أثارت زيارة الرئيس السوري أحمد شرع إلى واشنطن، ولقاؤه مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، وُصفت بأنها تاريخية ومفصلية في مسار العلاقات بين البلدين بعد عقود من التوتر والقطيعة. وفي تصريح لموقع تونس الرقمية، قدّم أحمد ونيس، الدبلوماسي والوزير الأسبق، قراءة تحليلية معمقة لهذه الزيارة، معتبرًا إياها "تحولًا استراتيجيًا كبيرًا" في مقاربة دمشق للعلاقات الدولية. وأوضح ونيس أن سوريا كانت تاريخيًا في صلب الصراع العربي–الإسرائيلي، خصوصًا منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، حيث مثّلت دمشق امتدادًا للموقف العربي في الدفاع عن القضية الفلسطينية والحقوق العربية أمام التمدد الإسرائيلي. لكن ومع مرور السنوات، دخلت البلاد في حرب طويلة مدمّرة، تسببت في إضعاف مؤسسات الدولة بفعل التدخلات الخارجية والأزمات الاقتصادية. و أشار ونيس إلى أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل عمِلتا على إنهاك النظام السوري عبر الضغط السياسي والعقوبات والتصعيد الميداني، مما أدى إلى إنهاك سوريا على المستويين الاقتصادي والأمني. غير أن زيارة أحمد شرع إلى واشنطن تمثل، بحسب ونيس، منعطفًا في السياسة السورية، إذ تسعى الولاياتالمتحدة إلى استمالة دمشق من خلال دعم اقتصادي وتعاون مالي بهدف استقرار البلاد ودمجها في معادلة إقليمية جديدة. ويرى ونيس أن الرئيس السوري يحاول من خلال هذه الخطوة إعادة تموضع سوريا سياسيًا واقتصاديًا لتجاوز مرحلة الانهيار وإعادة بناء مكانتها الإقليمية، لكنه حذّر في المقابل من أن هذه الانفتاحة قد تحمل ثمنًا سياسيًا باهظًا. ف«المقاومة السورية، التي كانت ركيزة أساسية في دعم القضية الفلسطينية، قد تتعرض للتهميش أو التجميد في حال انخراط دمشق في مسار تقارب مع الغرب»، وفق تعبيره. وهكذا، فإن زيارة أحمد شرع إلى واشنطن، رغم طابعها الدبلوماسي الظاهر، تحمل في عمقها رسائل استراتيجية تعكس تحولًا في تموضع سوريا الإقليمي، بين الواقعية السياسية وموازين القوى الجديدة في الشرق الأوسط. تعليقات