تونس الصباح - انطلقت منذ عدة اشهر لجنة تقييم في مستوى عال لدراسة امكانية اعتماد حصة واحدة في العمل الاداري بدل الحصتين المعمول بهما في الادارة التونسية ... وقد علمنا ان نشاط هذه اللجنة كان واسع النطاق ومعمقا بحيث شمل الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والحركة التجارية ومجال نشاط كل هذه الاوجه في الداخل وفي علاقة بالخارج ... كما اخذ نشاط هذه اللجنة بعدا استشاريا لجملة من الاطراف سواء منها المؤسساتية او الادارية وللاستئناس برأيها في مجال النشاط الاداري المعمول به ومدى تأقلمه مع التطورات الحاصلة في المجال الاقتصادي المتجه نحو العولمة، وكذلك في البعد الاجتماعي والاتصالي على وجه الخصوص، على اعتبار الارتباطات التي توجد بين الادارة التونسية ونظيراتها في كافة البلدان . ولعلنا لو عدنا الى مجرى الاحداث في مثل هذه الفترة من كل سنة للاحظنا تكاثر التساؤلات حول امكانية تغيير نمط العمل الاداري ، حيث كان يعود الحديث في كل سنة عن امكانية اعتماد الحصة الواحدة وتواصلها على امتداد اشهر السنة، لكن يبدو انه كان من الثابت ان اختيار الحصة الواحدة على طريقة ما هو معمول به صيفا لم يكن مجديا، لذلك لم يقع العمل به ولم تختره البلاد لعدم جدواه. واعتبارا للتطورات الاقتصادية والاجتماعية وللتحولات الحاصلة في مجال النشاط الاداري داخل معظم بلدان العالم ، ومسايرة اقتصادياتها خاصة لهذا التوجه الجديد، و مع التحولات الكبرى والنوعية الحاصلة من المجال الاتصالي والتي سهلت بشكل كبير النشاط الاداري وحررته من جملة قيود، تم ارساء نمط جديد من العمل الاداري يقوم على الحصة الواحدة وذلك باختلافات طفيفة في ارساء هذا النظام، يكون مستجابا لخصوصيات كل بلد، لكنه يرتبط في الان نفسه بالتحولات التي مثلت وجهة معظم البلدان. فهل ستتناغم تونس مع هذه التحولات في نمط العمل الادارى، وتقطع مع الحصتين المعمول بهما منذ ان ظهرت الادارة التونسية في بداية الخمسينات؟ الحقيقة ان المسار التونسي فى مجال رسم التحولات الجديدة الكبرى قد بدأ يتناغم مع التطورات العالمية وابرز مثال على ذلك ما تم بخصوص قطاع التأمين على المرض ... ولا شك ان هذا المسار والتحديث سوف يتواصل في مجالات اخرى متعددة. الحصة المسترسلة في العمل الاداري كنا اشرنا في مقال سابق الى امكانية اعتماد ما يسمى «الحصة المسترسلة» بداية من هذه السنة في النشاط الاداري، وذلك بعد ان علمنا ان لجنة قد كلفت بدراسة هذا الموضوع والانكباب عليه في جميع نواحيه . ويبدو ان نشاط هذه اللجنة حسب ما افادتنا به بعض المصادر قد تقدم بشكل ملحوظ، وان الدراسة قد اصبحت جاهزة، ويجري عرضها على الوزارات والمؤسسات الكبرى في البلاد وذلك لابداء الرأي فيما توصلت اليه اللجنة. ويشار الى ان التوجه العام لهذه الدراسة قد افضى الى امكانية ارساء نمط نشاط اداري جديد لا هو بالحصتين ، ولا هو بالحصة الواحدة انما سيكون في شكل حصة مسترسلة تنطلق من الساعة السابعة والنصف صباحا او الثامنة لتتواصل الى غاية اما الرابعة والنصف مساء او الخامسة مع تمتيع الاداريين بساعة راحة عند الزوال، وذلك على امتداد الايام الخمسة الاولى من الاسبوع ، اي الى غاية يوم الجمعة، اما يومي السبت والاحد فسيخصصان لراحة ادارية. متى يكون التطبيق في صورة اخذ هذا القرار؟ لئن لم تتأكد أية معلومات رسمية حول هذا التغيير في العمل الاداري ، فإن الارجح اذا ما تم اعتماده ان يتم تطبيقه اما بداية من مستهل شهر جويلية الذي يمثل بداية العمل بالحصة الواحدة صيفا ، او بعد نهاية الحصة الواحدة اي في مستهل شهر سبتمر الذي هو في الحقيقة يمثل العودة الادارية والنشاط في كل المستويات ويعتبر استهلال عام اداري جديد. التطلعات لارساء هذا النمط الجديد في العمل الاداري كبيرة وواسعة لكن مردوديته الاقتصادية والتنموية بشكل عام لا تقوم على النوايا والميولات، بل تبقى شأنا للعارفين بها سواء داخل السلطة او المشرفين على اداراتنا العمومية الكبرى التي تعتبر الانسب في الاختيار، خاصة اذا ما كان الامر يتعلق باختيارات جوهرية من هذا القبيل.