يُعدّ شح الموارد المائية من أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول، خاصة تلك التي تعاني من المناخ الجاف وشبه الجاف. وفي ظل تزايد الطلب على المياه بسبب النمو السكاني والتوسع العمراني والصناعي، أصبحت محطات التطهير تلعب دورًا استراتيجيًا في توفير مورد بديل ومستدام. فتكرير مياه الصرف الصحي ومعالجتها وفق المعايير القانونية يسمح بإعادة استخدامها في مجالات مختلفة، مما يخفف الضغط على المياه الصالحة للشراب ويحافظ على التوازن البيئي. دور محطات التطهير في توفير المياه المعالجة تساهم محطات التطهير في معالجة مياه الصرف الصحي وجعلها صالحة للاستعمال في قطاعات متعددة، مثل الفلاحة والصناعة. وفي هذا السياق، أكد المدير الجهوي للديوان الوطني للتطهير بقفصة، قليعي الصالح، أن محطة التطهير بالعقيلة توفر يوميًا ما لا يقل عن 14 ألف متر مكعب من المياه المعالجة وفق المواصفات القانونية. ويتم استغلال 4 آلاف متر مكعب منها حاليًا في المجال الفلاحي، بينما يُنتظر إبرام اتفاقية مع المجمع الكيميائي التونسي بالمظيلة لتوفير 7 آلاف متر مكعب يوميًا لاستخدامها في غسل الفسفاط. إعادة استخدام المياه المعالجة: خيار استراتيجي لمواجهة الشح المائي مع تزايد ندرة المياه، أصبح من الضروري البحث عن حلول بديلة تضمن استدامة الموارد المائية. وفي هذا الإطار، تناول رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال لقائه بوزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، فاطمة ثابت حرم شيبوب، أهمية قطاع الفسفاط وضرورة وضع استراتيجية جديدة تعتمد على استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة بدلًا من المياه الصالحة للشراب في عمليات غسل الفسفاط. وأكد الرئيس أن هذا التوجه أثبت نجاحه في العديد من الدول، حيث يسمح بالاقتصاد في المياه الصالحة للشرب وتوجيهها إلى الاستخدامات المنزلية والاستهلاك البشري. فوائد إعادة استخدام المياه المعالجة يوفر استخدام المياه المعالجة فوائد متعددة، أبرزها: – المحافظة على الموارد المائية العذبة من خلال تقليل الاستهلاك العشوائي. – دعم القطاع الفلاحي عبر توفير مياه بديلة للري، مما يعزز الإنتاج الزراعي. – تحقيق التنمية الصناعية المستدامة عبر استخدام المياه المعالجة في الصناعات التي تتطلب كميات كبيرة من المياه، مثل قطاع الفسفاط. – حماية البيئة عبر تقليل تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى الأودية والبحار، مما يحدّ من التلوث. تمثل محطات التطهير أحد الحلول الناجعة لمواجهة أزمة المياه، خاصة في ظل التغيرات المناخية وزيادة الطلب على المياه الصالحة للشرب. واعتماد سياسات جديدة تهدف إلى توسيع نطاق استخدام المياه المعالجة، كما هو الحال في غسل الفسفاط، يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الاقتصاد في الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة. لذا، فإن الاستثمار في تطوير هذه المحطات وتعزيز تقنيات المعالجة يمثل خطوة ضرورية للحفاظ على الأمن المائي وضمان مستقبل أكثر استدامة.