بيان للهيئة الوطنية للمحامين حول واقعة تعذيب تلميذ بسجن بنزرت    لاليغا الاسبانية.. سيناريوهات تتويج ريال مدريد باللقب على حساب برشلونة    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الاتحاد المنستيري يضمن التأهل إلى المرحلة الختامية من بطولة BAL بعد فوزه على نادي مدينة داكار    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    الأنور المرزوقي ينقل كلمة بودربالة في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي .. تنديد بجرائم الاحتلال ودعوة الى تحرّك عربي موحد    اليوم آخر أجل لخلاص معلوم الجولان    الإسناد اليمني لا يتخلّى عن فلسطين ... صاروخ بالستي يشلّ مطار بن غوريون    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    مع الشروق : كتبت لهم في المهد شهادة الأبطال !    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    حجز أجهزة إتصال تستعمل للغش في الإمتحانات بحوزة أجنبي حاول إجتياز الحدود البرية خلسة..    بايرن ميونيخ يتوج ببطولة المانيا بعد تعادل ليفركوزن مع فرايبورغ    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة: أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد تداول صور تعرض سجين الى التعذيب: وزارة العدل تكشف وتوضح..    قطع زيارته لترامب.. نقل الرئيس الصربي لمستشفى عسكري    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    الملاسين وسيدي حسين.. إيقاف 3 مطلوبين في قضايا حق عام    إحباط هجوم بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا'المليوني'    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    أهم الأحداث الوطنية في تونس خلال شهر أفريل 2025    الكاف: انطلاق موسم حصاد الأعلاف مطلع الأسبوع القادم وسط توقّعات بتحقيق صابة وفيرة وذات جودة    نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق    حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص ببن عروس    الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 2025": فرصة لدعم الشراكة والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والمستدامة    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق رعاية كبار السن    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    إحباط عمليات تهريب بضاعة مجهولة المصدر قيمتها 120 ألف دينار في غار الماء وطبرقة.    تسجيل ثالث حالة وفاة لحادث عقارب    إذاعة المنستير تنعى الإذاعي الراحل البُخاري بن صالح    زلزالان بقوة 5.4 يضربان هذه المنطقة..#خبر_عاجل    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي اليوم بهذه الولايات..#خبر_عاجل    برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    خطير/كانا يعتزمان تهريبها إلى دولة مجاورة: إيقاف امرأة وابنها بحوزتهما أدوية مدعمة..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    أريانة: القبض على تلميذين يسرقان الأسلاك النحاسية من مؤسسة تربوية    بطولة فرنسا - باريس يخسر من ستراسبورغ مع استمرار احتفالات تتويجه باللقب    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاذلي القليبي ل«الصباح»: هذه علاقتي بقائد السبسي.. ولست محايدا عندما يتعلق الأمر بسوريا
نشر في الصباح يوم 26 - 09 - 2017

قد يكون الشاذلي القليبي من الوجوه السياسية الأقل ظهورا في الاعلام والأقل كلاما أيضا، ولكن في جراب الرجل -الذي احتفل قبل أيام بعيد ميلاده الثاني والتسعين (ولد في 6 سبتمبر1925) الكثير من المواقف التي تحسب له سواء عندما تولى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية او عندما تولى وزارة الثقافية.
قال عنه الوزير المفوض في الجامعة العربية حميد المرعشي ان الجامعة العربية لم تكن قوية كما كانت في تونس وكانت أقوى فترة عاشتها لأنها كانت تتصرف بحرية ومسؤولية وكانت لفترة بعيدة عن التجاذبات، كما ان الرجل كان بعيدا عن المزايدات وقد كانت استقالته لحظة فاصلة.
الشاذلي القليبي الذي التقيناه في حوار الذكريات والصراحة تحدث إلينا عن المشهد السياسي الراهن اليوم في تونس بعد نحو ست سنوات على الثورة ودور النخبة السياسية وصولا الى المشهد العربي الراهن وتحديات المرحلة. وكعادته، يبقى الشاذلي القليبي مهووسا بقواعد اللغة العربية حريصا على احترام النقطة والفاصل كاحترام القواعد اللغوية، فذلك جزء من لا يتجزأ من اللغة العربية التي يعيب على الكثيرين عدم احترامها اليوم، وهو الى جانب كل ذلك متابع للأحداث والتحولات المتسارعة في العالم العربي ويظل متفائلا بشأن نهاية الازمات المتعددة التي تنخر الجسد العربي..
