قرّر المكتب التّنفيذي للإتّحاد الدّولي للقضاة عقد اجتماع خلال شهر فيفري المقبل مع أعضاء من المكتب الشّرعي لجمعيّة القضاة يتكوّن من 3 أفراد ورئيس المكتب القاضي أحمد الرّحموني وعضوتين أخرتين. وسيمثّل المنظّمة الدوليّة للقضاة عضو من المكتب التّنفيذي والسيّدة فاطوما توديالاتا رئيسة المجموعة الإفريقية بالمنظّمة. هذه الدعوة جاءت لتؤكّد أنّ المكتب الشّرعي لجمعيّة القضاة المنتخب خلال المؤتمر الخامس للجمعيّة لا يزال يحظى دوليّا بشرعيّة ومصداقيّة واحترام. كما تؤكّد أنّ ملفّ الجمعيّة التّونسيّة للقضاة لا يزال تحت الدّرس على مستوى الإتّحاد الدوليّ للقضاة. السّؤال المطروح يتعلّق بمعرفة ما إذا ستسمح وزارة العدل لأعضاء الوفد بالسّفر إلى روما أم ستعمل على وضع عراقيل تحول دون سفرهم؟ وهل أنّ منع أعضاء المكتب الشّرعي من التّنقل إلى روما لبسط وجهة نظره على هياكل الاتحاد للقضاة موقف صائب؟ ألا يعكس ضعف حجج من سيتّخذه؟ وللتّذكير فإنّ أعضاء المكتب الشّرعي ما انفكّوا يتشبثّون برفض تدخّل أطراف حكوميّة أجنبيّة ومنها السّفارة الأمريكيّة في موضوع الجمعيّة. لا يمكن لنا إلاّ أن نثمّن هذا الموقف الثّابت والحكيم وتمسكّهم بحقّهم في طرح قضيّتهم على الرّأي العامّ الوطنيّ التّونسيّ وعلى منابر الجمعيّات الحقوقيّة وهياكل الإتّحاد العامّ التّونسي للشّغل كما نثمّن تمسّكهم بحقّهم في إيصال أصواتهم مباشرة أو بواسطة أشخاص أثبتوا مصداقيّتهم إلى منظّمتهم الدوليّة. إنّ المنع المحتمل لسفر أعضاء المكتب الشّرعي إلى روما سيؤكّد عدم حياد الإدارة في قضيّة الجمعيّة، وسيؤكّد كذلك أنّ الأزمة التي تعاني منها ليست داخليّة. 2) عقدت جمعيّة القضاة التي يسيّرها المكتب التّنفيذي المنبثق عن المؤتمر الإستثنائي في 04/12/2006 (وهو مؤتمر لم يكن محترما للنّظام الأساسي للجمعيّة) جلسة عامّة خلال شهر ديسمبر 2007 بنادي القضاة بسكرة. خلال هذه الجلسة العامّة التي كان من المفروض أن تكون اخباريّة استغلّها بعض الحاضرين لشنّ حملة تشهيريّة بزملائهم أعضاء المكتب الشرعيّ المنبثق عن المؤتمر العاشر للجمعيّة بسبب توجيه هؤلاء رسالة مفتوحة لأعضاء مجلس النوّاب تناولت أزمة الجمعية. ولم يقف الأمر عند التّشهير بل وصل الأمر بالبعض إلى مطالبة الوزارة بإحالتهم على مجلس التّأديب وعزلهم (هكذا !). لسائل أن يتساءل، لماذا تطالب وزارة العدل وهي ليست سلطة إشراف على السّلطة القضائيّة، بحسم الخلاف بين أعضاء الجمعيّة وبطريقة زجريّة أي بواسطة العزل؟ وإذا كان المكتب الشّرعي يمثّل أقليّة معزولة حقيقيّة كما جاء في بيان صحفيّ صدر عن تلك الجلسة العامّة فلماذا كل هذا التّشنذج والمطالبة بطرد أعضاء المكتب الشّرعي المتمسّكين بشرعيّتهم من سلك القضاء؟ يبدو أنّ الجوقة التي عزفت سنفونيّة الطّرد قد ضاقت ذرعا بصمود أعضاء المكتب الشّرعي حيال كلّ المضايقات التي يتعرّضون إليها باستمرار وحيال قرارات النّقل التعسّفية التي طالتهم وألحقت بهم أضرارا معنويّة وماديّة كبيرة وعلى رأسها ابعاد قاضيات عن أزواجهنّ وأبنائهنّ. هذا الصّمود والإصرار على الدّفاع عن الثّوابت والمبادئ يقلق من فرّط في استقلالية الجمعيّة. ولكنّه مصدر فخر واعتزاز لكلّ أحرار هذا البلد خاصّة لأنّ عنوانه بالأساس هو قضاة من النّساء يكتبن الآن السّطور الخالدة في الملحمة النّضاليّة من أجل استقلال القضاء وفي ملحمة نضال النّساء التّونسيّات من أجل الحريّة والمساواة الفعليّة لذا يعتقد أنه يجب على الحركة الدّيمقراطيّة والتّقدميّة أن تواصل مساندتها لأعضاء المكتب الشّرعي وتطالب السّلطة التّنفيذيّة بوضع حدّ للنّقل التّأديبيّة التي طالتهم، واحترام المعايير الدّوليّة الخاصّة باستقلال القضاء.