حقّقت تونس خلال عام 2007 طفرة نوعية وكمّية في جذب الاستثمارات الخليجية، مما يدفع بالحكومة التونسية الى التخطيط لإقامة مشاريع جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، تراوح تكلفتها الاجمالية ما بين 50 و60 مليار دولار. وبدأت الاستثمارات الإماراتية تتدفّق على تونس عندما فازت شركة «تيكوم ديج»، التابعة لشركة دبي القابضة بصفقة شراء 35 % من رأسمال مؤسّسة «اتصالات تونس»، التي بلغت قيمتها 2.82 مليار دولار. ثم أعلنت مجموعة «بو خاطر» الإماراتية أنها ستنفّذ مشروعاً لإقامة مدينة سكنيّة وترفيهية ورياضية متكاملة على ضفاف بحيرة تونس الشمالية، باستثمارات تقدّر بنحو 5 مليارات دولار، كما خطّطت شركتا «الدار العقارية» و«صروح العقارية» الإماراتيتان، لاستثمار نحو 5.5 مليارات دولار، لتطوير ضاحية أخرى من ضواحي تونس العاصمة، من خلال مشروع سياحي وإسكاني يتوقّع أن تتجاوز قيمته النهائية 11 مليار دولار. أما مشروع «تونس باب المتوسط»، فيعتبر أبرز المشاريع الاستثمارية الاماراتية في تونس وأهمها، ويوصف هذا المشروع الذي ستنفّذه مؤسّسة «سما دبي»، باستثمارات قدّرت بنحو 14 مليار دولار، بأنّه «مشروع القرن». ومن ناحية أخرى، أعلن «بيت التمويل الخليجي» البحراني عن رصده نحو 3 مليارات دولار لبناء «مرفأ تونس المالي الدولي» في الضاحية الشمالية، والذي يضمّ مركزاً للتداول، وآخر خاصّاً بشركات التأمين، وثالثاً للبنوك غير المقيمة، بالاضافة الى مركز للشركات الاستشارية المالية. بدورهم، أعرب السعوديون عن استعدادهم لزيادة حجم استثماراتهم في تونس خلال المرحلة المقبلة، فيما وقّعت قطر مع تونس على مذكرة تفاهم لإنشاء مصفاة لتكرير النفط في منطقة الصخيرة على بعد 320 كلم، جنوب العاصمة التونسية، باستثمارات قدّرت بنحو ملياري دولار. وأرجعت مصادر اقتصادية عربية تدفّق الاستثمارات الخليجية على تونس الى عدة أسباب منها: النموّ الملحوظ الذي حقّقه الاقتصاد التونسي، والاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي في البلاد الذي ساهم في تطوير المناخ الاستثماري في البلاد. وسجّلت تونس مؤشّرات اقتصادية مهمّة بحسب صندوق النقد العربي الذي أشار في وقت سابق الى أن معدّل النموّ الاقتصادي ارتفع خلال العام الجاري، الى 6.2 % مقابل 5.5 % في العام الماضي. وساهمت هذه المؤشّرات في جعل تونس تحتل المرتبة الأولى أفريقيّاً وعربيّاً، والثلاثين عالمياً على مستوى القدرة التنافسية، حسب تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس لفترة 2006 2007، والمرتبة الأولى في أفريقيا والمرتبة 39 على الصعيد العالمي في تصنيف الدول الأكثر سلاماً واستقراراً، حسب مؤشّر السلم العالمي للعام 2007. كما صنّفت تونس، بحسب التقرير العالمي لدافوس حول التكنولوجيات الحديثة للعام 2007، في المرتبة الأولى أفريقياً والمرتبة 35 عالمياً من أصل 122 دولة، والمرتبة 17 في مجال انطلاق المشاريع الاقتصادية في آجال تنافسية. وتخطّط الحكومة التونسية لاستقطاب استثمارات بنحو 45.5 مليار دولار لتمويل مشاريع مدرجة في خطتها التنموية الخماسية (2007 2011)، كما تتطلع الى اجتذاب المزيد من الاستثمارات الخارجية، منها 6 مليارات دولار على شكل استثمارات مباشرة، و9.8 مليارات دولار في إطار علاقات التعاون والشراكة مع بعض الدول العربية والأجنبية والمؤسّسات المالية الإقليمية والدولية.