يذكر أن الشاذلي القليبي تولى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بين 1979 و1990 وذلك بعد توقيع مصر اتفافية كامب ديفيد، وقد استقال خلال الاجتياح الأمريكي للعراق (1990 – 1991).
* بداية، كيف هي نظرة الأستاذ الشاذلي القليبي الى الطبقة السياسية اليوم وماذا يعيب عليها؟
- الديبلوماسية التونسية لها ثوابت ولا تزال قائمة، وأول هذه الثوابت أن مصلحة تونس السيادية قبل المصالح الاقتصادية. التناحر هو الغالب على المشهد السياسي بينما الواقع أن ما يسمى بالثورة كان يفرض على النخبة السياسية أن تكون لها مواثيق أخلاقية وأدبية مشتركة. الثورة لا تنجح الا باتحاد الطاقات، أما التشتت فلا يساعد على غرس القيم الثورية في المجتمع.
* شهدت الساحة التونسية جدلا مثيرا بعد طرح مسألة المساواة في الارث في خطاب رئيس الجمهورية، كيف ينظر الشاذلي القليبي الى هذه المسألة؟
- بورقيبة جاسر وصنع قانون تعدد الزوجات وكان ذلك استنادا الى اية واضحة يتضح من خلالها أن العدل بين الزوجات امر لا يمكن تحقيقه. اذن الزواج يفرض العدل وتعدد الزوجات يفرض الاستناد الى العدالة والعدالة غير ممكنة حتى وان حرص الانسان على ذلك. وقد استند بورقيبة في ذلك الى رأي الفاضل بن عاشور الذي استند بدوره الى والده الطاهر بن عاشور.
فكر بورقيبة في تسوية الميراث ودعا الفاضل بن عاشور فعاد اليه وقال له لم نجد حلا. وقال بورقيبة آنذاك لا لتشويش المجتمع فقد كانت البلاد مقبلة على خوض معركة ضد التخلف وربما أدى الموضوع الى تفرقة الصفوف.
ربما اختار بورقيبة تأجيل الامر لبعض الوقت، وعلى حد اعتقادي فإن سي الباجي لم يعط اذنا او أمرا في هذا الشأن، بل قال نفكر في الامر وطلب رأي لجنة معينة ومن الخطإ الاعتقاد أن سي الباجي قال افعلوا كذا. أثيرُ الموضوع في المجتمع ونأخذ رأي أهل الذكر.
* وماذا عن المنشور 73 وزواج المسلمة من غير المسلم؟
- هذا أمر مطروح للنقاش. هناك من يقول أنه مشكل اجتماعي وليس عقائديا فقط، وعندما يكون الاب مسيحيا يصبح الأبناء على دين والدهم. وهناك من يقول إن الامر يتعلق بالحريات الخاصة وهذه الأمور لا تعالج بقرار بل بحوارات طويلة ودؤوبة.
* اليوم كيف ترى واقع الديبلوماسية التونسية؟
- الديبلوماسية التونسية لها ثوابت ولا تزال قائمة، وأول هذه الثوابت إن مصلحة تونس السيادية قبل المصالح الاقتصادية، بمعنى أنه ليس لأننا سنحصل على مساعدات اقتصادية نسلم في السيادة الوطنية والثانية إن المصالح التونسية لا يمكن الا أن تكون مرتبطة بمصالح المنطقة المغاربية ولا يمكن أن تكون مستقلة عن المصالح العربية.
* الشاذلي القليبي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية كيف تنظر اليوم الى ما يحدث في سوريا وكيف يمكن أن يكون الحل للازمة السورية؟
- صراحة لست محايدا عندما يتعلق الامر بسوريا. لي محبة خاصة لحافظ الأسد، رجل عظيم وذكي وله ثقافة سياسية عالية. أنا منحاز عندما يتعلق الامر بسوريا وتقديري للأسد الاب لا يمكن أن يحسب لابنه. سوريا ستعود الى الخط الحافظي طال الزمن أم قصر.
أعتقد أن الحرب أوشكت على النهاية امريكا وفرنسا غيرتا رأيهما بشأن رحيل الأسد وتنظيم «داعش» في تراجع والحل ليس ببعيد. بل هناك من يقول إن الانتخابات ممكنة العام القادم.
* وماذا عن الازمة في ليبيا؟
- ليبيا مازالت معقدة. في هذا البلد عشائر وقبائل أكثر من سوريا، وليبيا تحتاج الى توحيد الصف وهذا أمر يحتاج الى عدد من الزعماء الذين لهم تأثير وما هو موجود في الساحة الليبية لا يلبي هذا الشرط ولابد من وحدة الصف حتى يتغير المشهد.
