شدد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي خلال افتتاح مؤتمر دولي حول الإرهاب على أن الحل الأمني ضروري، لكنه غير كاف لمواجهة ظاهرة الإرهاب، في وقت دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى تطبيق استراتيجية الأممالمتحدة لمواجهة الإرهاب. وقال الرئيس بن علي في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي يشارك فيه خبراء من اكثر من 20 بلدا ويستمر ثلاثة أيام، «إن أنجع علاج (لمواجهة الإرهاب) هو العلاج الوقائي الذي يبدأ بالقضاء على الأسباب الدافعة الى ظهور الارهاب والظروف المهيئة لانتشاره». وأضاف ان ذلك يكون «بالاعتماد أساساً على تطوير حياة الإنسان اليومية نحو الافضل، وذلك بنشر التعليم والثقافة والنهوض بأوضاع المرأة والشباب وتكريس حقوق الانسان وتوسيع مجالات الاستشارة والمشاركة ومكافحة الفقر». واعتبر الرئيس التونسي ان الحل الأمني لمواجهة الارهاب ضروري لكنه غير كاف. وقال يجب ان «لا نقابل العنف بالعنف وأن لا نعتمد كليا على الحلول الأمنية التي تبقى ضرورية لكنها غير كافية». كما اعتبر أن «الجماعات الارهابية المحسوبة على الاسلام، والتي هي بصدد إلحاق افدح الاساءات بالاسلام والمسلمين لا تمثل ديننا الحنيف في شيء، اذ هي ظاهرة شاذة افرزتها ظروف معينة في المجتمعات العربية والاسلامية وستزول بزوال هذه الظروف»، وقال ان الدين الاسلامي لا علاقة له بالتطرف والعنف والارهاب، لانه دين وسطية وسلام وحوار وتسامح. من جانبه، دعا كي مون في افتتاح المؤتمر الى تطبيق استراتيجية الاممالمتحدة لمكافحة الارهاب، وقال انه ينتظر «نتائج ملموسة» بحلول سبتمبر (ايلول) 2008. ووصف الأمين العام للامم المتحدة الاستراتيجية التي تبنتها الاممالمتحدة في سبتمبر 2006 ب«المنعطف الحاسم». واشار الى انها المرة الاولى التي تلتقي فيها 192 دولة عضوا في الاممالمتحدة حول «خطة مفصلة وجماعية ومصادق عليها في المستوى الحكومي لدحر الارهاب». واضاف أن كي مون الذي تناول الكلام قبل الرئيس بن علي راعي المؤتمر، ان المجتمع الدولي متفق في الوقت نفسه على «وجود ظروف ملائمة لانتشار الارهاب» وعلى ضرورة التصدي لها. واوضح ان بين هذه الشروط النزاعات القائمة بلا حلول وغياب دولة القانون وانتهاكات حقوق الانسان والتمييز العرقي والقومي والديني والتهميش السياسي والاجتماعي والاقتصادي وغياب الحكم الرشيد. واكد كي مون «ان الارهاب لا يمكن تبريره أبدا سواء انطلاقا من دوافع سياسية او فلسفية او عقائدية او عنصرية او عرقية او دينية او بموجب اي سبب آخر مهما يكن»، داعيا العالم باسره الى الدفاع عن «هذه الرسالة المهمة». واضاف: «حين ندافع عن حقوق الانسان وحين نكافح الفقر والتهميش، نحن نتحرك مع الاقتناع بان هذه الانشطة تنطوي على قيم في حد ذاتها ويجب ان تنجز لذاتها». وتابع «نحن نكافح ايضا الارهاب من خلال تصدينا لهذه الظروف ذاتها التي تشجع» الارهاب. ودعا الامين العام الى تقاسم المعلومات على المستوى العالمي والى اشراك المنظمات الاقليمية «في الجهد العالمي لمكافحة الارهاب». واعتبر كي مون ان المؤتمر الذي يعقد في تونس بالتعاون مع منظمة المؤتمر الاسلامي والمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) يوفر للمشاركين «امكانية دفع تطبيق الاستراتيجية الدولية لمكافحة الارهاب». من جهته، اكد الدكتور عبد العزيز التويجري، المدير العام للايسيسكو أن الإرهاب ظاهرة اجرامية واعتداء على القيم الانسانية لا علاقة لها بالدين والثقافة، وانه لا يجوز بأي حال من الاحوال، نعت اي ديانة او ثقافة بالعنف، او التحريض على الارهاب، الذي قال انه من اشد الاخطار التي تهدد السلم والامن الدوليين، والذي يتطلب تضافر الجهود الدولية والاقليمية لمواجهته، بعمل متناسق يراعي احترام حقوق الانسان والجوانب الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية المؤدية الى تفشي هذه الظاهرة، مشيرا الى ان الحل الامني، وحده غير قادر على الحد منه، بل ساهم في تفاقمه. وقال ان اشتراك الايسيسكو في عقد هذا المؤتمر، يؤكد اهمية دورها في تعزيز الحوار بين الاديان والحضارات والثقافات، كما يؤكد اهمية العمل من اجل ايجاد المناخ الملائم لتعزيز التعاون والتفاهم ونشر قيم التسامح وثقافة السلام، والاسهام في الجهود الدولية لمكافحة مختلف مظاهر التطرف والغلو، من خلال مبادرات واقعية وملموسة. واشار التويجري الى ان ثقافة السلام تتطلب الاحترام المتبادل والالتزام بالقيم والمبادئ الانسانية التي تشترك فيها الثقافات والحضارات، والتي تحول دون الوقوع في الصدام واعتناق الافكار التي تؤجج الصراع وتصطنع المواجهة وتفتعل الحقد والكراهية، وتشيع الصور النمطية المسيئة للاديان وللثقافات والحضارات. وقال التويجري ان تعزيز الحوار الجاد والمتكافئ بين مختلف الاديان والحضارات، دفاعا عن القيم الانسانية المشتركة ومبادئ السلام وحقوق الانسان والتسامح والمواطنة والديمقراطية والتربية من اجل مكافحة الارهاب، من اهم اولويات الايسيسكو، وهي قيم ومبادئ تشكل جزءا لا يتجزأ من التعليم الجيد التي تسعى المنظمة الاسلامية الى تحقيقه في الدول الاعضاء، وتدعو الى تبنيه من قبل دول العالم أجمع. وكان التويجري قد أجرى محادثات مع كي مون بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي حول الإرهاب. وذكر بيان لمنظمة الإيسيسكو، أن الجانبين تناولا، خلال اللقاء، قضايا الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، وتعزيز جهود المجتمع الدولي في سبيل نشر ثقافة السلام من خلال التعليم الجيد ودور الأممالمتحدة والمنظمات الدولية المهتمة، ومنها الإيسيسكو، في هذا المجال. وقدم التويجري، خلال اللقاء، للأمين العام للأمم المتحدة «وسام الإيسيسكو» الذهبي، تقديراً لجهوده في تعزيز ثقافة السلام ونشر قيم الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات.