لدى استقباله الزنزري.. سعيد يؤكد بأن الدولة ماضية في سياستها الاجتماعية    اعتبر سموتريتش و بن غفير إرهابيان.. أولمرت يشن هجوما على حكومة نتنياهو    وزير الفلاحة يعطي إشارة انطلاق موسم الحصاد من ولاية القيروان    ڨفصة: دعم شامل بالمعدات والأطباء في المؤسسات الصحية    اللجنة الوطنية لليقظة ومكافحة الجراد تدعو الى ايلاء آفة الجراد الصحراوي الأهمية القصوى    قضية الشبان الموقوفين بقابس: أحكام تتراوح بين شهرين وأربعة أشهر سجنا    بينهم بنات أخيه: محاكمة جراح اعترف بالاعتداء على مئات الأطفال تحت التخدير في فرنسا    عاجل/ بلاغ هام للجامعة التونسية لكرة القدم بخصوص هذه المباراة..    برمجة «ظالمة» للسيدات و«انحياز» مفضوح للرجال.. أنس جابر تفتح النار على منظمي «رولان غاروس»    ستتحصّل على 15 ألف تذكرة فحسب في «الفينال» جماهير الترجي في قمة الاستياء    من أجل جرائم ذات صبغة مالية .. عامان سجنا لسمير جيّاب    بنزرت..مندوبية التربية تعقد اجتماعات ماراطونية .. 8000 مترشّح للباكالوريا    اُلطَّاوُوسُ اُلْجَمِيلُ    على ما يرام    اُلْكَاتِبُ وَاُلْمُلْهِمَةُ    وزير النقل يلتقي وفدا من شركة 'إمبراير' البرازيلية لصناعة الطائرات    أولا وأخيرا...جمال مغشوش    تدعيم مستشفيات نابل بتجهيزات    اتحاد بنقردان - عفوان الغربي لن يكون مدرب الفريق في الموسم القادم    60% من الجلطات في تونس سببها التدخين    أين وصلت الحملة الوطنية لمكافحة الجراد الصّحراوي بالجنوب التّونسي؟    ألمانيا تشدد قواعد الحصول على الجنسية وتقيد "لم الشمل"    الصين تُعفي هذه الدول العربية من التأشيرة    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 1 جوان 2025    صفاقس: حريق هائل بشركة تيفارت للأسمدة    صفاقس: السيطرة على حريق بمستودع الشركة التونسية الهندية للأسمدة في دون تسجيل إصابات    عاجل : انقطاع للمياه بعدد من مناطق تونس الكبرى    الطلاق بالتراضي لدى عدول الإشهاد يثير جدلاً مجتمعياً وقانونياً واسعاً في تونس    الأدوية المهرّبة، الإفلاس، وغياب الرقابة: قطاع الصيدلة يدق ناقوس الخطر    المبادرة الوطنيّة التشاركيّة للوقاية من مخاطر المخدّرات تنظم فعاليّات توعويّة خلال عدد من التظاهرات الرياضيّة الوطنيّة    انطلاق الدورة السادسة من مهرجان "سينما الجبل" بعين دراهم    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي    "بي هاش بنك" يعتزم اصدار قرض رقاعي و/أو قرض ثانوي بقيمة أقصاها 150 مليون دينار    عاجل/ الكشف عن هوية منفّذي عملية حرق حافلة نقل مدرسي    إرشاد المستهلك: عديد العائلات التونسية لم تقضي العطلة الصيفية منذ 5 سنوات.. #خبر_عاجل    جلسة عمل حول تأمين الثروة الفلاحيّة والغابيّة من الحرائق لصائفة 2025    عاجل/ طرد اكثر من 1000 عامل بهذا القطاع قبل تنقيح مجلة الشغل    يوم مفتوح للكشف البصري لسائقي سيارات الأجرة والنقل الجماعي بتونس العاصمة    بشرى سارة/ بعد 5 سنوات جفاف: نسبة امتلاء السدود التونسية تتجاوز 41 بالمائة..وهذه التفاصيل بالأرقام..    