* ولكن، ماذا عن العراق بعد أكثر من ثلاثة عشر عاما على اجتياح بغداد؟
- أعتقد أن الازمة في سوريا والعراق وحتى لبنان مرتبطة بمؤامرات إسرائيلية. إسرائيل كانت ولا تزال تعتقد أنه لم يقر لها قرار باستقرار هذه الدول، وهي اليوم من يدعم الاستفتاء في كردستان العراق.
طبعا ليس من مصلحة إسرائيل أن يكون العراق او سوريا أو لبنان قويا. قسموا العراق وجعلوا الشيعة مع إيران وعرضوا الاستقلال على الاكراد. العراقيون سنة وشيعة وأكراد مطالبون بالصبر والاتفاق على وحدة البلاد. قوة العراق في تعدده ووحدته.
* هل انتهى اليوم زمن الجامعة العربية التي وقفت عاجزة في مواجهة كل هذه القضايا؟
- بالعكس، لا بد أن تبقى جامعة الدول العربية، ولكنها تحتاج تقوية منهجها وطريقة عملها. اقتراحي أن تهتم جامعة الدول العربية بالمجتمعات وأن تكون -لم لا- جامعة المجتمعات والدول العربية. القوة تكمن في المجتمع وحضارته ويقظته وتنميته.
* لماذا يعجز العرب عن الخروج من دائرة التخلف؟
- أولا، غير صحيح أن العرب وحدهم المتخلفون.. هناك دول متخلفة في افريقيا. وأود أن أشير إلى أن المسلمين دخلوا في عهد الانحطاط بابتعادهم عن القيم الإسلامية الحقيقية والتي تعتمد إعمال العقل في كل الأمور والمساواة بين الفئات الاجتماعية والتضامن بينهم والعمل من أجل السلام بين المسلمين وغيرهم من الشعوب.
الاسلام دين سلام وكل هذه القيم نسيها المسلمون واهتموا بالسفاسف والشكليات فدخلوا في التخلف. العهد العربي الإسلامي امتد قرونا طويلة بفضل المبادئ والقيم الإسلامية وعلينا أن نذكر أن التنمية الإسلامية اجتماعية واقتصادية.. ثم ان المعرفة أمّ التنمية وليس هناك نهوض دون تعليم. وإذا كان المجتمع منغمسا في التخلف والانحطاط ويعادي القيم الإنسانية فمعنى ذلك أنه لا بد من نهضة شاملة لكل الطاقات الذهنية والأخلاقية.
* هل نحن إزاء افلاس أخلاقي؟
- النهضة مرتكزة على قيم أخلاقية ذهنية وقيم اقتصادية وإذا تعلقت المجتمعات الإسلامية بهذه القيم فإنها ستكون سائرة نحو التقدم. ما وصلته اسبانيا الإسلامية أي الاندلس لم يكن معروفا لدى كل أوروبا. الاسلام أعطى الأمان لأهل الكتاب والرسول يقول يوم الحساب أكون خصما لمن ظلم أحدا من أهل الكتاب.
أخذ الإسلام حماية الاجناس الأخرى وفتح لهم المجتمع الإسلامي وهذا لم يتواجد في حضارات أخرى ولهذا بلغت الاندلس ما بلغته بفضل تلك الوحدة بين اليهود والمسيحيين والمسلمين. الثقافة اليهودية ازدهرت في الاندلس أكثر من أي مكان آخر.
* هل يمكن أن يكون لوجود لجنة حكماء دور في معالجة الازمات الكثيرة في البلاد؟
- أثيرت مسألة تشكيل لجنة حكماء أكثر من مرة ولكن لا أحد من أهل الذكر تولى تنظيم ذلك، وكان أحرى بالأحزاب السياسية التفكير في لجنة حكماء من مختلف التوجهات بدل التخاصم والتناحر.
* ماذا يجمعك بالباجي قائد السبسي؟
- نحن أصدقاء منذ الشباب ونحن نلتقي في عديد المسائل، وعموما نحن متفقون في الأمور الأساسية والجوهرية. أقول أنه ظلم حيث منح نفوذا منقوصا.
* هل يعني هذا انكم تؤيدون تحويرا للدستور في هذا الاتجاه؟
- ليس عاجلا.. عندما يتحقق النضج. لا أقول لتغيير الدستور أو تحويره بل لإثراء الدستور وتفتحه حتى يكون لرئيس الدولة نفوذ. بورقيبة كان له نفوذ.
