الشعارات التي رفعها في البداية كانت مجرّد مناورة، لكن هناك من يرى في المقابل بأن هذا التقييم يتضمّن الكثير من الاختزال ويبرِّئ هذه الأوساط من كل مسؤولية ويحجب أخطاء ارتكبتها من العيار الثقيل. خلافا لما كان يتوقّعه البعض، يُمكن القول بأن الرئيس بن علي لم ينجح فقط في البقاء في السلطة لمدّة عشرين عاما دون منازع، ولكنه نجح أيضا في أن يحكم البلاد بيُسر وأن يضمن حالة من الاستقرار الاجتماعي تُعتبر نادرة في تاريخ البلاد وفي المنطقة أيضا. وفي المقابل، أخفق خصومه، سواء في أن يزيحوه أو أن يشكِّلوا قوة ضغط حقيقية تُجبره على أن يأخذ وجودهم ومَطالبهم بعين الاعتبار. فحركة النهضة، التي كانت تُعتبر القوة السياسية الرئيسية في البلاد بعد الحزب الحاكم، توقّعت بأنها قادِرة على إملاء شروطها، حيث ظنّ بعض قادتها في مطلع التسعينات بأنهم، كما وفّروا المناخ المناسب لوصول بن علي إلى دفّة الرئاسة، فإنهم سيكونون قادرين على إزاحته أو تهديده، لكنهم - بعد مواجهة لم تدُم سوى بضعة أشهر - وجدوا أنفسهم خارج اللعبة تماما منذ مطلع التسعينات. أما الوجوه السياسية الرئيسية التي كان لها دور في العهد السابق أو شكّلت محور النشاط السياسي المعارض منذ أواسط السبعينات، مثل أحمد المستيري وأحمد بن صالح وغيرهم، فقد فضّلوا الانسحاب من الساحة السياسية الواحِد تِلو الآخر. ففي تصريح أدلى به الرئيس بن علي لمجلة الحوادث اللبنانية في المرحلة الأولى من تولِّيه الحكم، اعتبر أن الوجوه القديمة قد استنفدت أغراضها، وكان ذلك مؤشرا على أنه لن يسمح لهم بالعودة إلى النشاط السياسي. بالنسبة للاتحاد العام التونسي للشّغل (التنظيم النقابي الوحيد بالبلاد) الذي كان يلعب دور القوة المُوازية للسلطة والمعدّلة لجنوحها نحو التوغل، فقد حسم أمره منذ أن قبل زعيمه التاريخي الحبيب عاشور التخلّي عن قيادة الحركة النقابية، مما سمح بإنجاز مؤتمر سُوسة في ربيع 1989، الذي وضع الاتحاد على سكّة مغايرة وأعاد التحالف الاستراتيجي بين النظام والحركة النقابية. أما الساحة الطلابية التي كانت مصدر إزعاج مستمر للسلطة ومخبرا مُهما لمَد الحركات السياسية والمجتمع المدني بالكوادر الشابة والمناضلة، فقد قصم ظهرها بعد تصفِية حركة النهضة وجناحها الطلابي (الممثل في الإتحاد العام التونسي للطلبة)، في حين استمرت مجموعات أقصى اليسار تتقاتل على بقايا هيكل عظمي اسمه "الاتحاد العام لطلبة تونس". حتى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبقية مكوِّنات الحركة الحقوقية، التي وجدت نفسها نتيجة تراجع دور الأحزاب والنقابات وغياب حركة اجتماعية قوية تلعب دورا سياسيا في بعض الأحيان، فقد تعرّضت بدورها لمجموعة ضربات متتالية كادت أن تجهز عليها، لولا صمودها الرمزي. وهكذا، انهزم الجميع بالضربة القاضية ولم يبق في الساحة إلاّ سلطة، يَعتبر البعض أن قوّتها ناشئة من ضُعف الآخرين ومن انتِهاجها لسياسة أمنية قاسية، لكنها عمليا، بقيت قادرة على الاستمرار ولا تزال تشكِّل – من وِجهة نظر الكثيرين في الداخل والخارج - الضامن لتلاحم الدولة والمجتمع. يعتبر الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) أقدم وأضخم حزب في العالم، مقارنة بعدد سكان تونس، حيث تُفيد الإحصائيات الرسمية بأن أعضاءه يتجاوزون المليونين، أي خُمس الشعب التونسي على الأقل. وقد كاد هذا الحزب