حجز كميات هامّة من البضائع المهرّبة بقيمة 8,7 مليون دينار..#خبر_عاجل    الدروة الخامسة من نهائيات برنامج حاضنة المشاريع غدا الخميس بالمرسى    تفاصيل العثور على الطفل المفقود بعد مغادرته منزل عائلته وكتابته لرسالة وداع    التونسية اللبنانية نادين نسيب نجيم تواجه فضيحة تحرش وتلوح بالقضاء    عيد الاضحى يوم السبت 7 جوان في هذه الدول    رسالة غامضة من رونالدو تُشعل الجدل    بلجيكيا: مقتل شاب تونسي طعنا بسكين    نعيم السليتي يمدد عقده مع نادي الشمال القطري    بعد ذبح الأضحية... ما الذي يُستحب للمُضحّي فعله؟    هل أن ''الكرموس'' يخفض الكوليسترول الضار؟ إليك الإجابة العلمية والفوائد الصحية الكاملة    عاجل/ بلاغ هام من وزراة التربية لتلاميذ البكالوريا..    السفارة الأمريكية بتونس تحتفي بذكرى ميلاد ابن خلدون    نعيم السليتي يمدد عقده مع نادي الشمال القطري الى غاية 2027    دعاء أول أيام ذي الحجة...أيام مباركة وفرصة للتقرب من الله    طقس اليوم: رياح قوية نسبيا بهذه المناطق والبحر مضطرب    عاجل/ تصل الى 3000 دينار: نقابة الفلاحين تكشف أسعار الأضاحي المتداولة حاليا في السوق..    مسرحية "وراك" لأوس إبراهيم… لعبة الوجود بين الوهم والحقيقة    وزير التجهيز يتفقد أشغال تقوية الطريق السيارة A1 ويعلن قرارات جديدة لتحسين انسيابية المرور    توزر - مدنين: نجاح عمليتي قسطرة قلب عبر منصة نجدة الرقمية    









خاص: لأول مرة بعد الثورة، الشاذلي القليبي يفتح قلبه ل«الشروق»: بن علي كان يرفض ملاحظات حول أدائه السياسي
نشر في الشروق يوم 01 - 02 - 2011


٭ حوار فاطمة بن عبد الله الكرّاي
تونس (الشروق):
لم يكن يركن الى ربوة.. حتى لا يبدي الرأي في كل ما حصل ويحصل.. ولا يريد أن «ينقضّ» كما «المنقضّين» على فعل النظام الفائت، بمجرّد أن الثورة الشعبية قامت بالفعل الجبّار وقالت الكلمة الفصل التي لم تقم بها النخب فعلا وكلاما.. لكنّه يتحدث في أول لقاء صحفي له، ل«الشروق»، حيث حملنا له من الأسئلة والتساؤلات الكثير..
سألته «الشروق» بصفته مواطنا تونسيا وبصفته سياسيا.. وبصفته رجل دولة أسبق.. وبصفته أمينا عاما أسبق لجامعة الدول العربية..
الأستاذ الشاذلي القليبي، ولما سألته عن حقيقة كنت أعرفها كصحفية، من أن مشاكل واختلافات كانت له مع بن علي، بخصوص التوجّه وبخصوص المنحى السياسي، نأى بنفسه عن الاجابة وتوصيف ما وقع، رافضا العمل بالمثل العامي القائل: «البقرة كيف تطيع تكثر سكاكنها»..
عن التاريخ القريب تحدّث.. وعن التاريخ الأبعد.. تحدّث أيضا.. فيما لم يغفل السؤال مستقبل تونس.. كما يراه «سي الشاذلي» القليبي وقد جاء الجواب محمّلا بمسحة من التاريخ.. ومن الحضارة.. ومن المدنية التي يتلحّف بها التونسي..
عن الثورة الشعبية تحدّث.. وعن لجنة الاصلاح جاء جوابه محملا بالاقتراحات.. اقتراحات السياسي الذي قضّى عقودا، ولا يزال، يمتهن السياسة، حتى خارج المناصب التي رفضها.. في وقت ما..
سألت الأستاذ الشاذلي القليبي عن المستقبل المنظور للثورة.. ثورة الرابع عشر من جانفي المنقضي.
كيف ترى عملية الاصلاح السياسي، للنظام الدستوري في تونس، في ظلّ ما أحدثته الثورة الشعبية من تغيير؟
أولا، لا بدّ من فترة هدوء.. فهذه المهلة الضرورية من شأنها أن تمكّن أصحاب الشأن من أن يتكلّموا ويبدوا الرأي.. كل في منظمته أو حزبه.. ولما تكون هذه الأحزاب قد قامت بصورة جدية، فإن المجال يكون مهيّأ لكي تتنافس الأحزاب في ما بينها..
هل يمكن تحديد هذه المدة؟
المدة، لا يمكن أن تقدّر بصفة مبدئية.. وما قبل ذلك، لا بدّ من انتخاب رئيس للجمهورية.
هل هذا يعني أنك مع خيار أن يكون النظام رئاسيا؟.. فهناك أصوات مثلا، ترى أن ضمان نظام ديمقراطي يكون عبر اختيار نظام برلماني؟
انتخاب رئيس للجمهورية، مبدئيا ثم مجلس النواب الذي سينتخب هو الذي سيحدّد شكل النظام (دستوريا) ويحدّد سلطات وصلاحيات السلط المكوّنة لأي نظام.. نحن الآن سندخل فترة تنقيح جذري.. فترة بورقيبة وما بعدها.. تنقيحات جذرية تدلّل بصورة أخرى ومقاييس أخرى، على أن النظام الرئاسي فيه مخاطر..
بورقيبة كان أول من بدأ ب«شخصنة» المؤسسات.. لقد شخّص كل المؤسسات الدستورية..؟
نعم.. حدث هذا.. وزاد عندما أضعف المرض بورقيبة فقد كان يعاني كما هو معلوم من «انهيار عصبي» يتناول وفقه أدوية تضعف إرادته وقراراته الى حدّ أضحى فيه «لعبة» بيد آخرين..
لكن كيف كانت مواقفك أو نظرتك للعهد المنقضي لتوّه؟
الذين مثلي، بعيدون عن الملفات الادارية، وعن الوقائع الاقتصادية، كانوا تحت تأثير الأرقام المعلنة، في الصحف وفي الخطب، ومعتزين بشهادات دولية، صادرة عن مؤسسات مختصّة، تشيد بالنتائج التي أحرزتها تونس، في ميادين مختلفة وهامة.
ورغم أن الاشاعات كانت تصل إليهم، من هنا أو من هناك، فإنهم كانوا يُغلّبون «الأهمّ» كما كان يقول بورقيبة أي التنمية والتقدم الاجتماعي، على أشياء كانت تبدو هامشية، وهي الآن بعيدة بكل المقاييس عما فضحته الثورة، مما لم يكن يخطر على بال.
كيف عاش «سي الشاذلي القليبي» ثورة تونس، وكيف ينظر الى كل الأحداث التي تبعتها؟
في الإشارة الى الماضي أيضا أكتفي بالقول إن إعلان 7 نوفمبر كان مستجيبا لرغبات أغلبية المجتمع، في ذلك العهد. ولكن لم يقع السهر على صيانة تنفيذه بما يلزم. فزاغت به الأقدام. وفضحت الثورة أن تونس وقعت في ما هو أدهى وأمرّ، بعد «التغيير» وأخطر على المجتمع والدولة وكان بورقيبة حذر منه في خطابه الذي ألقاه يوم إعلان الجمهورية...
والآن وقد تم التغيير الحقيقي، بأيدي الشعب، في ثورة عارمة فينبغي الاعتزاز بها، والحفاظ على مكاسبها، والعمل من أجل أن تعطي ثمارها، كاملة:
لكن الذي أودّ تأكيده هو الآتي:
عاشت تونس أياما صعبة ، آلت الى ثورة وطنية مجيدة ستركز لا شك أسسا جديدة، في البلاد، على مستوى الدولة والمجتمع والحياة السياسية.
لو توضح أكثر هذه الفكرة أي ما هي هذه الأسس الجديدة?
هذه الثورة سوف تجعل للشعب الكلمة الفصل، في كل القضايا الحيوية، سياسية كانت أو مجتمعية هذه الثورة اعتبرت في الخارج مفاجأة تاريخية تدعم حرية البلاد وكرامتها. لكن الذي لا يقل أهمية «هو أنها أعطت المجتمع التونسي،في نظر العالم، صورة مشرقة، لن تجعله مستقبلا ، عرضة للوعظ والارشاد في المحافل الدولية.
