يعاني قطاع المخابز منذ ما بعد الثورة من مشاكل عدة على رأسها انتشار المخابز العشوائية التي يناهز عددها اليوم 1100 مخبزة تتمتع بالدعم وتعمل دون ترخيص ما دفع أصحاب المخابز المنظمة وتحديدا الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز المنضوية تحت اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية لإعلان الإضراب العام في أكثر من مناسبة وكان آخرها الإضراب المبرمج يوم 30 سبتمبر وقبله في 22 من أوت المنقضيين لكن تم تأجيلهما، فتأجيل إضراب 30 سبتمبر جاء بعد لقاء بين الغرفة ووزير التجارة الحالي الذي وعد أهل القطاع بالاستجابة لكل مطالبهم وتطبيق القانون بما يمكن من حماية القطاع. كذلك الشأن بالنسبة لإضراب 22 أوت المنقضي، وكانت رئاسة الحكومة قد تدخلت لإلغاء تحرك المخابز حتى تنطلق في تنفيذ ما وعدت به وتتفاعل إيجابيا مع عدد هام من مطالب المهنيين والذي كان موضوع محضر اتفاق في شهر مارس الماضي مشددة على التزامها بتنفيذ كل التعهدات في إطار احترام الجدول الزمني المتفق عليه وذلك في إطار حرصها على انتظام تزويد السوق بمادة الخبز معبرة عن استعدادها الدائم للحوار لتدارس مختلف مشاغل المهنة وخاصة ملف إصلاح منظومة الدعم ولاسيما منها المتعلق بقطاع المخابز والذي أكدت حينها أنه سيطرح على أنظار مجلس وزاري مضيق قادم بما يمكن من الارتقاء بالمنظومة بشكل عام. «هذا الاتفاق لم تتقدم فيه رئاسة الحكومة قيد أنملة ومشاكل أصحاب المخابز المنظمة بقيت على حالها» هذا ما أكده محمد بوعنان رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز ل»الصباح الاقتصادي» حيث أفاد «أن الحكومة ضربت بكل تعهداتها تجاهنا عرض الحائط إلا أن وزير التجارة الحالي وعد بالإجابة لمطالب أهل المهنة في أقرب وقت». 3200 مخبزة مهددة وواصل بوعنان شارحا ان القطاع الذي يضم اليوم 3200 مخبزة ويوفر 350 ألف موطن شغل بات اليوم مهددا بالنظر إلى الحجم الكبير للفوائض التي تقدر يوميا ب900 ألف خبزة تكبد خزينة الدولة خسائر تصل إلى 360 ألف دينار يوميا ما جعل الخسائر تعد بالمليارات سنويا في الوقت الذي تقف فيه الحكومة مكتوفة الأيدي أمام هذه الخسائر التي يتحملها جيب المواطن وخزينة الدولة ومنظومة الدعم عموما. وتستعمل المخابز العشوائية أكثر من 4 مليون قنطار من الفارينة المدعمة وهو رقم قريب من الكمية التي تتحصل عليها المخابز المنظمة والتي تقدر بحوالي 6 مليون قنطار، وبيّن بوعنان أن الدولة تدعم سنويا الفارينة والسميد بحوالي 2000 مليون دينار وهو رقم ضخم يمكن الضغط عليه في حال اعتماد منظومة دعم أكثر عدلا. ولئن تخضع المخابز المنظمة للرقابة من حيث جودة الإنتاج لا سيما الوزن المعتمد للخبز وهو 220 غرام للباقات إلا ان العشوائية لا تخضع لأي رقابة علما وأنها لا تحترم الأوزان فوزن الباقات حسب ما أكده رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز لا يتجاوز 150 غراما وهو ما يندرج في خانة الغش. وأبرز ان العديد من المخابز المنظمة أغلقت وخسر القطاع العشرات، إن لم نقل المئات، من مواطن الشغل في قطاع يحقق سنويا حوالي 1.200 مليون دينار رقم معاملات. الدولة تدعم صناعة المرطبات.. ومخابز الفرانشيز كما أفاد بوعنان أنه وإلى جانب دعمها للمخابز العشوائية فإن الدولة تدعم أيضا صناعة المرطبات التي تعتبر من الكماليات، وأشار أن بعض المخابز تتحصل على رخصة لصناعة الخبز إلا أنها تتحول فيما بعد إلى صناعة الخبز الرفيع الذي يباع بأسعار مرتفعة وأيضا المرطبات التي تباع بأسعار مرتفعة رغم أن إعدادها يتم بواسطة المواد المدعمة من فارينة وزيوت مدعمة والسكر وهو ما يعتبر تعديا صارخا على الثروة الوطنية واستنزافا لموارد الدولة التي لم تتخذ أي إجراءات في هذا الصدد رغم الأرباح الطائلة التي تحققها هذه المخابز. وبين أنه حتى المخابز التي تنشط في بلادنا ضمن نظام «الفرانشيز» والتي لا يجب أن تتمتع بالدعم فإنها تستعمل المواد المدعمة. أجلنا الإضراب من أجل مصلحة المواطن والقطاع وشدد رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز أن أهل القطاع ورغم تمسكهم بشن الإضراب الذي كان مبرمجا يوم 30 سبتمبر المنقضي بعد أن تم تأجيله لأكثر من مرة بطلب من رئاسة الحكومة، فإن التأجيل فرضه حرص أهل المهنة على أن لا يتم حرمان المواطنين من الخبز من جهة ومنح فرصة جديدة لوزارة التجارة ووزيرها الجديد عمر الباهي الذي أعرب عن تفهمه لمطالب القطاع لتنفيذ البرنامج المتفق عليه وهو القضاء على المخابز العشوائية ومراجعة منظومة الدعم وأيضا مراجعة قانون إحداث المخابز عبر تحديد نوعية هذه المخابز إما أن تكون مختصة في صناعة الخبز المدعم أو الخبز الرفيع أو المرطبات فقط ما من شأنه الحد من عمليات التلاعب والغش والانتفاع بالدعم دون وجه حق. وأكد في ذات الصدد أن الغرفة ووزارة التجارة اتفقتا على عقد جلسة عمل خلال الأيام القادمة لوضع خارطة طريق يتم من خلالها تنفيذ مطالب المهنيين ضمن جدول زمني محدد بهدف تجاوز هذه الأزمة التي باتت تهدد قطاعا حيويا.