أكدت نتائج الدورة الرئيسية لامتحان الباكالوريا التونسية لسنة 2025 الفجوة الكبيرة بين مختلف الجهات، حيث بلغ المعدل الوطني العام لنسبة النجاح حوالي 40,8%، لكن الفارق بين أفضل المندوبيات أداءً وأضعفها وصل إلى 31,22 نقطة، ما يعكس انقسامًا تربويًا مقلقًا. صفاقس تتصدر المشهد، والقصرين تتذيل الترتيب جاءت صفاقس 1 في المرتبة الأولى بنسبة نجاح بلغت 55,75% (3.256 ناجحًا من أصل 5.840 مترشحًا)، تلتها مباشرة صفاقس 2 بنسبة 54,89%، مؤكدة بذلك ريادة القطب التربوي في صفاقس. المفاجأة جاءت من مدنين التي احتلت المرتبة الثالثة بنسبة 50,75%، متقدمة على عدد من المندوبيات الساحلية. في المقابل، سجّلت القصرين أضعف نسبة نجاح في البلاد ب 24,53% (1.202 ناجح من 4.900 مترشح)، تلتها قفصة ب 28,02% وجندوبة ب 28,26%، ما يعكس الصعوبات المستمرة التي تواجهها مناطق الوسط الغربي والشمال الغربي. أما إقليم تونس الكبرى، فقد سجل نتائج تعتبر إجمالاً مرضية، حيث بلغت النسب في أريانة 47,95%، تونس 1 46,85%، بن عروس 45,72%، المنستير 45,63% وتونس 2 43,31%. أما الساحل، ممثلًا ب سوسة (46,68%)، المهدية (47,12%) والمنستير، فقد حافظ على تميّزه التربوي. وسجلت نابل نسبة 46,05%، مؤكدة مكانتها ضمن أفضل الجهات أداءً. من جهة أخرى، لا تزال مندوبيات القصرين، سيدي بوزيد (37,09%)، قفصة، باجة (33,72%) وسليانة (33,30%) عاجزة عن تجاوز عتبة ال 40%، مما يضع الشمال الغربي والوسط الغربي في صدارة الجهات المتعثرة. حتى بعض الجهات المعروفة تاريخيًا بإرثها التربوي، مثل القيروان، سجلت نتائج مخيبة ب 31,54%. عوامل بنيوية واقتصادية خلف هذا التفاوت تعود أسباب هذا التفاوت أساسًا إلى: * توفر بنى تحتية مدرسية متطورة في المناطق الساحلية؛ * القرب الجغرافي من الجامعات ومراكز التكوين؛ * جودة التأطير التربوي؛ * ظروف اجتماعية واقتصادية ملائمة. في المقابل، تعاني المناطق الداخلية من: * عزلة جغرافية؛ * نقص في الأساتذة المؤهلين؛ * صعوبات في النقل؛ * افتقار إلى تجهيزات مدرسية أساسية. الترتيب الكامل للمندوبيات الجهوية الترتيب المندوبية نسبة النجاح عدد الناجحين عدد الحاضرين 1 صفاقس 1 %55,75 3.256 5.840 2 صفاقس 2 %54,89 2.364 4.307 3 مدنين %50,75 2.519 4.964 4 أريانة %47,95 3.032 6.323 5 المهدية %47,12 1.879 3.988 6 تونس 1 %46,85 2.786 5.947 7 سوسة %46,68 3.561 7.629 8 نابل %46,05 3.969 8.618 9 بن عروس %45,72 3.604 7.883 10 المنستير %45,63 3.161 6.928 11 تونس 2 %43,31 2.355 5.437 12 قابس %41,63 1.701 4.086 13 بنزرت %40,12 2.715 6.767 14 منوبة %39,59 1.904 4.809 15 تطاوين %39,08 555 1.420 16 سيدي بوزيد %37,09 1.624 4.379 17 قبلي %36,28 754 2.078 18 باجة %33,72 1.194 3.541 19 توزر %33,42 1.002 2.998 20 سليانة %33,30 897 2.694 21 الكاف %33,24 473 1.423 22 القيروان %31,54 1.720 5.454 23 زغوان %31,19 661 2.119 24 جندوبة %28,26 1.340 4.742 25 قفصة %28,02 1.180 4.211 26 القصرين %24,53 1.202 4.900 ما العمل للحد من هذا التفاوت؟ ثمة إجراءات عاجلة يجب اتخاذها لتقليص هذا الفارق: * تعزيز التأطير التربوي في الجهات ذات النتائج الضعيفة؛ * استثمارات كبيرة في البنية التحتية التعليمية بالمناطق الداخلية؛ * توفير حوافز للأساتذة للانتقال إلى المناطق المهمشة؛ * وضع آليات دعم ومرافقة دراسية خاصة. وعلى المدى المتوسط والبعيد، من الضروري: * تطوير التعليم عن بعد؛ * اعتماد سياسات تمييز إيجابي فعالة؛ * ضمان تكافؤ الفرص في النفاذ إلى تعليم جيد. إن نتائج باكالوريا 2025 تسلط الضوء على اتساع الفجوة التربوية بين الجهات التونسية. فبينما تؤكد المناطق الساحلية ريادتها، تواصل الجهات الداخلية الركود بل وحتى التراجع. لقد حان الوقت لاعتماد استراتيجية تربوية طموحة، عادلة وشاملة، من أجل بناء تونس المعرفة، موحّدة ومتضامنة.