هذا ما يبحث عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ وهذا ما يفسر إغراقه العالم كله بالرسوم الجمركية (وليس هذا فقط، بل أيضًا طمعًا في المكاسب الفورية): إجبار الشركات الأجنبية على الإنتاج داخل الأراضي الأمريكية، و دفع المستثمرين إلى الرهان على الولاياتالمتحدة. و هذا ما قرر القيام به الملياردير المصري ناصف ساويرس و بمبالغ ضخمة... حتى 50 مليار دولار، هو الرقم الفلكي الذي يعتزم رجل الأعمال ضخه في البنية التحتية بأمريكا. و يُعد ذلك أحد أضخم الاستثمارات التي ينجزها خلال السنوات الأخيرة رجل أعمال إفريقي في السوق الأمريكية. الإعلان جاء على لسان ساويرس في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز وأعادت نشره وكالة رويترز يوم 22 سبتمبر 2025. الملياردير المصري أوضح أنه سيتحرك في غضون السنوات العشر المقبلة. و قد قرر الانخراط في الديناميكية التي أطلقتها الإدارة الأمريكية الجديدة : استثمارات بقيمة 17 ألف مليار دولار، والتي أشار إليها ترامب أمس الثلاثاء 23 سبتمبر في خطابه الشهير أمام الأممالمتحدة. ساويرس (مثل ترامب ومثل أغنى رجل في العالم إيلون ماسك) يركز اهتمامه على مراكز البيانات. و قال ساويرس: «نريد أن نركز المرحلة المقبلة من نشاطنا على المجال الذي نرى فيه أكبر فرصة، أي البنية التحتية». و لتحقيق أهدافه سيعتمد على شركة أوراسكوم للإنشاءات، الشركة العائلية التي تأسست في خمسينيات القرن الماضي وأصبحت عملاقًا في قطاعها. تجدر الإشارة إلى أن عائلة ساويرس تنشط بالفعل في الولاياتالمتحدة عبر شركتها التابعة Weitz التي استحوذت عليها سنة 2012. و يفتخر رجل الأعمال بخبرة Weitz في تصميم مراكز البيانات، ومحطات المطارات، والسكن الجامعي. و هو يعتبر – وبحق – أن هذه الخبرة المتينة تمنحه ميزة تنافسية مقارنة بالمستثمرين الماليين الذين يزاحمون بكثافة في سوق البنية التحتية العالمية خلال السنوات الأخيرة. و كشف ساويرس عن طموحاته بعد عملية إعادة هيكلة لممتلكاته. ففي غضون سنتين، باع مجموعته OCI أسهماً بأكثر من 11 مليار دولار، كما أن اندماجها مع أوراسكوم للإنشاءات بات على السكة. لكن باستثناء حجم الاستثمار في أمريكا، لم يقدم الملياردير تفاصيل دقيقة عن مشاريعه. و سيتعين على أوراسكوم أن تثبت قدرتها على تعبئة مثل هذا المبلغ لمجاراة الصناديق الاستثمارية الدولية الكبرى، الناشطة بقوة في الولاياتالمتحدة. و في أحد القطاعات التي يستهدفها المصري، أي مراكز البيانات، تشير دراسة صادرة عن Next Move Strategy Consulting إلى أن السوق الأمريكية قُدرت قيمتها ب103,27 مليار دولار سنة 2023، وقد ترتفع إلى 158,55 مليار دولار بحلول 2030، مع معدل نمو سنوي يقدر ب6,3%. و يعود ذلك إلى الطفرة في الحوسبة السحابية (cloud) والحوسبة الطرفية (edge computing) والحاجات المتزايدة للاتصال، وهي العوامل التي تدفع هذا القطاع إلى الأمام. و يعتقد ساويرس أنه قادر على حجز مكان له إلى جانب ماسك، ولاري إليسون (مؤسس أوراكل الذي أصبح لفترة وجيزة أغنى رجل في العالم)، وغيرهم. و الأيام ستكشف ذلك. المؤكد أن طموحات رجل الأعمال المصري ستزيد من رصيد رئيسه عبد الفتاح السيسي لدى شريكه ترامب. و في الأثناء، تجدر الإشارة إلى أن تقرير فوربس لسنة 2025 أظهر أن إفريقيا تضم 22 مليارديرًا بلغت ثرواتهم المجمعة رقمًا قياسيًا قدره 105 مليارات دولار، رغم تراجع قيمة عدد من العملات و الضغوط التضخمية. و بثروة تُقدر بنحو 9 مليارات دولار، يُعد ساويرس أول مصري في هذا التصنيف إذ يحتل المرتبة الرابعة بعد النيجيري أليكو دانغوتي و اثنين من جنوب إفريقيا، يوهان روبرت و نيكي أوبنهايمر. تعليقات