كتبت… كتبت… فلم يبق حرف… وصفت… وصفت… فلم يكف وصف… أقول ،إذا، بإختصار وأمضي… نساء بلادي نساء و نصف… غير هذه الأبيات لشاعر البلاد الصغير أولاد حمد لن توفي المرأة التّونسيّة حقّها و خاصة في يوم عيدها. المرأة التّونسيّة، الكادحة و العاملة… المتألقة في مجالات عديدة… المرأة التّونسيّة المجاهدة و المناضلة، التي تستيقظ منذ الدّقائق الأولى من شروق الشّمس لتسعى في سبيل لقمة العيش. هي أمثلة عديدة من الأستاذة إلى عاملة النّظافة إلى الطّبيبة إلى الفلاحة إلى المهندسة إلى النّادلة…حقا إنّ نساء بلادي نساء و نصف. عند رأيتهنّ في الحقول يسعين وراء لقمة العيش يعجز القلم عن خطّ كلمات تفيهنّ حقّهنّ… معانات يوميّة لإعانة عائلتها و الوقوف بجانب والديها العجوزين، هذا ما قالته لنا مريم في أحد حقول العنب بمرناق، بوجه خجول و بارتباك كبير من عدسة الكاميرا تكلّمت مريم عن نضالها اليومي هي و عديد النسوة اللاتي تتخذن من مهنة جني العنب مورد رزقها الوحيد. عزيمة و بذل و عطاء يتجلى في أسمى معانيه في عين مريم… الوقوف لمدّة 8 ساعات لتقليم أوراق ثمار العنب حتى تصلها أشعّة الشّمس و تنضج ..فالحرص على أن تكون هذه الثّمرة حلوة المذاق ليس بالأمر السهل لهنّ، وهي عملية مضنية تسبق جني عناقيد العنب التى تعرض في السوق و تباع فيما بعد. تحت أشعّت هذه الشّمس الحارقة تجاهد النّسوة من أجل أجرة زهيدة لا تتعدى بعض الدّينارات في اليوم. بأعين مليئة بالتفاؤل و الأمل في غد أفضل ترغب مريم في تطوير نفسها و تحقيق أحلامها. غير بعيد عن مزرعة العنب تنقّلت تونس الرّقمية إلى امرأة فلّاحة أخرى تمتهن تربيّة الأبقار و بيع الحليب… هي الأخرى تجعل من مهنة الفلاّحة عائلها الوحيد لإعانة زوجها و إثبات ذاته دون طلب المساعدة من أحد. تحدّثت الخالة منيرة عن حالتها الاجتماعيّة المتدهورة و ضعف مردوديّة هذا العمل الفلاحي خاصة و أنّها لم ترزق بأطفال يعينونها على مشقّة الحياة ويخففون عنها وطأة تقدّمها في السّن. و بكلّ شموخ و حمد للّه أخبرتنا الخالة منيرة عن كلّ تفاصيل يومها و اهتمامها ببقراتها و تكبّدها مصاريف شاقة لشراء العلف و مداواة حيواناتها التي تدر عليها كميّة لا بأس بها من الحليب توفّر لها و زوجها قوت يومهما. هذه حال المرأة التّونسيّة الكادحة المثابرة التي لا تتخذ من المنابر الإعلاميّة وسيلة لها لتظهر خطابها بل تتخذ من الأعمال الشّاقة طريقها لإثبات ذاتها، فعيدها بلا طعم لاسيما بسبب تجاهلها واعتبارها مجرد خزان انتخابي يهرع إليه كل الساسة عند كل استحقاق انتخابي… علاوة على اتخاذهم من حرّية المرأة و حقوقها بوقا دعائيا لا غير ..