عبر مثقفون من حوض المتوسط اجتمعوا في الايام الاخيرة في مرسيليا عن تشكيكهم حيال فكرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بشأن اقامة اتحاد متوسطي معربين عن خشيتهم من ان تكون "فكرة جوفاء" تهدف خصوصا الى استبعاد تركيا من الاتحاد الاوروبي. وقال الفرنسي ميشيل بيرالدي المتخصص في علم الاناسة "لدينا انطباع بان هذه الفكرة اطلقت لتفادي ادماج تركيا في الاتحاد الاوروبي". وكان بيرالدي يشارك في الدورة 14 للقاءات ابن رشد في اطار مهرجان المتوسط الذي ينتهي في الاول من كانون الاول/ديسمبر. من جانبه قال زكي عائدي الاستاذ في جامعة اوروبا في بروج ان الاتحاد المتوسطي سيكون "وسيلة لاظهار انه (ساركوزي) لا يزدري" الاتراك ولتلميع صورته في الجنوب. ويرى كثير من المثقفين ان مشروع الاتحاد المتوسطي غير واقعي. وتساءل المحلل السياسي المغربي محمد طوزي "هل سيشمل هذا المشروع الدول المغاربية فقط ام سيشمل ايضا دول الشرق الاوسط وضمنها اسرائيل والاراضي الفلسطينية؟". واكد انه على الجانب الاوروبي، لا ينبغي ان تعمل فرنسا على المشروع بمفردها، مشددا على ضرورة ان "تنخرط فيه اسبانيا وايطاليا واليونان ودول شمال اوروبا". وذكر جون كلود توري مدير معهد المتوسط في مرسيليا ان الشراكة الاوروبية المتوسطية التي اطلقت في 1995 ببرشلونة تتيح لدول حوض المتوسط الجنوبي العمل مع دول الاتحاد الاوروبي. كما ان الحماس للتعاون الاوروبي المتوسطي ليس بالضرورة موضع ترحيب الجميع في اوروبا. وقال جورج تولياس مدير المؤسسة الوطنية للبحث العلمي في اثينا انه اذا كانت اسبانيا منخرطة بقوة في التعاون الاوروبي المتوسطي فان اليونان ترى انه "ليس لديها ما تكسبه" من مثل هذا التعاون. وفي الجانب الاخر من المتوسط في مصر ينظر الراي العام بارتياح لتعزيز التاثير الاوروبي في المنطقة لمواجهة الهيمنة الاميركية، بحسب باغات كوراني استاذ العلاقات الدولية في الجامعة الاميركية بالقاهرة. واتفق كافة المشاركين في الدورة على نقطة وهي وجوب ان تكون حقوق الانسان وليس فقط الاقتصاد في قلب مشروع الاتحاد المتوسطي اذا ما كان الهدف المساهمة في خفض التوتر السياسي في المنطقة. واعرب العائدي عن امله في الا يتم غض الطرف عن انتهاكات حقوق الانسان من قبل بعض انظمة المنطقة. وقال جون لوي ريفير الذي وضع مع آخرين تقريرا عن المشروع سلم الى نيكولا ساركوزي "انها آخر فرصة لربط المتوسط باوروبا (...) فرنسا المرتبطة بشدة بهذه الدول، ستجد لها انطلاقة جديدة ومكانة واوروبا ايضا". واضاف انه يجب اولا تحديد "هدف واضح للتقريب بين مستويات المعيشة كما هو الحال في الاتحاد الاوروبي" مع تخصيص امكانيات كبيرة. واشار في هذا الصدد الى ان بولندا ستتلقى في الفترة من 2007 و2013 ستين مليار يورو من صندوق تقريب مستويات المعيشة مقابل 11 مليار يورو لمجمل الشركاء المتوسطيين في اطار عملية برشلونة. وقد طرح ساركوزي فكرة اقامة "اتحاد متوسطي" يضم بلدان الاتحاد الاوروبي المتوسطية والبلدان الاخرى الواقعة في جنوب حوض البحر المتوسط. وتوفر هذه المبادرة لتركيا حلا بديلا من انضمامها الذي يعارضه ساركوزي الى الاتحاد الاوروبي.