تونس الصباح تعتبر بطاقات الدفع البنكية احدى الوسائل الرائجة لتيسير معاملات المواطنين وتمكينهم من قضاء شؤونهم وخلاص مقتنياتهم.. اذ أنه بقدر ما تتميز به هذه الآلية من مرونة وايجابيات فانها قد تشذ عن القاعدة أحيانا وتتحول الى عامل توتر وهدر للوقت كما حدثنا عن ذلك مؤخرا أحد المواطنين الذي تفطن عند الاطلاع على كشف حسابه البنكي بأنه تم سحب أحد المبالغ التي سددها بواسطة هذه البطاقة مرتين لاحد المحلات التجارية، وبمراجعة البنك والمحل لاصلاح الخطإ وجد هذا الحريف تملصا من المسؤولية ورميا للكرة بين هذا وذاك، هذا المواطن رجانا ابلاغ صوته والاشكال الذي تعرض له. ومهما بدت مثل هذه الحالات محدودة، ومهما اتخذته من وقت لتسويتها يقينا فإن معالجتها أمر مفروغ منه في نهاية المطاف.. الا أن ذلك لا ينفي دعوة المواطن الى التحري عند قراءة كشوفاته البنكية، وفي المقابل يتعين على الاطراف المعنية بعمليات السحب واستخلاص المبلغ اصلاح الخطإ عند ثبوته دون مماطلة، اذا ما ذنب الحريف في حمله الى دفع المبلغ مرتين وتعطل شؤونه في التردد بين البنك والمحل لاسترجاع مستحقاته دون أن تكون له ناقة ولا جمل فيما يحصل.. فاقد الشيء.. هكذا بدا لنا الامر عند الاستماع الى شكوى المواطن. لكن بالاتصال بمنظمة الدفاع عن المستهلك وطرح الاشكال على انظارها بحثا عن نصائح وتوجيهات عملية للتعاطي في مثل هذه الوضعيات وحصر مسؤولية كل طرف لتلافي الوقوع في مثل هذا المأزق، استمتعنا فعلا واستفدنا كثيرا من الحديث الذي جمعنا بالسيد الهادي بلحاج مبروك أمين مال المنظمة والعضو بالمرصد الوطني للخدمات البنكية سيما أنه تجاوز الحالة المعروضة للتوسع في تناول موضوع البطاقات البنكية من جوانب عدة، مؤكدا أن حلحلة هذه الاشكاليات تعتمد أساسا على درجة وعي المواطن وحسن استعماله للبطاقات الالكترونية واحكام توظيفها وضرورة انتباهه عند تقديمها للاستعمال في حالات الدفع، الا أنه شدد في المقابل على دور «البنكاجي» في ارشاد الحريف الى كيفية التعامل مع البطاقة في شتى الخدمات المطلوبة، واذا كان الحريف تنقصه هذه «الثقافة» والإلمام بأبجديات استعمالها فانه يتعذر تحميله المسؤولية كاملة لأن فاقد الشيء أو لنقل الوعي لا يعطيه.. الوقاية.. والعلاج سألنا محدثنا عن مدى تواتر تسجيل هذه الاشكاليات صلب المنظمة فلاحظ أن مثل هذه «الحوادث» على غرار حوادث المرور تظل واردة دون امكانية التكهن بها، لكن يبقى التحسب لها والتوقي من الوقوع فيها متاح امام المواطن، مضيفا قوله «اننا نعول أساسا على وعي الحريف وضرورة التثبت والانتباه عند تقديم بطاقته لخلاص قيمة مقتنياته ومراقبة عملية ادخال البطاقة الى جهاز الاستخلاص لأنه قد يحدث سهو ولسبب من الأسباب ادخال البطاقة مرتين.. الى جانب القراءة الجيدة لفاتورة المقتنيات المسلمة من البائع..». وعلى أهمية هذه النصائح والدعوة الى التحلي بالوعي اللازم فقد سألنا عضو المنظمة عن الاجراءات التي يتعين القيام بها عند حصول مثل هذا الاشكال، فأردف بالحاج مبروك في الحين «في هذه الحال لا بد من تقديم عريضة كتابية يطرح فيها الاشكال الذي تعرض له مع تسلم وصل ايداع للعريضة لدى الفرع البنكي المعني.. كما يمكن للحريف الاتصال بالموفق البنكي لطلب تسوية وضعيته.. وفي مرحلة موالية وفي صورة تعذر التوصل الى حل منصف بالامكان اللجوء الى منظمة الدفاع عن المستهلك واذا لم يفضّ الاشكال يقع عرض الشكوى على المرصد الوطني للخدمات البنكية...». تحت المجهر ومادامت كل الطرق تؤدي الى روما فان كافة الوسائل ايضا تظل متوفرة للوصول الى تسوية اشكاليات البطاقات البنكية التي أفاد مصدرنا بأنها محل دراسة شاملة صلب المرصد في اطار مراجعة القوانين المنظمة لها بما يحد ويقلص من الاشكاليات والوضعيات الناجمة عن استعمال هذه البطاقات.. الموفق البنكي بخصوص الخطة الحديثة العهد التي تم احداثها داخل المؤسسات البنكية «الموفق البنكي» المؤهل لمتابعة عرائض الحرفاء وتشكياتهم سألنا محدثنا عن مدى تواجد هذا الموفق بكامل شبكة الفروع البنكية فأورد أن ذلك غير متاح ويقتصر تواجده على الادارة العامة للمؤسسة البنكية ويجري حاليا ضبط القائمة الاسمية والعناوين وأرقام الهاتف الخاصة بالموفقين وسيقع ادراجها بالموقع الالكتروني للمرصد الوطني للخدمات البنكية. علّمني.. علّمني.. «إذا لا ترشدني ولا تعلمني.. لا يمكنك محاسبتي» عبارة أوردها عضو منظمة الدفاع عن المستهلك لابراز أهمية بل وجوب تغيير عقلية التعامل مع الحريف من قبل المؤسسة البنكية وضرورة ارشاد وتدريب المواطن على استعمال البطاقة البنكية من قبل عون البنك والمبادرة بترسيخ «ثقافة بنكية» ترشد المواطن الى شروط الاستعمال السليم لبطاقته بما يعزز الوعي لديه بمزيد التحري والانتباه عند التعامل بأداة الدفع هذه في ظل ما تجده من رواج هام ومتصاعد.. مجددا الدعوة الى أهمية التزام المؤسسة البنكية بتقديم كافة المعطيات والمعلومات المبسطة حول البطاقة وعدم الاكتفاء بمجرد تقديمها بطريقة جافة لصاحبها تقتصر على تمكينه من الرقم السري دون توصيات عملية لاستخدامها.