على غرار العديد من المهرجانات الصيفية الكبرى، بدأت هيئة مهرجان صفاقس الدولي في الإعداد للدورة القادمة عبر إجراء اتصالاتها بصفة مبكرة مع الفنانين التونسيين منهم والأجانب، بهدف ضبط روزنامة عروضها ومواعيد سهراتها، وانجاز العقود مع المتعهدين لاجتناب المفاجآت والإلغاءات التي قد تحصل في آخر الأوقات . وفي هذا السياق عقدت مؤخرا هيئة المهرجان، جلسة عمل بحضور الأستاذ الشاذلي عزابو المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث وعدد من المثقفين والمبدعين في المدينة، لوضع الخطوط العريضة للبرمجة والتوجهات العامة للدورة الثلاثين التي يتوقع أن تكون استثنائية هذه الصائفة، ومنذ حفل الافتتاح بالتعويل على الكفاءات التونسية، ومبدعي الجهة في إنتاج عرض خاص بالمهرجان يتم ترويجه لاحقا في مهرجانات الولاية. مهرجان صفاقس الدولي الذي عرفت دورته الماضية تراجعا واضحا في إقبال الجمهور فسره البعض وبرره بظروف موضوعية وأخرى ذاتية، منها حادثة ستار اكاديمي والإلغاءات التي لم تسلم منها عدة مهرجانات دولية أخرى، مدعوة هيئته - ومن الان - إلى إعطاء الأولوية المطلقة إلى الفنان التونسي وابناء الجهة ومبدعيها، والتعاون مع الجمعيات والمنظمات وكبار متعهدي الحفلات لجلب الفنانين، ووضع برنامج واضح ومتكامل تراعى فيه مختلف الأذواق وخاصة الشبابية منها، في سنة تخصص للحوار مع الشباب، والعمل ايضا على ضبط خطة دعائية وإعلامية متكاملة ومتعددة الآليات، تستهدف بها كل الأحياء والأسواق والقرى المجاورة والمعتمديات، لاستقطاب الجمهور ولفت انتباهه إلى محتوى البرمجة بصفة مبكرة، والإعلان عن الفقرات التنشيطية الموازية للبرنامج الرسمي والتي ينبغي أن تقام في منطقة تبرورة ومحيطها العمراني والبيئي الجديد، في إطار تنشيط أمسيات المهرجان وإضفاء الصبغة الاحتفالية على الدورة، وتمكين العائلات من فرص الترفيه والتلاقي والاطلاع على العروض المخصصة للأطفال والكهول والشباب وغيرهم، وهو ما سيؤدي حتما إلى خلق علاقة حميمية وجديدة مع رواد المسرح الصيفي سيدي منصور. تفرد وامتياز بالعروض العالمية والى جانب كل هذا وبهدف اجتناب الإلغاءات التي حصل بعضها في الدورة الماضية، فان المنظمين لفعاليات الدورة الثلاثين للمهرجان مدعوون إلى التنويع في البرمجة، باختيار عروض مسرحية تونسية راقية وجديدة، والتعويل أيضا على أصوات تونسية وعربية كبرى تحدث بها الرجة النفسية لدى الجمهور، وتثيره، وتحقق بها الأطراف المنظمة الامتياز والتفرد عن باقي المهرجانات الدولية الأخرى، كأن يتم مثلا برمجة عروض فنية وسهرات لكل من ماجدة الرومي وكاظم الساهر وهاني شاكر وثامر حسني وحسين الجسمي ورضا العبدالله وعبد الوهاب الدوكالي وعبد الهادي بلخياط ورجاء بلمليح وسميرة سعيد وفلة عبابسة وملحم بركات ووديع الصافي وصباح فخري والشاب خالد وغيرهم... وجلب فرق فنية عالمية تقدم موسيقى الريغي والجاز والفلامنغو والصمبا من البرازيل واسبانيا والكامرون والسينغال وروسيا وكندا والبرتغال،،، وبرمجة عروض فنية تونسية تعنى بالتراث وتقدم الفنون الشعبية التونسية في أبهى صورة، وعلى أصالتها، تقرب بها هيئة المهرجان الجمهور من عاداته وموروثه الموسيقي المتنوع والثري، إضافة إلى عروض موسيقية للطفي بوشناق وزياد غرسة وامينة فاخت ونبيهة كراولي ونورالدين الباجي والزين الحداد وصابر الرباعي ومحمد الجبالي وصوفية صادق وبلقاسم بوقنة ومنير الطرودي وغيرهم. المهرجان ظاهرة اجتماعية أيضا ونعتقد انه بمثل هذه المكونات والاجتهادات والإضافات، والإقدام على المغامرة والبحث عن التجديد والتطوير في البرمجة، وفي التصورات وفي أساليب العمل والدعاية، وبالحرص على الاقتراب أكثر فأكثر من رغبات الجماهير على تعدد أذواقها وميولاتها، يمكن تحقيق المصالحة مع هذه الجماهير، وجلبها واستقطابها، وانجاز دورة استثنائية ومتعددة النجاحات، وهو ما يتطلع له جمهور المهرجان وأهل الثقافة ورجال الإعلام، وينتظرونه من المشرفين والقائمين على التنظيم والتسيير. مهرجان صفاقس الدولي بما يشيعه من ترفيه ومتعة الفرجة لدى الجماهير في المدينة، ويروجه من ثقافات وفنون موسيقية ومسرحية يظل ظاهرة حضارية وثقافية كبرى، وظاهرة اجتماعية أيضا، بما يحدثه بين الناس والمتابعين لشؤون المهرجانات من اهتمام وأحاديث وبما يثيره من تعاليق في الأوساط الثقافية والإعلامية في الداخل والخارج، وينشئه من حركية اقتصادية وسياحية في المدينة... فهل تتحقق جميع هذه المعادلات في صائفة 2008.