أن ينقرِض بعد استلام الرئيس بن علي السلطة، لولا اقتناعه فيما بعد – بفضل عدد من المقرّبين منه - بأن هذا الجهاز الضّخم المُمتد في كل أجزاء البلاد، يمكن أن يلعب دورا حاسما في تحقيق الاستمرارية ودعم النظام في مرحلته الانتقالية، لكن هناك من يعتقِد بأنه حِزب مُهيمن على أجهزة الدولة، وليس حزبا حاكما. فهو لا يصنع القرارات ولا يضع السياسيات الكبرى، وإنما هو جهاز ضخم للتّعبئة والتنفيذ. وبالرغم من أنه يحمل اسم "التجمع"، لكنه بقي خاليا من أجنحة وتيارات، عادةً ما تُميز التجمعات الحزبية. والغريب، أنه، بالرغم من وجوده في الحكم منذ أكثر من نصف قرن، إلا أنه نادرا ما خاضت كوادره نِقاشا سياسيا في العمق. التجمع الدستوري الحاكم له فضاءات ومؤسسات وعدد ضخم من الجامعيين والخبراء الذين يُفترض فيهم أن يوفِّروا الحد الأدنى من الثقافة السياسية لأعضائه، لكن مع ذلك بقي الخطاب الرسمي للحزب فقيرا ومرددا لِما تنتجه الحكومة والأجهزة الإدارية، فحتى العناصر اليسارية التي التحقت بالتجمع بحجّة أنها ستشكل إضافة على الصعيد الأيديولوجي، تبخّرت ولا يكاد يُسمع لها صوت، إلا في المناسبات التي يتجدّد فيها الاشتباك مع ظاهرة الإسلام السياسي. ويكفي القيام بمقارنة عَرَضية بين لجنة السياسات التابِعة للحزب الوطني الحاكم في مصر وبين ما يدور داخل التجمّع الدستوري الديمقراطي لكي تتّضح الأسباب التي جعلت بعض أعضائه يتساءلون همسا عن غياب السياسة في حزب حاكم أو هكذا يُفترض. خيبة أمل لا يستمر أي نظام للحكم إلا بقدر نجاحِه في المُحافظة على قاعدته الاجتماعية، وهنا يبرز العامل الأساسي الذي ضمن حالة من الاستقرار استمرّت عشريتين متتاليتين. لقد فصل النظام بين السياسة والاقتصاد، إذ استعمل في الأولى اليد المقبوضة، إلا أنه في المجال الثاني، استنجد الرئيس بن علي بأهل الخِبرة، وتابع الملفات الاقتصادية بشكل يكاد يوميا، كما تدخّل في مناسبات عديدة للتحكّم في الحِراك الاجتماعي، كُلّما انتقلت الأضواء إلى اللّون البرتقالي واقتربت من اللون الأحمر. وقد لعب التكنوقراط دورا حيويا في هذا السياق، حيث أصبحوا يشكِّلون العَمود الفِقري لمختلف الحكومات التي عيّنها بن علي منذ أواسط التسعينات. ورغم التآكل النِّسبي في القدرة الشرائية للتونسيين، إلا أن الحالة الاجتماعية للطَّبقة الوُسطى لم تبلغ درجة الأزمة الهيكلية الحادّة، مثلما حصل في السبعينات والثمانينات، فالوضع الاقتصادي تحسن، مقارنة بما كان عليه عام 1987، فنسبة النمو انتقلت من (-2%) إلى 4,6 بالمائة، كما انخفضت نسبة خدمة الدَّين من 26,3 بالمائة إلى 15,4 بالمائة وتراجعت نسبة التضخم من 8 إلى 3 بالمائة. وإذا كان البعض يُقلل من الإجراءات المصاحِبة التي اتّخذتها السلطة لإسعاف الفئات الفقيرة والمهمّشة، مثل صندوق 26/26 ويصفونها بالسطحية والديماغوجية، إلا أنها أسهمت إلى حدٍّ ما في امتصاص الشعور بالضّيم ودعمت روح الولاء للنظام لدى قطاعات من السكان، وهكذا نجح النظام في الحفاظ على قاعدته الاجتماعية العريضة طيلة الفترة الماضية، وهو ما يُفسر عدم حدوث انفجارات شعبية، مثلما حدث من قبل (في يناير 1978 أو في يناير 1984). لكن في المقابل، تُوجد خيبة أمل في صفوف الشباب الذين أقضت مضاجِعهم البطالة وامتلك الكثير منهم إحساسا بانسداد الأفق، كما أن بروز مراكز قوى موازية لأجهزة الدولة غذى الخيال