عقد قادة الدول الأوروبية الكبرى اجتماعًا طارئًا في باريس، أمس الاثنين، بهدف تنسيق المواقف إزاء المستجدات في الملف الأوكراني، وذلك بعد أن أثار الحوار بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين استياء العواصم الأوروبية. ورغم التوافق على ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية للقارة، ظهر تباين في المواقف بشأن إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا. مخاوف أوروبية من تغير الموقف الأمريكي أثار الاتصال بين ترامب وبوتين قلق القادة الأوروبيين، إذ بدا أن واشنطن تتجه نحو تفاوض مباشر مع موسكو بعيدًا عن الأوروبيين، وهو ما أكده المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوغ الذي صرح بأن الولاياتالمتحدة لا ترغب في مشاركة أوروبا على طاولة المفاوضات. هذا التحول دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدعوة العاجلة لقمة مصغرة ضمّت نحو عشرة زعماء أوروبيين، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك. تأكيد أوروبي على دعم أوكرانيا خلال الاجتماع الذي استمر أكثر من ثلاث ساعات، شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على ضرورة دعم أوكرانيا، مؤكدة أن "السلام العادل يجب أن يحترم استقلالها وسيادتها". كما أشار المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أهمية "مواصلة العمل معًا" لضمان أمن القارة الأوروبية. رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن حذّرت من أن "روسيا باتت تهدد أوروبا بأسرها"، معربة عن مخاوفها من أن يؤدي وقف سريع لإطلاق النار إلى إعطاء موسكو فرصة جديدة لإعادة ترتيب صفوفها وشن هجمات أخرى. خلاف حول إرسال قوات حفظ سلام رغم التوافق حول تعزيز الدفاعات الأوروبية، ظهر خلاف بشأن إمكانية نشر قوات أوروبية في أوكرانيا لضمان استقرار الوضع بعد أي اتفاق سلام محتمل. ففي حين أبدت بريطانيا والسويد استعدادًا لإرسال قوات، رأى شولتس أن هذا النقاش "سابق لأوانه"، فيما أكد توسك أن بولندا لن ترسل جنودًا إلى أوكرانيا. في السياق نفسه، دعا ستارمر الولاياتالمتحدة إلى تقديم "ضمان أمني" لأوكرانيا، معتبرًا أن هذا هو السبيل الوحيد لمنع روسيا من شن هجوم جديد. مرحلة جديدة في العلاقات عبر الأطلسي أجمع القادة المشاركون على أن العلاقة بين أوروبا والولاياتالمتحدة دخلت "مرحلة جديدة"، في ظل تباين الرؤى حول كيفية التعامل مع الحرب في أوكرانيا. بالمقابل، انتقدت المجر، التي لم تتم دعوتها للقمة، القادة الأوروبيين ووصفتهم ب"المحبطين المؤيدين للحرب"، في إشارة إلى موقفها الداعم لنهج ترامب في التعامل مع الملف الأوكراني. تعكس قمة باريس حالة التوتر والتباين داخل المعسكر الغربي بشأن الملف الأوكراني، فبينما تسعى أوروبا إلى تعزيز استقلالها الاستراتيجي، تواجه تحديات في توحيد مواقفها، خاصة مع تغير الاستراتيجية الأمريكية. في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح أوروبا في صياغة رؤية موحدة تحمي أمنها القومي وتضمن الاستقرار في أوكرانيا؟