في سياق اقتصادي عالمي يتسم بعدم اليقين، يعد القرار الأخير لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني المؤكد للآفاق الايجابية لتطور سعر صرف الدينار التونسي إشارة مهمة في خصوص تماسك دعائم الاقتصاد الوطني. ولا يعكس هذا التقييم قوة دعائم الاقتصاد الكلي في تونس فحسب، بل يعكس أيضا قدرة البلاد على الحفاظ على الاستقرار النقدي في مواجهة الضغوط الخارجية. جهود لدعم الاقتصاد الكلي سلطت وكالة فيتش الضوء على الحوكمة الناجحة على مستوى السياسات الاقتصادية لتونس في تقرير أصدرته مؤخرا، وذلك لا سيما فيما يتعلق بالسيطرة على التضخم وإدارة رصيد ميزانية الدولة. وقد ساعد هذا النهج وفق الوكالة الدولية للتصنيف الائتماني على تعزيز ثقة المستثمرين والشركاء الدوليين، مع ضمان استقرار واضح لسعر صرف الدينار. ولعبت السياسة النقدية التي اعتمدها البنك المركزي التونسي دورا مهما في بلوغ هذه النتائج حسب التقرير حيث تم التركيز على التحكم في السيولة ودعم النمو، وهو ما شكل عنصرا حاسما في هذه الديناميكية الإيجابية. وبالإضافة إلى ذلك، ساعد الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي على الحد من تقلب سعر صرف العملة الوطنية، وهو عامل رئيسي في النظرة الإيجابية لأسواق الصرف. الإصلاحات الهيكلية وبعيدا عن مؤشرات الاقتصاد الكلي، أخذت وكالة فيتش في الاعتبار الإصلاحات الهيكلية التي قامت بها تونس لتنويع اقتصادها وتعزيز جاذبيتها اذ جرى التنويه بدور هذا التمشي في المساعدة على تحسين مناخ الأعمال وتحديث البنية التحتية وتطوير قطاعات التصدير بما يدعم خلق بيئة استثمارية أكثر تماسكا وصلابة. وتعكس هذه التحولات، على الرغم من أنها تدريجية، استعدادا للتكيف مع متطلبات السوق العالمية، مما يدعم استقرار الدينار على المدى المتوسط. ويبرز تنويع مصادر الدخل، بما في ذلك تطوير عائدات قطاعات السياحة والتكنولوجيا، كعامل رئيسي في دعم النمو الاقتصادي. بيئة دولية يجب رصدها عن كثب على الرغم من هذه المكاسب، تتطور تونس في إطار دولي معقد وذلك وفقا لتقييم وكالة فيتش للتصنيف الائتماني. ويمكن أن تؤثر التقلبات في أسعار السلع الأساسية والتوترات الجيوسياسية والشكوك المتعلقة بالسياسات النقدية للاقتصادات الكبرى في العالم على مسار الدينار بشكل او باخر رغم افاقه الايجابية. وتؤكد وكالة فيتش على أن قدرة البلاد على مواصلة الإصلاحات والحفاظ على إدارة مالية مطابقة لمعاير الحوكمة الرشيدة ستكون أساسية للحفاظ على ثقة السوق. وستعتمد مرونة الدينار أيضا على الاستقرار المؤسساتي الداخلي والقدرة على جذب الاستثمار الأجنبي المستدام. ويعد تقييم وكالة فيتش للتصنيف الائتماني خطوة مهمة في تأكيد الهيئات المالية الدولية على اهمية التقدم الاقتصادي في تونس وهو ما يوفر إطارا أكثر جاذبية للجهات الفاعلة الاقتصادية والمالية، مع التشديد على الحاجة إلى اليقظة المستمرة في مواجهة التطورات العالمية. كما يمهد هذا التقييم الإيجابي الطريق لاندماج تونس بشكل أفضل في الدوائر المالية الدولية وتعزيز سيادتها النقدية.