في عام 2025، تؤكد السويد مكانتها كواحدة من أكثر الدول تقدماً في التحول نحو الاقتصاد الرقمي. ووفقاً لتقرير المدفوعات 2025 الصادر عن البنك المركزي السويدي (Riksbank)، فإن 10٪ فقط من المشتريات في المتاجر تتم نقداً. لقد أصبحت استراتيجية التخلي عن النقد واقعاً يومياً للمستهلكين السويديين. انخفاض حاد في عمليات السحب والنقد المتداول * بين عامي 2017 و2023، تراجعت عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي بنسبة 58٪، كما انخفضت قيمة السحوبات بنسبة 44٪. * عدد أجهزة الصراف نفسها تراجع من 2655 في 2017 إلى 2049 في 2023. * النقد المتداول (أوراق وعملات) يقدر بحوالي 57 مليار كرونة سويدية فقط، أي ما يعادل 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعله غير مؤثر اقتصادياً. المتاجر والقطاعات : قبول النقد يتراجع * نحو 71٪ من المتاجر والمطاعم وصالونات الحلاقة ما زالت تقبل النقد، لكن النسبة تختلف حسب القطاع. * متاجر السلع الأساسية تقبل النقد بنسبة 85٪، بينما تقل النسبة بكثير في قطاعات السلع المعمرة. * العديد من المتاجر الصغيرة أوقفت التعامل بالنقد بسبب صعوبات إدارته. دوافع ومقاومة * السرعة والسهولة وانتشار التطبيقات مثل Swish جعلت المدفوعات الرقمية الخيار الأول. * لكن السلطات لا تريد إلغاء النقد نهائياً من دون إطار قانوني. نائب محافظ البنك المركزي شدد على ضرورة حماية النقد كخيار احتياطي، خصوصاً في أوقات الأزمات أو لفئات المجتمع التي لا تعتمد على الوسائل الرقمية. عندما يفشل الرقمي، النقد هو المنقذ في أبريل 2025، أظهرت الانقطاعات الكهربائية الواسعة في إسبانيا والبرتغال هشاشة الاعتماد الكلي على الأنظمة الرقمية. فقد تعطلت أجهزة الدفع الإلكترونية وتطبيقات مثل Bizum، مما أجبر التجار على العودة إلى النقد. المستهلكون الذين كان بحوزتهم أوراق نقدية تمكنوا من شراء احتياجاتهم الأساسية، بينما واجه الآخرون صعوبة في الدفع. هذا الحدث أعاد فتح النقاش في أوروبا حول ضرورة الحفاظ على النقد كشبكة أمان. تحديات المستقبل: e-krona، المرونة والشمول * تعمل السويد على مشروع e-krona، وهو عملة رقمية للبنك المركزي، لضمان بقاء النقود العامة في العصر الرقمي. * أحد أهم التحديات هو المرونة: ماذا يحدث في حالة انقطاع الإنترنت أو هجوم إلكتروني أو أزمة جيوسياسية؟ النقد يظل الحل. * الشمول المالي يمثل تحدياً آخر: كبار السن، والمناطق الريفية، والأشخاص بلا هواتف ذكية قد يُستبعدون إذا اختفى النقد. نحو مجتمع بدون نقد تقف السويد اليوم على أعتاب أن تصبح مجتمعاً شبه خالٍ من النقد. لكن هذا الانتقال يحمل مخاطر اجتماعية واقتصادية. التحدي الأكبر هو ضمان أن يكون الدفع متاحاً للجميع، وتعزيز أمن المعاملات، والحفاظ على دور النقود العامة. السنوات القادمة ستحدد ما إذا كان النقد سيبقى حقاً مكفولاً أم سيتحول إلى مجرد ذكرى. بقلم وليد الكعلي أستاذ جامعي وخبير في التجارة الإلكترونية، الاستراتيجيات والتحول الرقمي للمؤسسات. تعليقات