أعلنت رواندا، اليوم الثلاثاء، عن إبرام اتفاق مع الولاياتالمتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجراً تم ترحيلهم من الأراضي الأمريكية، وذلك في إطار سياسة الهجرة الصارمة التي تنتهجها إدارة ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في جانفي الماضي. و قد صرّحت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية، يولاند ماكولو، بأن هذه الخطوة تندرج في إطار القيم الوطنية المتعلقة بالاستقبال وإعادة الإدماج، مضيفة : «تقريباً كل العائلات الرواندية عرفت معاناة النزوح و لهذا تُولي مجتمعاتنا أهمية لإعادة التأهيل». و بحسب المعطيات الأولية المعلنة، فإن المهاجرين الذين سيتم اختيارهم سيستفيدون من دعم في السكن، الرعاية صحية و تكوين مهني. غير أنه لم يتم حتى الآن الكشف عن تفاصيل تتعلق بجنسيات المعنيين أو موعد وصولهم أو ما إذا كانت هناك مقابلات مالية أو لوجستية تم التفاوض بشأنها مع واشنطن. و قالت ماكولو في هذا الصدد : «سأقدّم مزيداً من التفاصيل حالما يتم الانتهاء من بلورتها». سياسة أمريكية تثير المزيد من الجدل تندرج هذه العملية ضمن سياسة هجرة أمريكية باتت محط انتقادات متزايدة. فمنذ أشهر، كثّفت إدارة ترامب من توقيع اتفاقيات ترحيل مع دول ثالثة، غالباً ما تكون لا تمت بصلة لأصول المهاجرين، مثل جنوب السودان و إسواتيني و السلفادور، وذلك في كثير من الأحيان دون الحصول على موافقة صريحة من بلدانهم الأصلية. و في مارس الماضي، تم ترحيل 252 رجلاً إلى السلفادور، بعد اتهامهم بالانتماء إلى عصابة "ترين دي أراغوا" الفنزويلية، قبل أن يُعادوا إلى فنزويلا منتصف جويلية. و قد أفاد العديد منهم بتعرضهم لانتهاكات جسيمة داخل سجون مشددة الحراسة، شملت الإهانة و العنف و الحرمان. و وفقاً للسلطات في كراكاس، فإن 20 فقط من بين هؤلاء كانوا يملكون سجلاً جنائياً و لم يثبت انتماء أيٍّ منهم إلى التنظيم الإجرامي المذكور. و حسب تحليل لوكالة الأنباء الفرنسية، بلغ عدد المهاجرين المحتجزين داخل مراكز الاحتجاز الأمريكية أكثر من 60 ألف شخص في جوان 2025، وهو رقم قياسي، من بينهم 71٪ لا يملكون أي سوابق قضائية. رواندا شريك تحت المراقبة يُذكّر هذا الاتفاق الجديد بنظيره الذي أبرم بين المملكة المتحدة و رواندا سنة 2022 و الذي كان يهدف إلى إرسال طالبي اللجوء البريطانيين إلى كيغالي. غير أنّ هذا المشروع أُلغي سنة 2024 بقرار من الحكومة البريطانية الجديدة، عقب حكم من المحكمة العليا اعتبرت فيه أن المهاجرين معرضون لسوء المعاملة. و رغم النمو الاقتصادي اللافت الذي شهدته رواندا منذ الإبادة الجماعية سنة 1994، فإن سجلها في مجال حقوق الإنسان لا يزال مثار انتقادات متكررة. إذ يُتهم الرئيس بول كاغامي، الذي أُعيد انتخابه في 2024 بنسبة 99,18٪ من الأصوات، بقمع المعارضة و التحكم الصارم بالمجتمع المدني. كما لا تزال كيغالي في قلب توترات جيوسياسية إقليمية، خصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يُتهم النظام الرواندي بدعم حركة التمرد "إم23″، ما يثير المزيد من الانتقادات. و رغم توقيع اتفاق سلام بين كينشاسا وكيغالي في واشنطن خلال شهر جوان، فإن تنفيذه على الأرض لا يزال معلقاً. و في هذا السياق، يثير الاتفاق بين الولاياتالمتحدة ورواندا، رغم أنه قُدّم في إطار إنساني، العديد من التساؤلات حول حقوق المرحّلين، والدوافع السياسية للطرفين، وشرعية تفويض سياسات الهجرة إلى دول تُتهم بممارسات سلطوية. Demander à ChatGPT تعليقات