من المعروف أن «من يريد إغراق كلبه يتهمه بالسعار». فنجاح المنتجات الفلاحية المغربية في السوق الأوروبية أفقد المنافسين المحليين صوابهم. لم يعودوا يعرفون ماذا يختلقون لإزاحة فواكه و خضر المملكة الشريفة من رفوف المتاجر. فبعد الحملة التي شنّها المنتجون الإسبان ضد الفراولة المغربية بذريعة واهية مفادها احتواؤها على فيروسات ، ها هي المؤامرة تُحاك هذه المرة ضد الطماطم المغربية الشهيرة. عندما يُهاجم منتج يحظى بإقبال واسع من المستهلكين و المصدّرين الفرنسيين – الذين يشترونه و يعيدون تصديره في صفقة مربحة للغاية – فإن الهجوم لا يكون بريئًا تمامًا. فالجميع يعلم أن وراء ما يبدو «معركة حول المعايير الصحية الأوروبية» مصالح مالية ضخمة. و الغريب أنه بعد أن تم تسويق هذا المنتج منذ سنوات طويلة داخل دول الاتحاد الأوروبي، يُكتشف فجأة أنه مضر بالصحة! أين كانت المعايير الصحية الأوروبية طوال هذه السنوات ؟ و لماذا استيقظ الفاعلون في القطاع عام 2025، بالضبط في الوقت الذي يبدو فيه أن المغرب تجاوز منافسيه الأوروبيين نهائيًا؟ من الواضح أن هذه الحملة المفاجئة ضد المنتوج المغربي ، التي تروّج لها بعض وسائل الإعلام الأوروبية، مثيرة للريبة. و كما فعل في ملف الفراولة بإسبانيا، يتعامل المغرب مع الأمر بصرامة و منهجية. أدانت الجمعية المغربية لمنتجي و مصدّري الفواكه و الخضر (Apefel) ما وصفته ب«حملة تضليل لا تستند إلى أي أساس»، سوى الحسد على حصص السوق التي يفقدها المنتجون الأوروبيون. و أشارت الجمعية إلى أن المعلومات المتداولة تفتقر لأي سند علمي و تستهدف الطماطم المغربية تحديدًا. أما الدوافع الاقتصادية الكامنة وراء الادعاء المزعوم بالحذر الصحي فلم تغب عن أعين المغاربة. فمنذ سنة 2023، أصبح المغرب أول مزوّد غير أوروبي للطماطم داخل الاتحاد الأوروبي، وهو ما أثار غيرة كثيرين. و تؤكد الجمعية أن هذا التقدّم هو ثمرة جودة الإنتاج و الإطار الصارم للرقابة الصحية. كما أثبت نظام المراقبة المغربي، الذي يشرف عليه المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، فعاليته و شفافيته. و تؤكد البيانات الصادرة عن الهيئات الأوروبية ذلك : من أصل 5502 إشعارًا صدرت بين عامي 2020 و 2025 بشأن منتجات نباتية مستوردة، لم يتجاوز عدد الإشعارات الموجهة للمغرب 49 فقط، أي أقل من 1%. و ترى الجمعية في هذا الرقم دليلًا واضحًا على تطابق السلسلة المغربية مع المعايير الأوروبية والدولية الخاصة بالسلامة الغذائية. كلّ شيء بدأ إثر تنبيه أطلقته جمعية المستهلك الفرنسية «Que Choisir» بخصوص وجود بقايا مبيدات ، بعضها يُصنف كمسرطن محتمل أو كمسبب لاختلالات هرمونية. و قال التقرير إن هذه المواد وُجدت في الطماطم المغربية و الإسبانية المباعة في فرنسا، مشيرًا إلى أن نحو 40% من العينات تحتوي على بقايا متعددة، مقابل 6% فقط للطماطم الفرنسية. لكن جمعية Apefel اعتبرت أن هذه النتائج مضلّلة ، لأن وجود بقايا مبيدات لا يعني بالضرورة تجاوز الحدود المسموح بها قانونًا. و أوضحت أن «تحليل النتائج يجب أن يتم في ضوء الحدود القصوى التي تحددها التشريعات الأوروبية و المغرب يلتزم بدقة بهذه الحدود». و أكدت الجمعية أن النسب المكتشفة لا تشكل أي خطر على المستهلك و هي مشابهة لتلك الموجودة في المنتجات الأوروبية. كما ترى أن وراء هذه الضجة دوافع حمائية و تجارية ضد منتجات استطاعت فرض نفسها بفضل قدرتها التنافسية العالية. و دعت الجمعية إلى علاقات اقتصادية هادئة قائمة على الشفافية و الشراكة الصادقة. و شددت الجمعية من جديد على تمسكها بالمعايير الدولية و على عزم المنتجين المغاربة على مواصلة كسب ثقة المستهلكين الأوروبيين. أما المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) فقد أكّد بدوره أن النظام المغربي للرقابة الصحية يلتزم بأشدّ المعايير الدولية صرامة. و أشار إلى أنه بين عامي 2020 و 2025، تضاعف عدد العينات المفحوصة أربع مرات، من 1536 إلى أكثر من 6600 عينة. و في غضون خمس سنوات ، سجّل نظام الإنذار الأوروبي السريع (RASFF) إشعارًا واحدًا فقط يتعلق بالطماطم المغربية بسبب تجاوز بقايا المبيدات، من أصل 52 إنذارًا صدرت لجميع الفاعلين في السوق الأوروبية. و هو ما يُعد دليلًا قاطعًا على مطابقة الإنتاج المغربي للمعايير الصحية و التنظيمية للاتحاد الأوروبي. أما ما تبقى، فليس سوى محاولات لتصفية منافس ناجح. تعليقات