يختلف النقل، وهو نشاط خدمي، عن العديد من قطاعات الاقتصاد الأخرى لأنه لا يمكن أن يؤخذ في الاعتبار في حد ذاته، بغض النظر عن الجغرافيا أو الهياكل الاقتصادية والاجتماعية التي تحدده. ورغم أنه يشكل نشاطا خاصا (خلق القيمة المضافة)، إلا أنه له آثارا على تنظيم الاقتصاد والمجتمع، وفعاليته حاسمة في تطور دوائر الإنتاج والتوزيع وأنماط الحياة. وتشدد سلط الاشراف على انه من دون النقل، لا يمكن لشركة أن تورّد مستلزماتها وهي غير قادرة أيضا على توزيع منتجاتها، ولا يستطيع موظفوها مباشرة عملهم. وهنا يصبح النقل إحدى الوظائف الأساسية للشركات والأسر، وبالتالي يشكل نشاطا سابقا لجميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. ويتكون نظام النقل التونسي من خمسة قطاعات فرعية وهي: النقل البري والنقل الحديدي والنقل بالأنابيب والنقل البحري والنقل الجوي. تحديات استهلاك قطاع النقل للطاقة أصدر المرصد التونسي للاقتصاد هذا الاسبوع، مذكرة تناولت بالدرس أبرز تحديات استهلاك قطاع النقل للطاقة وسط رهانات الانتقال الطاقي، حيث بينت أهم محاورها أن قطاع النقل مثّل أكثر من ثلث الطاقة النهائية المستهلكة سنة 2023 في الوقت الذي شكّلت فيه المنتجات البترولية 50 بالمائة من الطلب على الطاقة الأولية سنة 2024 علما أن المنتجات البترولية تمثل العبء الأكبر في الإنفاق الطاقي. وشدد المرصد في مذكرته على أنه لا أحد ينكر اليوم أن النقل لم يعد مجرد وسيلة تنقّل، بل أصبح عصبًا اقتصاديًا واجتماعيًا يمسّ مباشرة حياة المواطن اليومية. وهو أيضًا بحكم الأرقام أكبر مستهلك للطاقة النهائية في تونس. هذا وجرى التأكيد على أن العجز الطاقي الذي بلغ 10718 مليون دينار سنة 2024، بعدما كان في حدود 2505 مليون دينار فقط سنة 2016، مما يطرح عدة مقاربات تعلق أساسا بالتوجهات المتعلقة بالتقليص في التبعية للمنتجات البترولية ومسالة اعادة هيكلة النقل العمومي علاوة على افاق تطوير التكرير المحلي عبر دعم الشركة التونسية لصناعات التكرير لتقليص التوريد . اليات تحسين الأداء الطاقي تؤكد معطيات وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أن النقل هو القطاع الذي يستهلك أكبر قدر من الطاقة في تونس بحوالي 36 بالمائة من إجمالي الطاقة النهائية المستهلكة وأكثر من 55 بالمائة من الاستهلاك الوطني للمنتجات البترولية. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن قطاع النقل البري وحده يمثل أكثر من 90 بالمائة من الطاقة النهائية المستهلكة. ومن حيث إمكانات تقليص الاستهلاك، يمثل قطاع النقل حوالي 25 بالمائة من إمكانات كفاءة الطاقة بحلول عام 2030. كما يمكن تلخيص تحسين الأداء الطاقي لقطاع النقل في ثلاثة مستويات وهي كفاءة النظام عبر تنظيم شبكة النقل والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وكفاءة التنقلات من خلال استعمال طرق نقل مقتصدة للطاقة وكفاءة وسائل النقل وذلك اعتمادا على استهلاك أقل قدر ممكن من الطاقة لكل كيلومتر مقطوع باستخدام التقنيات والوقود المناسبة وتحسين أداء وسائل النقل.