خلال الساعات ال12 الأخيرة، برزت سلسلة من التطورات التي تكشف عن عالم يجمع بين القدرة على الصمود وقابليّة الاضطراب. اجتماعات صندوق النقد الدولي (FMI) والبنك الدولي في واشنطن سلّطت الضوء على هشاشة نمو الاقتصاد العالمي، فيما أعادت توترات جيوسياسية وصناعية جديدة إحياء المخاوف بشأن استقرار النظام الدولي. واشنطنوبكين تسعيان لتفادي تصعيدٍ جمركي من المنتظر أن يلتقي وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ، في ماليزيا خلال الأيام المقبلة لتهدئة التوترات التجارية. دونالد ترامب، الذي لوّح برسوم قد تصل إلى 100 % على الواردات الصينية ابتداءً من 1 نوفمبر، يسعى للحفاظ على موقع قوة مع مراعاة متطلبات الاستقرار الاقتصادي. وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن تدهورًا مستدامًا في العلاقات الاقتصادية بين القوتين قد يقتطع ما يصل إلى 7 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي على المدى المتوسط. صندوق النقد يحذّر من اقتصاد عالمي «مرِن لكنه معرّض للمخاطر» رغم بقاء وتيرة النمو العالمي عند نحو 3,2 % في 2025، يؤكد صندوق النقد أن هذا الزخم لا يزال هشًا. المخاطر المرتبطة بارتفاع مستويات الديون العامة، واستمرار صعود أسعار الفائدة، والتوترات التجارية تتراكم. كما يحذّر الصندوق من تصاعد المخاطر في قطاع الائتمان غير المصرفي، شديد التعرّض لأسواق السندات وحالات التعثّر الائتماني. وأي أزمة في هذا الشق قد تُخلّف آثارًا نظامية تماثل ما حدث في 2008. أوروبا تحت الضغط: نحو اقتراضٍ مشترك جديد؟ في مواجهة تحديات الدفاع والطاقة والقدرة التنافسية، يدعو صندوق النقد الاتحادَ الأوروبي إلى توسيع الاقتراض المشترك لتقاسم الأعباء وتعزيز القدرات الصناعية. وقد تُعبَّأ حزمة تعادل 0,5 % من الدخل القومي الإجمالي الأوروبي، أي نحو 100 مليار يورو، لتمويل القطاعات الاستراتيجية. غير أن هذا المقترح يثير انقسامًا بين الدول الأعضاء، إذ يخشى بعضُها تفاقم عبء الدين المشترك. المعادن الإستراتيجية.. سلاح اقتصادي جديد بيد بكين أعلنت الصين تشديد قيودها على صادرات «العناصر الأرضية النادرة»، وهي معادن أساسية لإنتاج البطاريات والمركبات الكهربائية والمكوّنات الإلكترونية. هذه الخطوة تضاعف الضغط على سلاسل التوريد العالمية، خصوصًا في أوروبا والولاياتالمتحدة، وتجدّد المخاوف من الارتهان للإنتاج الصيني. ويدعو صندوق النقد إلى تجنب أي صدمات عرض قد تعيد إشعال التضخم وتعرقل مسار الانتقال الطاقي. أوكرانيا: آلية دعم جديدة قيد الإعداد يعمل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على آلية تمويل جديدة لأوكرانيا، ترتكز إلى الأصول الروسية المجمّدة. وتقول الولاياتالمتحدة إنها «مؤيدة من حيث المبدأ» لهذه الخطة، الهادفة إلى ضمان الاستقرار المالي للدولة الأوكرانية ودعم إعادة الإعمار رغم استمرار النزاع. ومن شأن البرنامج أيضًا الحفاظ على سيولة المؤسسات الأوكرانية وتفادي أزمة نقدية. الأسواق المالية: الحذر يهيمن لا تزال الأسواق العالمية شديدة التذبذب: فانتعاش وول ستريت يعتريه القلق من تصحيح محتمل في قطاع التكنولوجيا، ومن المخاوف المحيطة بالمصارف الإقليمية الأمريكية. ويخشى المستثمرون تأثيراتٍ متسلسلة على الائتمان إذا ما سُجّلت زيادات جديدة في أسعار الفائدة. وفي آسيا، تستعد العائلة المؤسسة ل«سامسونغ» لبيع أسهم بقيمة 1,2 مليار دولار، مستفيدةً من موجة الصعود، فيما حصلت «بوينغ» على الضوء الأخضر لرفع وتيرة إنتاج طراز 737 ماكس إلى 42 طائرة شهريًا—رهانٌ على التعافي الكامل لحركة النقل الجوي عالميًا. روسيا: انفجارٌ قاتل في مصنع للمتفجرات في روسيا، أسفر انفجار وقع في مصنع متفجرات بمدينة سترليتاماك (بشكيريا) عن ثلاثة قتلى وخمسة جرحى. ويأتي الحادث ضمن سلسلة من الكوارث الصناعية في البلاد منذ بداية العام، ما يثير تساؤلاتٍ حول سلامة البنى التحتية الاستراتيجية وتأثير الحرب على أعمال الصيانة الصناعية. عالم بين الانكماش التضخمي والتوترات والمرونة تظل الإشارات الاقتصادية العالمية متباينة. فمسار الانكماش التضخمي مستمر في معظم الاقتصادات الكبرى، لكن تصاعد الديون والمخاطر الجيوسياسية والانقسامات التجارية لا يزال يهدد الاستقرار. وتتمثل المعضلة في الأشهر المقبلة في التوفيق بين النمو والانضباط المالي، مع تفادي أخطاء في إدارة السياسات قد تُغرق العالم مجددًا في أزمة مالية جديدة. تعليقات