لم يكن يوم 25 جويلية أبدا موعدا عاديا للتونسيين على اختلاف مشاربهم.. فقد ارتبط في الذاكرة الجمعية بحدث تأسيسي فارق تمثل في إعلان البلاد التونسية جمهورية لأول مرة يوم 25 جويلية 1957.. وفي عصرنا الحديث كان يوم 25 جويلية شاهدا على حدث قسم ظهر الشعب التونسي.. حيث إرتكب في بلادنا ثاني اغتيال سياسي، ما بعد إغتيال الشهيد شكري بلعيد يوم 6 فيفري 20213، ليتم إغتيال أمين عام التيار الشعبي والنائب بمجلس نواب الشعب، الشهيد محمد البراهمي يوم 25 جويلية 2013، أمام منزله في وضح النهار ب11 رصاصة.. واصل تاريخ 25 جويلية في بصماته الحزينة ، ليعيش التونسيون يوم 25 جويلية 2019 حدث وفاة الرئيس السابق الباجي قائد السبسي.. ويوم 25 جويلية 2021 أبى رئيس الجمهورية قيس سعيد إلا أن يطبع هذا التاريخ بحدث غير المشهد السياسي التونسي برمته.. ما هي لحظة 25 جويلية ؟ قرر رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 تفعيل الفصل 80 من دستور 2014 عبر اتخاذ تدابير استثنائية أقال بموجبها حكومة هشام المشيشي وجمّد اختصاصات مجلس النواب. إثر ذلك دعا الرئيس إلى الاستفتاء على دستور جديد للبلاد أعقبه تنظيم انتخابات برلمانية جديدة. وتم على إثرها تنظيم انتخابات أعضاء مجلس الجهات والأقاليم أعقبها تنظيم الانتخابات الرئاسية يوم 6 أكتوبر 2024 والتي تم فيها تجديد الثقة لعهدة رئاسية ثانية للرئيس قيس سعيّد. 4 سنوات على لحظة 25 جويلية..قراءة في الحصيلة اعتبر رئيس كتلة "لينتصر الشعب" بمجلس النواب، علي زغدود أن حصيلة 4 سنوات لما بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد،تعتبر إيجابية..قائلا" المنجز يتمثل أساسا في وجود تمشي واضح في إطار الخط السيادي وسيادية القرار الوطني". وأوضح زغدود أن الموقف الرسمي للدولة التونسية بات واضحا ما بعد 25 جويلية 2021 وتميز بتوجه واضح منحاز للقضية الفلسطينية. وأضاف زغدود " احد أهم المنجزات هي سياسة التعويل على الذات والتي تكرست عبر التعويل على الاقتراض الداخلي..واليوم وصلنا إلى مرحلة القطع النهائي مع إملاءات صندوق النقد الدولي التي كبلت سياسات الدولة للسنوات، ما سمح للدولة التونسية اليوم بإعادة فتح الانتدابات في الوظيفية العمومية". وأشار محدثنا الى أن تسوية الملفات ذات الطابع الاجتماعي تعتبر من أهم المنجزات التي تحققت ما بعد 25 جويلية 2021 لصالح الشعب التونسي، على غرار منع المناولة وتسوية ملف الأساتذة والمعلمين النواب وتسوية ملف أعوان الحظائر 45-35 سنة ، ما يُمثل انحيازا واضحا لصالح الفئات المهمشة والمحرومة وفق تعبيره. واستدرك زغدود بالقول أن هذه المنجزات لا تخفي وجود أزمة اقتصادية واجتماعية ملامحها موجودة في عديد الجوانب مشددا على انه بالعمل المشترك سيتم تداركها مضيفا "سنسعى من جهتنا في ما تبقى لنا من الدورة النيابية إلى تمرير قوانين ثورية تنحاز إلى أبناء الشعب على غرار مشروع قانون تشغيل من طالت بطالتهم". وحول تقييم العمل الحكومي، اعتبر النائب علي زغدود أن المردود الحكومي ضعيف موضحا "أغلب الوزارات تتخبط في دوامة من العجز وأدائها ضعيف ونسبة رضاء المواطن عليها دون المستوى، على غرار وزارات الفلاحة والتربية والرياضة". ودعا زغدود الى القطع نهائيا مع التعيينات العشوائية في مختلف المجالات سواء على مستوى محلي أو جهوي أو مركزي مضيفا "يجب اختيار شخصيات ذات كفاءة قادرة على الانجاز..". وبسؤاله حول الآلية الأفضل لاختيار ناجح لأعضاء الحكومة،أكد زغدود على ضرورة أن يكون للحكومة المنصبة برنامج واضح مُعلن ومُحدد بالزمن، وأن تتم مسائلتها أمام البرلمان وأمام الشعب مضيفا " أعتقد أن رئيس الدولة أمام حجم الخلل الذي يُعاينه خلال الزيارات التي يُؤديها وباعتباره يسعى لإنقاذ البلاد، لن يُبقي على هذه التشكيلة الحكومية..ونحن نعتبر أنه من الضروري أن يكون التغيير قائما على شرطي الكفاءة والمسؤولية أساسا". في ذات الاطار أكد عضو مجلس نواب الشعب ظافر الصغيري، وجود إشارات واضحة ووعي تام من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد بوجود خلل في أداء الإدارة التونسية. واعتبر الصغيري أن الخلل الحاصل يتجاوز تغيير الأسماء بأخرى حيث تم إجراء تحويرات وزارية ولم تُنتج هذه التغييرات تأثيرا كبيرا مضيفا " الأزمة صلب الادارة التونسية هي حصيلة سنوات..ويجب إيجاد حلّ جذري لها وليس مجرد تغير أسماء بأخرى..".
حصيلة ساسية، اقتصادية، اجتماعية يبقى الإختلاف في تقييمها سيّد الموقف.. لكن ربما يكون التقييم الذي قد يُشكل فارقا، هو قراءة الرئيس قيس سعيد لهذه الأربع سنوات.. حتى يكون قادرا على المراكمة على المنجز ويتجاوز النقائص ويُحقق شعار حملته الانتخابية "البناء والتشييد". فهل سيُحافظ تاريخ 25 جويلية على تفرده ويكون 25 جويلية 2025 فارقا أيضا في المشهد السياسي التونسي وسط تغيرات تعصف بالمشهد العالمي وتتجه به نحو إعادة تشكل لخارطة التوازنات في الشرق الأوسط والعالم ؟ ننتظر ونرى.. تعليقات