تمرّ صناعة السيارات في جنوب إفريقيا بإحدى أسوأ أزماتها حتى الآن. فوفقاً لجمعية مصنّعي السيارات الوطنية في جنوب إفريقيا (NAAMSA)، تراجعت صادرات المركبات إلى الولاياتالمتحدة بأكثر من 80٪ خلال شهري أفريل وماي 2025، في انهيار مباشر ناجم عن فرض حواجز جمركية جديدة من قبل إدارة دونالد ترامب. انهيار حاد في الصادرات تكشف بيانات الجمعية عن انخفاض بنسبة 73٪ في صادرات السيارات خلال الثلاثي الأول من سنة 2025 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وتسارعت وتيرة هذا التراجع لتبلغ 80٪ في أفريل و85٪ في ماي، مما أطلق صفارات إنذار جدّية في قطاع يُعدّ ركيزة أساسية للاقتصاد الجنوب إفريقي. وكانت شركات تصنيع السيارات في جنوب إفريقيا تستفيد، حتى وقت قريب، من إعفاءات جمركية في إطار "قانون النمو والفرص في إفريقيا" (AGOA)، وهو اتفاق استراتيجي يُتيح التصدير إلى السوق الأمريكية دون رسوم جمركية. لكن هذه الديناميكية انهارت فجأة بقرارات إدارة دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في جانفي 2025. فقد فرضت الإدارة الجديدة رسوماً جمركية على المركبات المستوردة من جنوب إفريقيا، وهو ما بدأ يُخلّف آثاراً اقتصادية واجتماعية ثقيلة. وقال ميكيل مباسا، المدير التنفيذي لNAAMSA، إن الوضع تجاوز الأبعاد التجارية البحتة: "نحن نواجه أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة. الضرائب الجمركية الجديدة تفاقم وضعاً كان هشاً بالفعل"، على حد تعبيره. وبالإضافة إلى الزيادات الحالية، من المنتظر أن ترتفع الرسوم الجمركية من 25٪ إلى 30٪ اعتباراً من شهر أوت، لتشمل المركبات وقطع الغيار على حد سواء. وقد يتسبّب هذا التصعيد في القضاء على آلاف الوظائف ضمن سلسلة القيمة في قطاع السيارات بجنوب إفريقيا، خصوصاً في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على التصدير نحو الولاياتالمتحدة. اتفاق تجاري مقترح… ولكن مرفوض قبل الإعلان الرسمي عن الضرائب الجديدة، قدّمت الحكومة الجنوب إفريقية عرضاً تجارياً للولايات المتحدة، تضمّن السماح بتصدير 40 ألف مركبة سنوياً دون رسوم جمركية، إلى جانب إعفاء قطع الغيار المحلية المُخصّصة للتجميع داخل الأراضي الأمريكية. لكن هذه المبادرة لم تكن كافية لإقناع واشنطن بالتراجع. وتجد جنوب إفريقيا، التي يتم عبر برنامج AGOA ما نسبته 64٪ من تجارتها في قطاع السيارات مع الولاياتالمتحدة، نفسها اليوم أمام خسائر تجارية كبيرة. ففي عام 2024، بلغت صادرات جنوب إفريقيا من السيارات إلى الولاياتالمتحدة نحو 28.6 مليار راند، أي ما يعادل حوالي 1.6 مليار دولار. أما الخسائر المرتقبة في عام 2025، فتبدو بالفعل ضخمة. وهكذا، فإن فرض الرسوم الجمركية الجديدة والانهيار المفاجئ في الصادرات يُمثّلان صدمة هيكلية لقطاع السيارات الجنوب إفريقي. كما أن إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية التقليدية بين بريتورياوواشنطن تُظهر هشاشة الشراكات الاقتصادية في مواجهة التحولات السياسية. وفي حال عدم التوصّل إلى حلّ سريع، فإن التداعيات قد تتجاوز قطاع السيارات لتطال الميزان التجاري لجنوب إفريقيا برمّته، فضلاً عن تهديد واسع لفرص العمل في الصناعة المحلية. تعليقات