انقلاب مفاجئ على الساحة الدولية. فقد وصف دونالد ترامب فلاديمير بوتين ب«النمر الورقي» وأطلق تصريحًا مثيرًا: «لقد حان وقت التحرك من أجل أوكرانيا»، معتبرًا ذلك، بحسب كلماته، منعطفًا ب180 درجة في موقفه من الصراع. و بالنسبة لرجل سياسي طالما اتسمت مواقفه بالغموض تجاه موسكو، يثير هذا التحول تساؤلات: هل هو جزء من استراتيجية مدروسة، أم مجرد اختبار إعلامي، أم إشارة إلى عقيدة أمريكية جديدة؟ لماذا هذا التغيير الآن؟ يمكن تفسير هذا الانعطاف بعدة عوامل: * حساب انتخابي : إعادة التموضع في وسط الساحة الدولية عبر الظهور بموقف «صارم» تجاه الكرملين قد يغري الناخبين المعتدلين ويطمئن الحلفاء القلقين. * الكلفة الاستراتيجية للحرب: تعثّر الصراع يثقل كاهل أسواق الطاقة والتضخم وسلاسل التوريد. الدعوة إلى «التحرك» لصالح كييف تعني أيضًا السعي لتقليص هذه الاضطرابات. * إشارة إلى الناتو: حتى الدعم اللفظي لأوكرانيا يرمم جزءًا من الرصيد السياسي مع الشركاء الأوروبيين، دون الالتزام (حتى الآن) بإجراءات ملموسة. * سردية القوة: حين يصف ترامب بوتين ب«النمر الورقي»، فإنه يقدّم قراءة مفادها أن الحزم الأمريكي كفيل بقلب موازين القوى، في انسجام مع خطابه التقليدي حول القيادة. هل هو جاد أم مجرد «كلام»؟ في هذه المرحلة، المسألة مرهونة بالفعل لا بالقول. ثلاثة اختبارات ستكشف حقيقة هذا التحول: * الدعم المادي: موقف واضح من المساعدات المالية والعسكرية (ذخائر، دفاع جوي، صيانة). من دون جدول زمني أو تمويل محدد، يبقى الكلام رمزيًا. * الضغط الاقتصادي: التماهي مع تشديد العقوبات والتصدي لعمليات الالتفاف (السفن، الوسطاء، الخدمات اللوجستية). * الدبلوماسية الموجهة: الدفع نحو إطار تفاوض لا «يكافئ» العدوان ويضمن الأمن الأوروبي (الناتو، أمن الطاقة، البحر الأسود). من دون هذه العناصر، قد يكون الموقف مجرد محاولة للعودة إلى صدارة المشهد الإعلامي. ومعها، يمكن أن يتحول إلى منعطف استراتيجي حقيقي. تداعيات محتملة * على ساحة المعركة: إذا تُرجم الدعم إلى وسائل فعلية، ستكسب أوكرانيا قدرة أكبر على الصمود العملياتي (دفاع جوي، ذخائر موجهة، صيانة)، وهو ما قد يساعد على استقرار بعض الجبهات ثم إعادة توازنها. * على موسكو: عبارة «النمر الورقي» تستهدف نزع الشرعية عن صورة الردع التي يروّجها الكرملين. الهدف: إضعاف سردية القوة وزيادة الكلفة السياسية للحرب. * على أوروبا: موقف أمريكي أوضح سيقلّص حالة عدم اليقين التي تثقل ميزانيات الدفاع وقطاع الطاقة. في المقابل، إذا بقيت الكلمات بلا أفعال، ستُضطر العواصم الأوروبية لتحمّل عبء أكبر، ما قد يسرّع مسار الاستقلالية الاستراتيجية. * على النظام الدولي: تبنّي خط أمريكي أكثر صرامة قد يشجع دولًا غير منحازة على الابتعاد عن موسكو. أما التراجع، فسيقوض مصداقية الغرب ويُكرّس استخدام القوة كأداة للتفاوض. تعليقات