لن نقبل بالمس من السيادة وسلطة القرار ولن نقبل بالدروس ومنطق الكيل بمكيالين تونس - الصباح:تمكن مؤخرا الحزب الاجتماعي التحرري من الفوز بمقعد دائم ضمن الأممية الفيدرالية وهو الهيكل الدولي الممثل للأحزاب التحررية في العالم. وقد اعتبر هذا الحدث مكسبا كبيرا للحزب خاصة أن شروط العضوية الكاملة في المنظمات الدولية تبقى صعبة في ظل التحالفات والتكتلات واللوبيات المسطرة عليها. وحول هذا الحدث وتبعاته على الحزب الاجتماعي التحرري وطنيا ودوليا,كان لنا هذا الحديث مع أمينه العام السيد المنذر ثابت. * منذ أيام حصلتم على مقعد دائم في الأممية الفيدرالية.وهو هدف سعيتم إليه منذ سنوات.فماذا يمثل إليكم هذا الانجاز وماذا سيضيف للحزب على المستوى الوطني والدولي؟ - بالفعل فالجديد بالنسبة للحزب هو حصول الحزب في المؤتمر الأخير للأممية الليبرالية المنعقد في بلفاست على مقعد دائم أي أنه أصبح عضوا كامل الحقوق في الأممية الليبرالية.واعتبر هذا الانجاز نقلة تاريخية في مسار الحزب الاجتماعي التحرري خاصة انه يأتي كمحصلة للتحركات الخارجية للقيادة الجديدة منذ 2006 يعني منذ المؤتمر 54 للفيدرالية الليبرالية المنعقد سنة 2006 في مراكش دخل الحزب في حوار مع الفيدرالية الليبرالية وانخرط في تأسيس شبكة الليبراليين العرب والشبكة الليبرالية الإفريقية. وحضور الحزب مختلف مؤسسات الأممية الليبرالية كان لافتا ونوعيا حيث انه قدم جملة من التصورات من بينها المشاركة في صياغة مفهوم شبكة الليبراليين العرب وأكدنا على ضرورة أن يكون هذا التنظيم مفتوحا للعرب أينما كانوا. وعملنا على تشكيل قوة ضغط تضم الطاقات والكوادر والمهاجرين من العرب خاصة في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية. نفس الشيء بالنسبة للشبكة الليبرالية الإفريقية,فان الحزب الاجتماعي التحرري منذ لقاء جوهانزبورغ أكد على أهمية وضع تصور تنظيمي وسياسي يستوعب خصوصية القارة الإفريقية فيما يتعلق بالنزاعات وكذلك بمفهوم التنمية السياسية. ومنذ البداية أكدنا على ضرورة وضع جملة من المفاهيم الأساسية وأولها قضية الحق التدخل الإنساني اعتبارا لتعاضم المطامع في القارة الإفريقية واعتبارا كذلك للتخلف الموجود في جل أجزاء هذه القارة والأكيد أننا وضعنا في هذا السياق المطامع الاستعمارية الجديدة. الانضمام للأممية الإفريقية ليس بالمصادفة ولا هو مجرد عملية إدارية بل تتويج للمجهودات والتحركات الخارجية دافعنا فيها عن وجهات نظرنا بكل استقلالية ودافعنا عن الثوابت التي يتبناها الحزب الاجتماعي التحرري خاصة فيما يخص قضية الشرق الأوسط والانحياز المفضوح الذي تبديه البلدان الغربية وفي مقدمتها ألمانيا بالى الطرف الإسرائيلي. والجدير بالذكر أن الاجتماعي التحرري نظر إلى العلاقات الخارجية من زاوية المصلحة الوطنية بما يعني هذا أننا نقدم في كل المناسبات قراءتنا لتطور الأوضاع من خصوصية التجربة التونسية مؤكدين على أهمية ما تّم انجازه لكن في سياق ديناميكي وسياق نقدي نحن نقول بان تونس مؤسسة على تقاليد اعتدال ثقافي وسياسي وهو ما رشحها بان تكون في مقدمة البلدان الديمقراطية والحداثية في منطقة المتوسط. ولا بد من أن نذكر أن النتيجة لم تتوقف على دخول الحزب للأممية الليبرالية فحسب، بل كذلك تعبير مؤسسات هذا الهيكل وشبكة الليبراليين العرب والشبكة الإفريقية عن اهتمامهم بتنظيم لقاءات واجتماعات بتونس. وهو ما نعتبره تشريفا لصورة تونس وكسبا سياسيا وديبلوماسيا خاصة وأننا من المدافعين عن مقولة "الديبلوماسية الموازية". * هذا الموقع الدولي الجديد سيكون له التزامات ومسؤوليات جديدة على المستوى الدولي. وستكونون مطالبين بتأكيد عديد المواقف خاصة منها الإقليمية. فهل انتم مستعدون للدفاع عن أفكاركم وقناعاتكم في خضم ما يسود هذه المنظمات من تحالفات وتجاذب؟ - بكل تأكيد هناك نتائج هامة في مستوى الالتزامات والمسؤوليات، والوضع الجديد تطلب هيكلة جديدة قادرة على كسب الرهانات ومجابهة الالتزامات. فاليوم الحزب الاجتماعي التحرري مطالب بمواصلة هذا الانجاز وتوسيع دائرة التأثير والعمل أكثر على مستوى العلاقات الثنائية. والمرحلة المقبلة ستكون مرحلة تثبيت العلاقات على المستوى الثنائي.فعديد الأحزاب المؤثرة والهامة في المستوى الأوروبي والإفريقي يمكننا أن نطور معها علاقات ثابتة وتعاونا وتبادل خبرات خاصة أنها فاعلة في اتخاذ القرار ولها وزن وتأثير وتشتغل وفق نظام التحالفات. ويمكن لحزبنا أن يؤسس لمركز ثقل خاصة انه من الأحزاب القليلة التي تجمع بين الشبكة العربية والشبكة الإفريقية.ومن الأحزاب العربية والإفريقية القليلة جدا الحائزة على مقعد في الليبرالية الدولية التي لا تنتمي إليها سوى ثلاثة أحزاب مغربية. * من خلال حديثكم ,نلاحظ تركيزكم فقط على مرحلة رئاستكم للحزب.فهل أن من سبقكم في القيادة لم يبادر إلى أن يكون للحزب مكانته العالمية وتأثيره على المستوى الإقليمي والدولي؟ - الحزب الاجتماعي التحرري بقيادته السابقة ظل لأكثر من عشر سنوات في وضع ملاحظ ضمن الفيدرالية الليبرالية.وبكل أمانة وموضوعية كان حضوره صلبها ضعيفا وغير مقنع اعتبارا لغياب الإستراتيجية الواضحة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية وغياب المواقف خاصة المتميزة فيما يتصل بأهم الملفات المطروحة على الساحة الدولية.ولا ننكر وجود بعض الاجتهادات الفردية والشخصية لكن هذه الاجتهادات لم تكن لتقدم للمنتظم الدولي صورة عن حزب واضح الاتجاهات وحزب يؤسس لقراءة منسجمة للأوضاع الدولية .كما أن حضور الحزب ومستوى تمثيليته ونوعية الحضور كان دون المطلوب لذلك ظل الحزب طيلة هذه المدة في موقف ملاحظ ولم يتمكن من الحصول على موقف مؤثر داخل هياكل الأممية الليبرالية.كما أن زيارات مسؤولين ليبراليين دوليين لنا في تونس انتهت بتقارير سلبية عن الحزب وتأثيره الوطني. ولكن بعد دخول الحزب في مرحلة جديدة، دخلنا في ديناميكية أخرى واعتمدنا على كفاءات وخبرات شابة لتدعم الكفاءات ذات الخبرة والمتمرسة وتم توزيع الأدوار وعملنا من اجل غاية حصلنا عليها مؤخرا وهي الحصول على العضوية الدائمة. * وهل سيكون لعضويتكم الجديدة في الليبرالية الدولية تأثيراته على المستوى الوطني خاصة لما تعرف به هذه المنظمات عادة من تدخل في الشأن الداخلي لمنظوريها وللشأن الوطني؟ - التأثير سيكون ايجابيا بالتأكيد، ونحن على استعداد للتفاعل والعمل المشترك والتنسيق. لكن لن نقبل بالمس من السيادة وسلطة القرار ولن نقبل بالدروس ومنطق الكيل بمكيالين سواء بالنسبة لمواقفنا الوطنية أو الإقليمية وخاصة منها القضايا العربية والقضية الفلسطينية وغيرها من قضايا الأمة. وهو ما أكدناه حتى في المؤتمر الأخير الذي أبرزنا فيه وبكل شدة مواقفنا القومية.فمنذ اللحظة الأولى لم نكن في وضع المتفرج ضمن الفيدرالية الأممية ولن نكون كذلك. * هذه الوضعية الجديدة للحزب تفترض هيكلة جديدة له وعمل مغاير حتى وطنيا.فأي مشاريع إصلاحية أعددتموها وأي تحولات ممكنة للحزب تتناسب مع وضعيته وحجمه الجديد؟ - التزامات الحزب الاجتماعي التحرري عديدة ومتعددة الاتجاهات والأهداف.فهناك التزامات جديدة تجاه القيادة المركزية للفيدرالية الأممية,التزامات تجاه منظمة المرأة الليبرالية العالمية,ولدينا التزامات كذلك فيما يتعلق بالعلاقة مع منظمة الشباب الليبرالي العالمي,وأيضا تجاه شبكة الليبراليين العرب وأيضا تجاه الشبكة الليبرالية الإفريقية .هذا الحجم من الالتزامات يعني تعهدات والتزام تنظيمي والتزام مادي... كل ذلك يعني ضرورة وضع هيكل خاص ضمن الحزب يعتني بالعلاقات الخارجية .وشخصيا انا حريص على ضم كفاءات وكوادر متمكنة ومختصة من شانها أن تعد العدة لمعالجة مختلف الملفات التي تطرحها كل هذه الهياكل وأيضا تنسيق سياسات التحرري في علاقة بهذه المنظمات. ولا يمكن أن نسجل حضورا بارزا على مستوى خمسة هياكل ومنظمات دون إستراتيجية مدروسة ومسبقة ودون ضمان عمق الطرح فيما يتصل بجملة القضايا والمواضيع التي تطرحها هذه المنظمات.