ما هي ملامح مستقبل تونس في ظل هذه الثورة التي صنعها التونسيون?
الآن وقد تم تثبيت إرادة الشعب، فمن الضروري، ومن الواجب الوطني، تضافر الجهود في إطار المقاصد التي بلورتها ثورة 14 جانفي في سبيل بناء أركان الدولة الجديدة المنظمة لأسس المجتمع الجديد الذي يتطلع اليه الشعب.
فالثورة ليس مآلها الفوضى: انما هي قصد الى الاصلاح، وترميم لما تداعى من البناء.
والأمر الجوهري في مطالب الثورة، هو تغيير النظام، وقد تم، يوم 14 جانفي.. بقي اقامة النظام الجديد: وهذا يتطلب كفاءات فكرية وسياسية، ومهلة من الوقت، لإنجاز العمل المطلوب.
وهذا لا يكون الا في مناخ من الهدوء والانضباط والتعاون الجماعي بدون استثناء، مع الأخذ بآراء الحكماء من أهل الخبرة والفكر والتجربة، حتى تسفر الثورة بحق عن فجر جديد: الحياة الكريمة التي يتطلع اليها الشعب.
وانما بذلك تكون الثورة التونسية مصداقا لما تنبأ به أبو القاسم الشابي، إذا قال: « إذا الشعب يوما أراد الحياة» ولكن لكل زمن مقتضياته فالعمل الثوري أخذ مجاله وآن الأوان لتجني تونس ثمار الثورة: وهي تنظيم دولة القانون، وإقامة مجتمع المسؤولية، والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وكل ذلك يتطلب اصلاحات سياسية، واقتصادية ومجتمعية، لابد من افساح المجال لها، حتى تكون الثورة قد حققت غاياتها الحضارية، في أسرع وقت ممكن، وحتى تكون صورة تونس الثورة، صورة مشرقة، في العالم.
وريثما يشرع في ذلك فالثورة لا تعني الغاء التنظيمات الضرورية ، في هذه المرحلة الانتقالية.
فمن الحكمة أن يرضى الجميع، ولو على مضض، بحكومة مؤقتة، يعود اليها تنظيم الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية.
إذن ماذا سيتغير? ثم كيف يمكننا الحديث عن تغيير جذري?
أول ما ينبغي إعادة النظر فيه انما هو دستور البلاد، اذا هو حاليا لا يحظى بالارتياح، من قبل تيارات هامة في المجتمع، خاصة في أوساط المثقفين من أهل الرأي، وفي المنظمة الشغيلة، وكثير من المنظمات الاجتماعية.
وكسبا للوقت، أعتقد أنه يمكن لمجلس النواب الذي سينتخب في غضون الأشهر القادمة، أن ينقلب، متى شاء، مجلسا تأسيسيا، لمدة وجيزة، حتى يتمكن من إدخال التنقيحات اللازمة على الدستور الحالي، حسب ما سيأتي في توصيات اللجنة العليا للإصلاحات السياسية.
المسألة الثانية التي أرى من الأكيد النظر فيها، تقوية الصلة بين المجالس القطاعية القائمة مع ما يمكن اضافته مستقبلا وبين الوزارات التي يتعلق بها الشأن ، فيكون عمل تلك الوزارات مسايرا لاقتراحات صادرة عن أهل الذكر وفي ذلك دعم للمناخ الديمقراطي.
وبذلك كذلك نحد من الجانب السلبي للقرارات الفردية في الوزارات ، كما يتأكد التواصل بين عهود الوزراء على اختلاف مشاربهم وتنوع اجتهاداتهم وتنتهي العادة العقيمة التي تجعل الوزير الجديد يلغي القليل أو الكثير مما بني قبله.
وبذلك، أيضا، نحد من الخلافات التي تنشأ بين عمل الوزارة والمطالبات النقابية، إذ تكون القرارات الهامة قد سبق مناقشة أغلبها، في المجلس القطاعي الذي من أعضائه نواب عن النقابة.
