تونس الصباح مع بداية شهر جويلية القادم تدخل الادارة التونسية وكل المؤسسات العمومية والادارية الخاصة ايضا في طور جديد من العمل يتمثل في الحصة الواحدة ... وتمثل الحصة الواحدة المعمول بها صيفا في تونس منذ عشرات السنين نقلة نوعية في العمل الاداري على اعتبار حيز الزمن الذي تعمل فيه يوميا، وطبيعة العمل ايضا. لكن وبشكل عام فإن الحياة داخل المجتمع بأسره تأخذ طابعا آخر مع الحصة الواحدة، حيث تتغير اساليب العيش والحركية اليومية داخل المجتمع في ابعادها الاجتماعية والاقتصادية والتجارية وحتى السياسية. فما هي الميزات الاساسية التي تحصل في المجتمع جراء العمل بالحصة الواحدة؟ وماذا عن دواليب النشاط؟ وما هي ابرز الظواهر الاجتماعية التي ترتسم مع هذه النقلة في العمل الاداري، على اعتبار ان الادارة تبقى محور الحياة اليومية في كل تجلياتها؟ تغيرات جوهرية في الحركية العامة بداية من جويلية ودخول العمل بالحصة الواحدة اداريا، تحصل جملة من المتغيرات الملائمة لطبيعة الاداء الاداري في البلاد. ويتجلى هذا في باب اول على مستوى ابرز المؤسسات الحكومية التي تكون عادة انهت برامج نشاطها السنوى على اختلاف انواعه ... وباستثناء بعض الوزارات كالتربية والتعليم والتعليم العالي التي تواصل نشاطها باتجاه جملة الخدمات المسداة للتلاميذ والطلبة، فان باقي المؤسسات تعرف استرخاء في النشاط يكون في الحقيقة ملائما للصيف . ومن هذا المنطلق يمكن القول ان المرحلة الحالية التي تسبق بدايات جويلية تكون حازمة وقوية على اعتبار انها تمثل مرحلة انهاء كافة الملفات والنشاطات وذلك قبل بداية دخول جزء هام من الموظفين في عطلهم السنوية. غير ان هذا لا يعني موت الحياة الادارية داخل المؤسسات الحكومية ، بل أن مجالات النشاط تأخذ طابع الاستعداد للعودة الى العمل واعداد روزنامة النشاطات التي تنطلق مع بداية سبتمبر. وبشكل عام يمكن القول ان فترة العمل بالحصة الواحدة لا تعني انتهاء النشاط بقدر ما تمثل مهلة للتقييم والتثبت وشيئا من قلة الضغط اليومي التجليات الاقتصادية ومظهر الحياة العامة ان الدورة الاقتصادية في البلاد لا تتأثر بالتغيير الحاصل على مستوى العمل الاداري بالحصة الواحدة... وقد اثبتت جملة من الدراسات ان نمط الانتاج يتواصل، بل يتعزز في جملة من القطاعات على اعتبار اهمية العمل المسترسل داخلها . كما أن نوعية الحياة صيفا تؤكد ان النشاط المبكر الذي تفرضه الحصة الواحدة ، يمثل عاملا ايجابيا في الاداء ، ويطور الانتاج والانتاجية حتى في ظل غياب بعض العمال الذين ينصرفون لقضاء عطلهم السنوية بشكل متداول ودون مساس بمستوى الانتاج ، وسقفه ودورته العادية. ويشار الى ان طبيعة الحياة التى تميز التونسي تؤكد ان عوامل التغيير في مدة العمل لا تنعكس على مستوى الانتاج ، ولا تغير منه . حركة السوق والحصة الادارية الواحدة انعكاس العمل الاداري بالحصة الواحدة صيفا على حركة السوق يكون في العموم ايجابيا حسب ما اشار اليه العديد من التجار على اختلاف انشطتهم . حيث اكدوا انه وعلى الرغم من ضغط العمل الاداري على الموظفين صباحا ، فان السوق تتغير ملامح النشاط فيه لتتركز على ساعات بعد االظهر او المساء باعتبار تغير مواقيت العمل الاداري وتفرغ المواطنين لشؤونهم الخاصة ومن بينها التوجه الى الاسواق اليومية . وابرز تجار آخرون في مجال الملابس الجاهزة والاحذية وغيرها من النشاطات ان معظم اوقات الظهيرة والمساء يخصصه المواطنون ومن بينهم الموظفون للتسوق ، ولعل هذا ما يؤكد نجاح موسم التخفيض الصيفي في كل سنة على اعتبار انه يبقى موات للمواطن والموظف على وجه الخصوص لايجاد متسع من الوقت لقضاء شؤونه الخاصة. وابرز فريق آخر من التجار من اصحاب المساحات الترفيهية والمقاهي ان العمل الاداري بالحصة الواحدة يمثل بداية موسم النشاط السياحي لهم على اعتبار انه يمثل حيز الزمن الذي ينصرف فيه الموظف والاداري للراحة وللتوجه الى هذه الاماكن السياحية والترفيهية. وأكد هؤلاء ان الموظف يبقى في حاجة ماسة الى هذه الراحة صيفا وان تأقلم نشاطه مع الحياة الصيفية يأخذ هذا المنحى ، خاصة مع ارتفاع الحرارة وضرورة التمتع بقسط من الراحة للعودة للنشاط بحيوية
صعوبات في النقل وبعض الخدمات الاجتماعية يتأكد من خلال جملة المعطيات التي توفرت لنا حول الحصة الواحدة في العمل الاداري صيفا ان دواليب الاقتصاد والتجارة والنشاط الاداري على اختلاف انماطها لا تتأثر سلبا بالعمل الاداري المسترسل ، بل ان عديد المؤسسات اثبت نجاعة العمل بهذه الطريقة، كما ان حركة السوق والدواليب الاقتصادية والانتاجية على اختلاف انماطها لا تتعطل كما يرى البعض ، انما تنتظم فيها المردودية والانتاج بشكل عام . كما بدا لنا ايضا ان المواطن والموظف يتأقلمان بشكل سريع مع الحصة الواحدة ، حيث تنتظم الانشطة طبقا لهذا المنوال بشكل سريع، لكن الذي لاحظناه بخصوص الحصة الواحدة في جانبها السلبي هو ما تعلق ببعض الخدمات الاجتماعية التي تشغل بال بعض الموظفين وخاصة الموظفات الذين لهم اطفال حيث تتعطل دور حضانة الاطفال والرياض في نسبة هامة منها خلال الصيف وتبدأ معانتهم في البحث عن اماكن اخرى لايداع الاطفال اثناء فترة العمل. كما تتصل بعض الاشكاليات ايضا بالنقل سواء منه العمومي الذي يعرف طفرة اقبال كبير عليه وقت مغادرة الادارة، وكذلك النقل الخاص بخصوص ما تعرفه حركة المرور من اكتظاظ سواء ساعات الصباح او عند الظهر.