على ما يبدو، تتخذ الصين دائمًا الاتجاه المعاكس للولايات المتحدة، حيث يجد الرئيس شي جين بينغ متعة كبيرة في اتخاذ مواقف مضادة للقرارات التي يتخذها نظيره دونالد ترامب. هذا واضح في موضوع التعريفات الجمركية والتبادل التجاري مع أفريقيا؛ وكذلك في التعامل مع الهند التي أغضبت واشنطن بفرض رسوم إضافية بنسبة 50% بسبب تجارتها مع روسيا (لكن لا أحد يخدع). أما الآن، فقد تميزت بكين في قضية أخرى كانت تعتبر فخرًا للأمريكيين، لكن ذلك كان قبل عودة الجمهوريين المدوية... في الوقت الذي تعقّد فيه إدارة ترامب حياة العمال المهنيين من خلال تأشيرات تصل إلى 100 ألف دولار (أي ملايين الدولارات للحصول على تأشيرات إقامة مخصصة للأثرياء الذين لا يزال لديهم شغف بالمساحات الواسعة في أمريكا)، قامت الصين بتخفيف القيود لجذب العقول الأجنبية في مجالات التكنولوجيا والعلوم. بدءًا من يوم الأربعاء 1 أكتوبر، دخلت تأشيرة جديدة من نوع "K" حيز التنفيذ. قد لا يتم الحديث عن ذلك كثيرًا، لكن الصين، رغم تعداد سكانها البالغ 1.4 مليار نسمة (أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم بعد الهند)، تعاني من نقص في العمالة الماهرة في القطاعات الصناعية التي تشهد ازدهارًا. القوة الاقتصادية الثانية في العالم قد تواجه نقصًا يصل إلى نحو 30 مليون عامل. وهذا ما ذكرته صحيفة الشعب اليومية، المنصة الرسمية للحزب الشيوعي، والتي نشرت هذا الأمر. هنا، يمكننا أن نُشيد بجهود النظام في الشفافية. و في مواجهة هذه الأزمة، تتبع بكين وسائل جذب واضحة للمواهب الأجنبية، خاصة أولئك الحاصلين على شهادات أو درجات علمية متخصصة في العلوم، التكنولوجيا، الهندسة أو الرياضيات. "يجب أن يكون هؤلاء المحترفون من الجامعات أو المعاهد البحثية الوطنية والدولية المرموقة"، كما أوضح التعليق في الصحيفة الحكومية. تسعى السلطات الصينية إلى قطع الطريق على أي شائعات حول فتح أبواب البلاد أمام العمالة غير الماهرة. وبالنسبة لبقية الأمور، لا تُسهب الصين كثيرًا في جذب المهاجرين. تُسهل التأشيرة الجديدة شروط الإقامة في البلاد، إذ لا يُطلب عقد عمل عند التقديم. وهناك أيضًا تحفيزات أخرى تتعلق بمدة الإقامة وفترة صلاحية التأشيرة وعدد الدخول المسموح به. ثم تأتي عقبة اللغة. وبدافع من القومية، يتواصل معظم الموظفين في الشركات التكنولوجية الصينية باللغة المندرينية، مما قد يسبب صعوبة للمهاجرين الذين لا يتقنونها. لكن في جميع أنحاء العالم، بدأ تعلم اللغة الصينية يشهد انتشارًا. في المستقبل، سيكون المهاجرون أكثر قدرة على التكيف. و مع ذلك، يرى البعض أن هذه التأشيرة الجديدة قد لا تكون موضع ترحيب، خاصة في ظل الركود الذي يشهده سوق العمل. أكثر من واحد من كل خمسة شبان عاملين في الصين عاطلون عن العمل حاليًا. و مع ذلك، لا يثني هذا الشعب اليومية عن حماستها، حيث قالت عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "بينما تتراجع بعض الدول إلى الداخل وتهمش المواهب الدولية، فإن الصين تستفيد بحماس من هذه الفرصة الكبيرة وتدخل هذه السياسة دون تأخير، مما سيكون له تأثير كبير على التنمية المستقبلية للبلاد". تعليقات