وبهذا التوجه، تكون تونس قد فتحت نهجا جديدا، به تقوى اللحمة بين ما يسمى ب«القمة» و«القاعدة» في الحكم.
المسألة الثالثة التي لا بد من التروي فيها، تخص الإعلام فحرية الإعلام لابد منها ليكون للإبتكار دور أوسع، في كل المجالات ولكن الحرية لابد أن يقع تنظيمها أخلاقيا... فيجب إذن مراجعة القوانين والميثاق الأخلاقي للمهنة، لتثبيت القيم الأساسية، وحماية المهنة الإعلامية من أي تسيب عقيم.
لكن المسألة الأهم مهنيا، ان وسائل الإعلام ستعمل، من هنا فصاعدا ، في مناخ من الحرية لم يسبق له نظير في البلاد، وهي مطالبة بأن تقيم البرهان على جدارتها المهنية بتوخي سرعة الإخبار، ورجاحة التحليل، ونفاذ التعليق الى الأمور الجوهرية فمسؤوليتها الآن كاملة، لا نزاع فيها ، ولامناص منها.والآن «وقد صلح الدهر» يمكن للإعلام التونسي أن يضاهي الإعلام الأوروبي دقة، وأمانة وشمول نظر واستجابة لحاجات المجتمع.
ثم المسألة التي تفوق كل ما ذكرت في الأهمية تتعلق بتأكيد استقلال العدالة، واستقامة أدائها، لتكون، لا فقط دستوريا، بل أيضا فعلا، وممارسة، مستقلة عن الحكم، مضطلعة بقول الحق:« فلا يتطرق الى المضطلعين برسالة العدل، أي خوف أو أي طمع، قد يثني عن الحق فالحكام بشر، والبشر ليسوا جميعا من الأبطال القادرين، في الظروف الصعبة، أن يضحوا بمعيشة عائلاتهم ،فلا بد من حمايتهم، في أداء وظائفهم ، من بغي السلطة السياسية، ومن كل المخاطر.
هذه المسائل، هي بعض ما سيدرج ،لا شك، على لوائح العمل، في اللجنة المكلفة بالإصلاحات السياسية والمجتمع يثق بجدارة رئيسها، وبخبرة أعضائها...».
لجنة الإصلاح السياسي باشرت مهامها بعد، كيف يرى «سي الشاذلي» القليبي علاقتها الممكنة المبادرة الثلاثية بن صالح المستيري الفيلالي؟
هي كما ذكرت آنفا، متكونة من أساتذة لهم خبرة قانونية والرأي عندي أن تطعّم هذه اللجنة بخبرة سياسية...
كأن يصبح أصحاب المبادرة حول مجلس إنقاذ الثورة أو المجلس الوطني لتأطير الثورة وأقصد بن صالح والمستيري والفيلالي، أما أعضاء في لجنة الإصلاح أو ضمن هيكل مؤسساتي يكون مرجعا لهذه اللجنة التي لا يشك في كفاءة أعضائها..
فالمبادرة الثلاثية (بن صالح المستيري الفيلالي) وجيهة والرجال الذين أطلقوها يحظون بالاحترام وثقة الجميع، لما يتحلّون به من خبرة ونزاهة وسعة نظر... وحبذا لو يُستجاب لمقترحاتهم... وحبذا لو ينادون إلى اجتماع تأسيسي لما سموه «مجلس الإنقاذ» يعرضون فيه لائحة ارائهم وتوصياتهم حتى يكون المجتمع السياسي على بيّنة منها ويمكنه الاستفادة من هذه المبادرة...
وهنا أريد أن أضيف، حبّذا لو تتولى ثورة الشباب هذه بواسطة الحكومة الجديدة التي أفرزتها المظلمة التي حلّت بالأخ أحمد بن صالح، في أواخر الستينات فتتولى إعلان براءته من التهم التي ألصقت به والتي حكمت عليه أن يقضي عزّ شبابه في المنافي
الثورة تتفاعل... تؤثّر وتتأثر... كيف ينظر «سي الشاذلي» القليبي إلى تهافت الأجندات الأجنبية على ثورة تونس وما أمكن لها إنجازه من تحرّر وكرامة؟
لست أخاف هذه «الأجندات» التونسيون لا يقبلون أية وصاية.. التونسيون يقبلون على التعامل مع الخارج بندية... أما أن نكون كتونسيين خاضعين لتوجيهات من فرنسا أو من الولايات المتحدة أوغيرها، فهذا غير ممكن..الأمر يهم طبيعة وتاريخ الإنسان التونسي...
