لقي أكثر من ألف شخص مصرعهم في قرية ترسين الواقعة شرق جبل مرة قرب منطقة سوني في إقليم دارفور غرب السودان، إثر انزلاق أرضي ضخم جرف القرية بأكملها. وأكدت حركة جيش تحرير السودان، التي تسيطر على المنطقة، أن ما حدث يُعد واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ السودان الحديث. ووفق المعطيات الأولية، لم ينجُ من سكان القرية سوى شخص واحد فقط، في حين طُمرت بقية العائلات تحت الأتربة والصخور. قرية سويت بالأرض أوضحت الحركة في بيانها أن الكارثة وقعت يوم الأحد الماضي نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الأسبوع الأخير من أوت، ما تسبب في انزلاقات أرضية واسعة النطاق أدت إلى تسوية القرية بالكامل بالأرض. وناشدت الحركة الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية التدخل بشكل عاجل للمساعدة في انتشال جثث الضحايا وتقديم الدعم الإنساني العاجل للسكان المتضررين. تفاعل رسمي واسع نعى رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ضحايا الكارثة، مؤكدا أن الدولة ستسخر كل إمكانياتها لتقديم الدعم والإغاثة. بدوره، وصف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي ما حدث بأنه «مأساة إنسانية تتجاوز حدود الإقليم»، مشددا على أن حجم الكارثة يفوق قدرة الأهالي على المواجهة، وداعيا المنظمات الإنسانية الدولية إلى التدخل العاجل. كما أكد رئيس حركة تجمع قوى السودان، الطاهر حجر، أن هذه الفاجعة الإنسانية تتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية لتقديم الدعم العاجل للمنكوبين. صعوبة الوصول إلى المنطقة المنكوبة أفاد مراسلون محليون أن ظروف المنطقة تزيد من تعقيد عمليات الإنقاذ، إذ تعاني من وعورة الطرق، والأوضاع الأمنية غير المستقرة جراء المعارك الدائرة في دارفور. وأضافوا أن المنطقة المنكوبة كانت تُعرف سابقا بوفرة إنتاجها من الحمضيات، لكنها باتت شبه معزولة اليوم. مأساة تتزامن مع حرب مدمرة تأتي هذه الكارثة في وقت يعيش فيه السودان منذ أفريل 2023 حربا مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وبينما يسيطر الجيش على معظم مناطق الشمال والشرق والغرب، تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها شبه الكاملة على إقليم دارفور، حيث تحاصر منذ ماي 2024 مدينة الفاشر التي تضم نحو 300 ألف نسمة. أزمة إنسانية متفاقمة لم تكن كارثة ترسين حدثا معزولا، إذ يشهد السودان منذ مطلع العام سلسلة من الكوارث الطبيعية، بينها فيضانات وسيول خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة. إلا أن الحرب المستمرة أعاقت جهود الإغاثة الفعالة وزادت من حدة الأزمة. وفي ظل هذه الظروف، أعلنت المجاعة في عدة مناطق من دارفور، حيث يعيش مئات الآلاف من النازحين في أوضاع مأساوية. ومع انزلاق ترسين الأرضي، يجد السودان نفسه أمام فصل جديد من المعاناة الإنسانية التي تتقاطع فيها الكوارث الطبيعية مع تداعيات الحرب. تعليقات