الشعبي ونال من مِصداقية السلطة لدى الرأي العام، وأثار مخاوف رجال الأعمال. وإذ يسلم الكثيرون بالإنجازات التي تحقّقت على المستوى الاقتصادي، إلا أنهم يجمعون في الآن نفسه على أن الضريبة كانت عالية جدا على الصعيد السياسي ولا يجدون مُبرِّرات مُقنعة للاستمرار في ذلك. وقد ردد مسؤولون غربِيون كُثر في مناسبات متلاحقة بأن تونس تتوفّر بها كل الشروط التي تؤهِّلها لتكون نموذجا لبلد ديمقراطي، يجمع بين الاستقرار والتنمية. ماذا عن المستقبل؟ الآن، ماذا عن المستقبل؟ هل يُمكن أن يستمر النظام في الفصل بين الاقتصادي والسياسي بعد أن زالت أسباب ذلك واستنفد هذا الأسلوب في الحكم أغراضه؟ أو بتعبير آخر: كيف يمكن إعادة إحياء السياسة من جديد؟ للاقتراب من هذه الإشكالية، التي أصبحت مطروحة بإلحاح من قِبل النخبة، اتّصلت سويس إنفو بجامعيين يتمتعان بمصداقية عالية، محليا ودوليا. الأول، خبير اقتصادي لدى عديد المنظمات الدولية والإقليمية، وهو د. عزام محجوب، الذي أكّد بدوره المكاسب التي تحققت في المرحلة الماضية، مبرزا في هذا السياق أن بداية المنعرج الاقتصادي، حسب رأيه، كانت مع تبنّي برنامج الإصلاح الهيكلي في عام 1986، ولاحظ أن تونس حافظت على نَسق نُمو متواصل منذ الستينات، الذي كان ولا يزال في حدود خمسة بالمائة، وعلى نسق استثماري بنسبة 27 بالمائة، ووصف ما تم إنجازه بأنه وليد عملية تراكمية تواصلت لمدة 40 عاما، مُشيرا إلى أهمية سياسة التحكم في النمو الديموغرافي، التي انطلقت منذ الستينات لتصل نسبتها اليوم في حدود 1,5 بالمائة، ممّا حسّن بوضوح في نصيب الدخل الفردي. وأشاد الدكتور عزام محجوب بجهود الإدارة التونسية، التي تميزت بالنجاعة والاستقرار، منَوِّها بالدّور الذي لعبه كل من السيِّدين محمد الغنوشي (الوزير الأول) وتوفيق بكار (محافظ البك المركزي)، لكن في مقابل ذلك، أكد محجوب على أن تحقيق نسبة نمو أعلى في حدود 7 بالمائة لمواجهة معضلة التشغيل وتوسيع مساهمة القطاع الخاص في التنمية، يستوجبان تحسين مناخ الاستثمار، الذي يعني توفير الشفافية ومحاربة الفساد. بمعنى آخر، واستنادا على منطق اقتصادي بَحت، اعتبر الأستاذ عزام أن "تونس في حاجة مُلحة للإصلاح السياسي وتعميق الديمقراطية كشرط ضروري للحفاظ على تنمية مستديمة، ذات نسق تصاعدي، وبالتالي، إنهاء المفارقة القائمة منذ عشرين عاما، والتي تتمثل في نمو اقتصادي لم يواكِبه إصلاح سياسي". أما أستاذ الحقوق د. عياض بن عاشور، فهو بدوره يعتقد بأن النمو الاقتصادي لا يكفي وحده للشعور بالاطمئنان على مستقبل البلاد، حيث يجب العمل من وجهة نظره على توفير ما عبّر عنه المفكِّر الفرنسي (مونتيسكيو) ب "راحة بال المواطن"، وهي راحة لا تتحقّق إلا عندما يسود حكم القانون، ولا تكون القوانين خاضعة لإرادة أشخاص متنفّذين يكيفونها حسب مصالحهم، وهو إذ يؤكِّد على أهمية التقيد بالآليات الديمقراطية، مثل تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة وعدم تزوير إرادة المواطنين، لكنه يعتقد بأن ذلك هو جزء من آليات الديمقراطية، وليس روحها. إن جوهر الديمقراطية، حسب اعتقاده، يكمن في احترام الحريات الأساسية للمواطنين، وفي مقدمتها حرية التعبير وشعور المواطن بالأمان، وهو ما يقتضي "توفير مجموعة شروط، من بينها حرية الصحافة وكذلك مراقبة أجهزة الأمن، حتى لا تُصبح دولة داخل الدولة".