أغلقت ألمانيا للّيلة الثانية على التوالي مطار ميونيخ الدولي، أحد أكثر المطارات ازدحاماً في أوروبا، بعد رصد طائرات مسيّرة مجهولة في مجاله الجوي. الحادثة، التي وقعت مساء الجمعة، تسببت في اضطرابات كبيرة في حركة الطيران، على خلفية تزايد حوادث مماثلة في أوروبا واتهامات بوجود "حرب هجينة" تقف وراءها روسيا. وبحسب إدارة المطار، فقد تم رصد طائرتين مسيّرتين بالقرب من المدرجين الشمالي والجنوبي، ما أدى إلى إغلاقهما فوراً وتعليق عمليات الإقلاع والهبوط. ونتيجة لذلك، تم تحويل 23 رحلة قادمة، وإلغاء 12 رحلة مغادرة، في حين تسببت الإجراءات في تأخيرات متتالية طوال الليل. مع حلول الصباح، أظهرت الحصيلة اللوجستية إلغاء أو تأخير 46 رحلة، ما أثر على نحو 6,500 مسافر. وقد أعيد فتح المطار تدريجياً بعد اختفاء الطائرات المسيّرة، التي لا يزال مصدرها مجهولاً. وأكدت الشرطة الفدرالية الألمانية أن الطائرتين "ابتعدتا قبل التمكن من تحديد هويتهما"، موضحة أن تحقيقاً مشتركاً يجري بين الأجهزة الأمنية وهيئة الطيران المدني. كما أعلنت الحكومة الألمانية عزمها تعديل التشريعات بما يتيح ل الجيش الألماني (البوندسفير) إسقاط الطائرات المسيّرة في حال وجود تهديد مباشر لأمن الطيران. ووفقاً لمجلة دير شبيغل، يشتبه جهاز الاستخبارات الألماني في وجود صلة بين بعض الاختراقات الجوية وطائرات مسيّرة انطلقت من سفن تجارية مرتبطة بروسيا، في إطار استراتيجية محتملة ل"تعطيل مستهدف". أما موسكو فقد نفت أي علاقة لها بالأمر. ويأتي حادث ميونيخ ضمن سلسلة من الانتهاكات الجوية الأخيرة في شمال وشرق أوروبا. فقد اضطرت مطارات في الدنمارك والنرويج وبولندا إلى تعليق نشاطها بعد رصد طائرات مسيّرة مشابهة. وفي بولندا، اخترقت نحو عشرين طائرة مسيّرة الأجواء أواخر سبتمبر، أسقط بعضها بمساعدة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي الوقت نفسه، أعلنت إستونيا عن ثلاث انتهاكات لمجالها الجوي من قبل مقاتلات روسية، ما زاد من حدة التوتر في المنطقة. وفي مواجهة هذه التهديدات المتكررة، أعلنت الاتحاد الأوروبي أواخر سبتمبر عن إنشاء "جدار مسيّرات" على طول جناحه الشرقي، مزوداً بأنظمة متطورة للكشف والتعقب والاعتراض، بهدف التصدي لعمليات التحليق التي تُعتبر معادية. من جهته، أكد الناتو أنه عزز قدراته الميدانية في المراقبة داخل دول البلطيق وشمال أوروبا. وتكشف حادثة ميونيخ عن هشاشة استراتيجية جديدة في أوروبا، تتمثل في تعرض حركة الطيران المدني لاختراقات تكنولوجية غير معروفة المصدر، وسط سياق جيوسياسي متوتر أصلاً بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. تعليقات