* ولكن هنا مربط الفرس. أليس هذا سبب المخاوف من العودة الى التفرد بالسلطة؟
- ولهذا أيضا أقول لا بد من فرامل... نعم لتوسيع نفوذ الرئيس ولكن لا بد من وجود رقابة قوية حتى لا يحيد عن الطريق.
حديث الذكريات عن التجربة الأولى في «الصباح» والمشهد الإعلامي الراهن
الشاذلي القليبي الذي التقيناه في حوار الذكريات تحدث عن تجربته الأولى وعاد بنا الى المراحل التي سبقت تأسيس جريدة "الصباح" قبل أكثر من ستة عقود مرورا بالمشهد الاعلامي الراهن في تونس وتحديات المرحلة.
وفي ما يلي هذا الجزء من الحوار:
* «الصباح» حكاية من حكايات الشاذلي القليبي، كيف كانت بداية تلك التجربة، وماذا بقي منها في الذاكرة؟
- هكذا كانت البداية وكنت أستاذا بالمعهد الأعلى للدراسات، وفي أحد الأيام كنت عائدا من المعهد وفجأة توقفت أمامي سيارة ونزل أحدهم وقال لي «أنت الشاذلي القليبي؟» فقلت «نعم». لم ينتظر أن أسأله من يكون قال «أنا الحبيب شيخ روحه سنؤسس جريدة بمساعدة الحزب وبحضور بعض الوجوه من الحزب». ثم كان لنا جلسة تأسيسية وهناك وجدت علالة البلهوان والباهي الادغم ومحمود المسعدي ومحجوب بن ميلاد ومصطفى الفيلالي... وجدت نفسي في حضرة ثلة من المثقفين والسياسيين والمناضلين، وتم الاتفاق على أن يكون الهادي العبيدي رئيس التحرير، فقد كان من الصحفيين المميزين. كانت له كتابات راقية وكان من أبرز الأسماء الصحفية وكانت له تجربة مع أغلب الصحف التونسية.
وتم الاتفاق أيضا أن يكون معه الحبيب الشطي الذي كان رئيس تحرير «الزهرة». وتم الاتفاق أيضا على أن يكون في الصحيفة صفحة أدبية تكلف بها الفيلسوف محجوب بن ميلاد. وسيكون من الموقعين على تلك الصفحة الشاذلي القليبي ومصطفى الفيلالي. ولو كان بالإمكان لنصحت بأن يتم اعتماد تلك النصوص لطلبة الصحافة للاطلاع عليها.
كانت «الصباح» لسان الحزب الدستوري ولكن دون أن يتضح ذلك. كان علالة البلهوان من وراء لجنة التحرير.
* ما الذي بقي في الذاكرة من تلك التجربة؟
- الكثير وخاصة تلك الصفحة الأدبية الأسبوعية التي كنا نتجند لها وكان لنا كركن «من وحي القلم». كان الهادي العبيدي من جماعة تحت السور التي سبقت جيلي. كان للحبيب شيخ روحه الفضل الكبير على المؤسسة اداريا وماليا.. كان يعمل على سيارة أجرة بين صفاقس وتونس.
لا أعتقد انه تحصل على الشهادة العلمية ولكنه كان ذكيا جدا ويفهم مجريات الأمور ولم يكن يتدخل في شؤون التحرير. ولكن من المهم الإشارة إلى أن البلاد كانت تعيش ظروفا تاريخية استثنائية مع بداية معركة التحرر من أجل السيادة. كان بورقيبة في تلك الفترة في القاهرة وكان صالح بن يوسف المهيمن على الحزب. ظلت «الصباح» عنوان المعركة الوطنية.. مالت لليوسفية وابتعد عنها البورقيبيون لفترة معينة. ولكن بعد استقلال البلاد واستعادة بورقيبة موقعه على الساحة السياسية استعادت «الصباح» مكانتها بعد لقاء بورقيبة ومؤسس الصحيفة الحبيب شيخ روحه. لم نعرف أي نوع من الرقابة أو ما يسمى بالصنصرة من جانب الحزب وكانت الصحيفة تخرج من المطبعة الى السوق مباشرة.
*كثيرة هي الشخصيات التي انطلقت من «الصباح» وتبوأت لاحقا مناصب سياسية هامة، هل من توضيح في هذا الشأن؟
- طبعا هناك الحبيب الشطي الذي سيكون وزير خارجية ومحمود المسعدي وزير التربية والحبيب بولعراس لاحقا. بولعراس كنت من تولى انتدابه في الإذاعة الوطنية لتعويض محمد علي بن سالم ومن هنا بدأ ظهوره وقد كان في حجم المسؤولية. لم أظلم محمد علي بن سالم وحرصت على أن تكون له امتيازاته المادية. ارتبط صوته بمرحلة الاستعمار ولذلك كان لا بد من البحث عن بديل. أذكر أيضا محمد المصمودي مراسل «الصباح» في واشنطن وبشير بن يحمد في باريس ومحمد بن إسماعيل.