هل أنت خائف على تونس...وعلى الثورة؟ وإذا كان نعم ممّن؟
الخوف على تونس دائما معي... من «أول الدنيا» نخاف على تونس من مخاطر سياسية وغيرها...
ولكن الآن وقد دخلت الأمور في طريق الهدوء فإن الحكومة المؤقتة لا بد أن تعمل من أجل الاستجابة لرغبات الثورة...
التغيير الآن أصبح شعبيا فعلا ومطلبا... في حين كان «التغيير» في 7 نوفمبر 1987 فوقيّا... الآن الشعب في كل مكان...
طوال فترة حكم بن علي، أعرف شخصيا أنه كانت لك ملاحظات لأداء نظام الحكم في بعض المسائل الجوهرية... هل تذكرها لنا؟
سي الشاذلي القليبي يسكت قليلا ويغرق للحظات في تفكير قطعه بالقول إنه لا يريد أن يتحدث الآن في الموضوع لكنه عاد وذكر لنا هذه الحادثة فقط يقول «سي الشاذلي» القليبي مواصلا: «عندما جاء بن علي أوائل ما يسمى بالتحول كنت أمينا عاما لجامعة الدول العربية ولاحظت أن المبادرات التونسية لم تكن مطابقة للمصلحة التونسية ولا منسجمة مع المبادئ التي يقوم عليها العمل العربي فخاطبت السيد حامد القروي وكان وقتها يشغل منصب الوزير الأول وبلّغ الملاحظات إلى (الرئيس) بن علي وقيل لي فيما بعد انه غضب واهتزّ... وكان وزير الخارجية وقتها صديقي وجاءت مدة صعبة في التعامل معه... لم يكن يقبل الملاحظات الكثير من الملاحظات كانت تؤخذ على أنها تهجّم أو انتقاد...
آخر مرّة التقيته؟
منذ مدّة طويلة جدّا... وطبعا كنا نصافحه خلال المواكب... وكان ذلك بروتوكوليا...
لكن أقول إنه استقبلني بعد استقالتي (من الجامعة العربية) وعرض عليّ مناصب وزارية... فقلت له إنه لم يعد بإمكاني، وبعد كل هذه السنوات الطويلة التي قضيتها في الوزارة وفي الأمانة العامة قبول أي منصب... فقد اعتذرت.
كيف يرى «سي الشاذلي مستقبل حزب الدستور»؟
حزب الدستور الذي تأسس سنة 1934 أسميه حزب «الأمة» لأنه هو الذي كوّن من الشعب التونسي كتلة متضامنة...والأمة هنا لها مفهوم التكتّل والتضامن... لأن تونس كانت مشتتة...
الحزب الحر الدستوري له مكانة خاصة... كلّ الأحزاب الأخرى كانت لها وسائل متخصصة اما اجتماعيا أو حضاريا ما عدا «حزب الدستور» هو من صنع هذه البلاد...
ولكنه حزب الثعالبي من قبل 1934؟
ليس هناك شك... هو حزب الثعالبي وبورقيبة يعترف بذلك...
كان يقول لي دوما «لم يتعبني إلا محي الدين القليبي» فقد كان مكافحا..
والتجمّع؟
كل من حزب الدستور والتجمّع هما ملك التاريخ... الآن... أعتقد بل أرى أن الذي يريد أن يطلق مبادرة فليفعل... ليتنافس المتنافسون...
ما هي في نظرك،الأعمال المتأكدة حاليا؟
بكل وضوح، العناية العاجلة بأحوال العملة، والذين يشكون البطالة من أصحاب الشهائد خاصّة...
ثم، في نفس الوقت، العمل على توطيد ثقة المستثمرين من الوطنيين ومن الخارج دعما للاقتصاد.
وفي هذه المجالات، للتشكيلة الحكومية الجديدة، وزراء لهم خبرة ولهم باع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.