تشهد آلات "غاتشا-غاتشا"، المعروفة أيضًا باسم "غاشابون"، إقبالًا متزايدًا لم يعد يقتصر على اليابان وحدها. هذه الموزعات الآلية، التي تقدّم كبسولات صغيرة تحتوي على غرض مفاجئ، تجذب الأطفال كما الكبار من هواة الجمع. اختراع ياباني أصبح أيقونة ظهر المفهوم في اليابان خلال ستينات القرن الماضي: يضع المستخدم قطعة نقدية، يدير المقبض ("غاتشا") ثم يحصل على كبسولة ("بون"). فكرة بسيطة و فعّالة سرعان ما فرضت نفسها في الفضاء العام، حتى بلغ عدد هذه الآلات اليوم نحو 600 ألف موزعة في مختلف أنحاء البلاد. و يُطرح شهريًا حوالي 300 نموذج جديد من المجسمات والأدوات الصغيرة، تغطي عوالم متنوعة مثل المانغا والأنمي وألعاب الفيديو والتمائم والإكسسوارات اليومية. بعض القطع تحولت إلى مقتنيات نادرة يسعى وراءها الكبار كما لو كانت مجسمات فاخرة. آلية إدمانية يرتكز نجاح "غاتشا-غاتشا" على عاملين نفسيين أساسيين: * عنصر المفاجأة، إذ لا يعرف المستهلك أي غرض يخفيه الكبسول. * روح الجمع، التي تدفع لتكرار المحاولات بهدف إكمال السلسلة. كما أن التكلفة الزهيدة – بين 100 و500 ين (أي ما بين 0,70 و3,50 يورو) – تزيد من جاذبية اللعبة. وتشير الدراسات إلى أن بعض الجامعين ينفقون عشرات اليوروهات شهريًا للحصول على النماذج الأكثر ندرة. ركيزة من ركائز صناعة الألعاب يُعدّ مجموعة بانداي الرائدة في هذا المجال عبر علامتها "غاشابون" التي أطلقتها سنة 1977، وقد استحوذت منذ 2005 على أكثر من 65 % من السوق. اليوم، تمثل "غاتشا-غاتشا" سوقًا في توسع مستمر تُقدَّر قيمته بمئات ملايين اليوروهات سنويًا. وتجاوز تأثيرها حدود اليابان، إذ نجد نسخًا مشابهة في آسيا وأوروبا وحتى في أمريكا، على غرار "الصناديق الغامضة" (Blind Boxes) التي تقوم على نفس مبدأ المفاجأة والندرة. رمز ثقافي مُصدَّر بعيدًا عن الجانب الترفيهي، تعكس "غاتشا-غاتشا" جانبًا من الثقافة اليابانية القائمة على حب التفاصيل والأشياء المصغّرة. كما تجسد رؤية خاصة للاستهلاك، تقوم على المتعة الفورية، غير المكلفة، لكن التي قد تصبح إدمانية. و مع انتشارها عالميًا، لم تعد "غاتشا-غاتشا" مجرد ألعاب صغيرة، بل غدت ظاهرة ثقافية وتجارية تعيد تشكيل صناعة الترفيه والألعاب، وفي الوقت نفسه تُصدّر جانبًا من الإبداع الياباني إلى العالم. تعليقات