* ماذا تعيب على اعلامنا اليوم؟
- في غالب الأوقات أجد مقالات تفتقر للتركيز وللحبكة السياسية واللغوية والأخطاء اللغوية لا تعد. كذلك ألاحظ تراجع المستوى.. لا بد من مراقب لغوي لكل صحيفة بمراجعة النصوص وليس لدور الرقابة. هذا ما نصحت به سي الحبيب في ذلك الوقت وقد استجاب.
شخصيا لا اتخيل تونس بدون جريدة «الصباح»، فقد كونت هذه الدار الكثير من الإعلاميين الجيدين وكان كل من يريد النجاح في هذا المجال يمر عبرها. كانت مدرسة وكانت تنشر كتابات رائعة وعالية لغة ومضمونا. طبعا مرة أخرى الفضل الكبير للهادي العبيدي الذي كان يكتب الشعر بالفصحى والعامية وكان موسوعة متنقلة.
* وما هي خصوصيات الهادي العبيدي؟
- جمع الكثير من الخصال، كانت له يد تقريبا في كل الصحف التونسية التي عمل بها محررا، واختيار الحبيب شيخ روحه له كان مصيبا. كان الهادي العبيدي يجمع بين الكتابة الأدبية والسياسية وكان أديبا وشاعرا في تكوينه وله كتابات متنوعة وهذا لم يكن أمرا متاحا في الساحة.
* هل تعتقد أننا نعيش نهاية الصحافة الورقية؟
- الصحافة المكتوبة تواجه مزاحمة لم تكن موجودة عندما تأسست «الصباح». اليوم هناك الفضائيات وأدوات الاتصال الاجتماعي. لم يعد بالإمكان أن تبقى الصحافة كما كانت ويجب أن تتغير رسالتها في المحتوى والشكل لان التعاليق السياسية والأدبية والثقافية مهمة وأحيانا يجب أن يكون هناك شخصيات تستقطب القارئ لذلك فان الأسماء مهمة.
* كانت «الصباح» لسان حركة التحرر في المغرب العربي، كيف ذلك؟
- كانت لسان حركات التحرر في المغرب وهذا أمر طبيعي، كانت «الصباح» لسان وخط الحزب الحر الدستوري قبل الاستقلال ومن قناعات وأهداف الحزب المعلنة أن حركات التحرر في تونس والمغرب والجزائر يجمعها مصير واحد ولا بد من التعاون قبل الاستقلال لتحقيق الهدف المشترك وهو التحرر من قيود الاستعمار.
الطريف أن التونسيين كانوا يعتقدون ان التحرير قادم والاستقلال قادم ولكن الحزب القديم كان يعتبر أن الامر صعب التحقيق. بورقيبة علمنا أن الكفاح سيأتي بنتيجة ويتغلب على الاستعمار، ومنذ ذلك الوقت كان التفكير في الاتحاد المغاربي قادم. لم يتوقف التعاون بين رجال المقاومة على الحدود بين تونس والجزائر وقد تحملت تونس كثيرا الأذى بسبب وجود المجاهدين على ترابها. المعركة المشتركة من اجل التحرير في المغرب مرت بوجود كتاب جزائريين في «الصباح» من بينهم عبد الله شريط. كان حصل في الزيتونة على التطويع وبعد ذلك درس الفلسفة في سوريا، وعندما عاد انضم الى اسرة «الصباح». كانت هناك صحيفتا «النهضة» و»الزهرة» ولكن «الصباح» كانت عنوان النضال الإعلامي المغاربي.
* ماذا عن ظروف وميثاق العمل؟
- خلال الازمة اليوسفية أصدر الحزب صحيفة «العمل» وأصبحت هناك مزاحمة على الساحة، ولكن «الصباح» كانت تحظى بحب الناس. لم نكن نحصل على شيء، كنا نعمل متطوعين وكنا نقبل على ذلك بكل جهدنا. كان الميثاق الذي يجمعنا الحزب والوطنية والعمل من أجل الاستقلال.
* وماذا عن دور حشاد؟
- كان له تأثير كبير على المثقفين، حتى المسعدي، وكنا في حضوره نبدو جميعا تلاميذ.. أمام صاحب كاريزما وقدرة عجيبة على الخطابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.