أفادت مديرة التشريع الجبائي صلب وزارة المالية سابقا حبيبة اللواتي ل"الصباح" بان الحكومة اختارت الحل الأسهل لتعبئة موارد جديدة لتغطية العجز الحاصل بها وتحصيل عائدات في حدود 1355 مليون دينار للمساهمة في تمويل ميزانية الدولة حسب ما تضمنته وثيقة التوجهات الأولية لمشروع قانون المالية لسنة 2018 عن طريق الترفيع في الأداءات والضرائب، مبينة أن هذا الحل ستكون له تبعات وخيمة على المستهلك من جهة وعلى اقتصاد البلاد من جهة ثانية. وذكّرت اللواتي بان هذا الخيار الذي انتهجته الحكومة الحالية مجددا اظهر محدودية نتائجه مع الحكومات السابقة وكشف جليا أن الحل ليس في الترفيع في الأداءات والضرائب بل هناك حلول أخرى من شانها توفير موارد ذاتية للدولة من مصادرها الحقيقية عوضا عن الالتجاء فقط إلى ضرب أهم المحركات الاقتصادية في البلاد. وحول ابرز التداعيات التي قد تنجر عن هذا الخيار الذي انتهجته الحكومة مجددا، أكدت اللواتي على أن أهم هذه التداعيات هو ضرب محرك الاستهلاك من خلال الترفيع في معاليم الاستهلاك والزيادة في الضرائب الموظفة على الأجور والدخل التي سيتم توجيهها مباشرة إلى الصناديق الاجتماعية التي تشكو عجزا كبيرا إلى جانب إقرار مساهمة اجتماعية عامة توظف كذلك على الدخل. كما أضافت محدثتنا أن هذا الحل سيغذي كذلك السوق الموازية من خلال الترفيع في الأداء على القيمة المضافة مما سيضطر بالكثير من الفاعلين الاقتصاديين إلى التوجه إلى السوق الموازية التي تستحوذ على نسبة تناهز ال57 بالمائة من اقتصاد البلاد، إلى جانب عزوفهم عن التعامل كليا بنظام الفواتير، في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السابقة قد شرعت في محاربة ظاهرة التهريب وتشديد الرقابة على الأسواق الموازية للتقليص منها.. وأشارت اللواتي في ذات السياق إلى أن قرارات الوثيقة التوجيهية لقانون المالية الجديد ستعمق من أزمة المستهلك أكثر من خلال مواصلة استهداف مقدرته الشرائية أمام تواصل ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية، فضلا عن تواصل الترفيع في الأداءات على الأجور... كما بينت اللواتي أن الترفيع في الأداء على توزيع الأرباح من 5 بالمائة إلى 10 بالمائة الذي ينتظر أن يفعل في قانون المالية الجديد سيؤدي إلى ضرب محرك الاستثمار والحال أن الحكومة قد فرغت من إطلاق قانون الاستثمار المحدث مؤخرا مضمنة فيه جملة من الحوافز بهدف استقطاب أكثر ما يمكن من الاستثمارات الأجنبية وعوض أن يطبق هذا القانون اختارت الحكومة أن تغييره بقانون جديد... التغيير في إدارة الجباية والاستخلاص هو الحل وفي ما يتعلق بحقيقة المشاكل التي تشكو منها الموازنة العامة، أوضحت محدثتنا أن أهم هذه المشاكل تتمثل أساسا في إدارة الجباية والاستخلاص وليست مشكلة تفاقم نفقات الإدارة عموما، معتبرة أن الحكومة كان عليها عوضا أن تختار الحلول السهلة لتعبئة موارد مالية جديدة أن تهتم بعصب المالية العمومية وهي إدارة الجباية والاستخلاص من خلال توفير وسائل وآليات جديدة ومتطورة لمزيد تشديد الرقابة الجبائية ومحاربة التهرب الضريبي بهدف تحسين استخلاص الضرائب وبالتالي تعبئة موارد ذاتية... وأكدت اللواتي بالمقابل، على أن المشاكل التي تواجه المالية العمومية لا تقتصر فقط على التشريع بقدرما هي مشاكل هيكلية صلب الإدارة لابد من تجاوزها عبر التغيير في آليات الرقابة صلب إدارة الجباية والاستخلاص وتحسين وضعيات أعوانها، مبينة أن الجانب التشريعي لن يحل المشاكل الحقيقية بل سيضغط أكثر على المواطن المتضرر المباشر وقد يخلق في أقصى الحالات اضطرابات اجتماعية نحن في غنى عنها في الوقت الراهن. وشددت اللواتي على ضرورة إحداث هيكل يعنى بعمل إدارة الجباية والاستخلاص لما لها من أهمية بالغة في تحديد ملامح المالية العمومية دون الالتجاء إلى الحلول السهلة والتي لها تداعيات وخيمة لا يحمد عقباها. وتبقى هذه الإجراءات الجديدة التي جاءت في الوثيقة التوجيهية لقانون المالية لسنة 2018 محل تجاذب بين المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي لما تحمله من مؤاخذات ومخاوف من مزيد تعمق الأزمة المالية في البلاد، في انتظار أن تعرض في إطار مجلس وزاري برئاسة الحكومة ليتم إيداعها في ما بعد لدى مجلس نواب الشعب للشروع في مناقشتها وتعديل ما يجب تعديله.