يُعتبر القطاع السياحي في تونس ركيزة هامة من أعمدة الاقتصاد الوطني، حيث يعكس التنوع الثقافي والجمالي للبلاد ويشكل مصدراً أساسياً للعملات الصعبة وفرص العمل. رغم التقلبات التي شهدها العالم والمنطقة، برهن القطاع على قدرته على التكيف ومواجهة المتغيرات من خلال تحديث استراتيجياته وتعزيز جاذبيته. اتخذت السياحة في البلاد خطوات ثابتة نحو التعافي الفعلي من مختلف الأزمات التي مرت بها خلال العشرية الماضية خاصة منها أزمة كوفيد-19، حيث تؤكد مختلف تصريحات الفاعلين في القطاع إلى وجود مؤشرات جد إيجابية بموسم سياحي واعد واستثنائي وتسجيل أرقام أفضل على مدار هذا العام مقارنة بالسنة الماضية التي تُعتبر بدورها جيّدة. وتسعى تونس جاهدةً لتنويع أسواقها السياحية لتشمل أسواقًا جديدة، إلى جانب الأسواق الأوروبية التقليدية والأسواق الإقليمية. وتشمل استراتيجيات التنويع تعزيز المنتج السياحي من خلال التركيز على السياحة الثقافية والعلاجية، وتطوير العروض في المناطق الداخلية، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، وتوسيع شبكة الرحلات الجوية المباشرة، بالإضافة إلى استخدام الترويج الرقمي وحملات مؤثرين لجذب سياح ذوي قدرة إنفاق عالية. بحلول 20 جويلية 2025، استقبلت تونس حوالي 5.3 مليون سائح، محققة زيادة تقترب من 10٪ مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. يعكس هذا الرقم ارتفاعاً بنسبة 16.2٪ مقارنة بعام 2019، ما يشير إلى استعادة تدريجية لما كان عليه القطاع قبل جائحة كورونا. كما أن عدد الليالي السياحية في الفنادق بلغ أكثر من 12.3 مليون ليلة، مع ارتفاع بنسبة 7.1٪. بلغت إيرادات السياحة نحو 3.9 مليار دينار تونسي، محققة زيادة تفوق 8٪، في مؤشر واضح على تحسن مردودية القطاع. وتعمل تونس على توسيع قدراتها السياحية، حيث ارتفعت طاقة الاستيعاب الفندقي إلى نحو 174 ألف سرير، مع معدل إشغال فعلي يقدر ب 35.3٪. وظهرت انتعاشة في عدة أسواق، خاصة الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا بسُجلات نمو متفاوتة (على سبيل المثال، زيادة بنسبة 47٪ في عدد السياح البريطانيين). أما أمام التحديات العالمية، فقد نفذت الحكومة مشاريع تطوير كبرى تركز على تنويع المنتجات السياحية، من خلال تعزيز السياحة الثقافية والبيئية، ما جعل الوجهة أكثر جاذبية لفئات جديدة من السياح الباحثين عن تجارب متنوعة. يلعب ضمان مستوى عالٍ من الخدمات وسلامة الزائرين دوراً مركزياً في إبقاء تونس ضمن المنافسة العالمية. بالرغم من المخاطر التي قد تطرحها تغيرات المناخ أو الصراعات الإقليمية، تسعى تونس إلى تعزيز جودة تجربة السائح عبر تحسين الأداء المؤسسي والتنسيق بين الجهات المختصة. يظل الانفتاح على الاستثمارات وتضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص من ضروريات المتابعة، للحفاظ على استقرار القطاع والارتقاء به بما يتماشى مع التطلعات الاقتصادية الوطنية. يبقى العام 2025 فرصة لتونس للتأكيد على قيمتها كوجهة سياحية رائدة في منطقة المتوسط، تحمل في طياتها أمالاً لتحقيق أكثر من 11 مليون زائر بنهاية السنة، مع تعزيز مساهمة السياحة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. تعليقات