يبدو أن الأيام القادمة ستحمل معها مستجدات مثيرة في علاقة بالأزمة الداخلية التي تمر بها الهيئة المستقلة للانتخابات على خلفية رفض مجلسها بأغلبية الأعضاء اجراء القرعة لاختيار ثلاثة أعضاء وتعويضهم بأعضاء جدد حسب ما يقتضيه الدستور والقانون الأساسي للهيئة.. علما ان رفض إجراء القرعة كان له الوقع السلبي سواء لدى المجتمع المدني والسياسيين ورجال القانون ومجلس نواب الشعب.. وكان ثلاثة أعضاء من الهيئة المستقلة للانتخابات السابقة التي أشرفت على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي (أكتوبر2011) أصدروا بيانا ثلاثيا خلال بداية الأسبوع المنقضي موقعا من كمال الجندوبي الرئيس السابق للهيئة، والعضوين السابقين سامي بن سلامة، وزكي الرحموني تضمن خارطة طريق للخروج من الأزمة التي تعيشها الهيئة. ويبدو أن البيان لقي صدى واسعا وتفاعلا ايجابيا من شخصيات وطنية مستقلة وأعضاء الهيئات الفرعية السابقة، وأيضا أعضاء مستقلون في هيئة تحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي ترأسها عياض بن عاشور خلال سنة 2011. ومن غير المستبعد أن تتم مشاورات ونقاشات معمقة تتناول مخرجات الأزمة.. خارطة طريق وكان البيان الثلاثي قد اقترح قيام مجلس النواب بإجراء قرعة التجديد الجزئي، لاختيار ثلاثة اسماء يتعين خروجهم من الهيئة، على أن يظلوا بعد اجراء القرعة يمارسون مهامهم لحين انتخاب أعضاء جدد، مع رفض ترشحاتهم لرئاسة الهيئة، ثم يتولى مجلس نواب الشعب انتخاب الرئيس الجديد للهيئة من بين من قدم ترشحه من بين المرشحين الأربعة المتبقين. واقترحت المبادرة تأجيل عملية اختيار أعضاء جدد إلى ما بعد حل الأزمة لعدم التأثير على عمل الهيئة طيلة المسار الانتخابي، والقيام بإصلاحات عاجلة على غرار الإطار القانوني للهيئة المكلفة بالانتخابات، كي تكتسب استقلاليتها وتسترجع مصداقيتها، وإلغاء لجنة الفرز الخاصة المنصوص عليها بالفصل 5 من القانون الأساسي للهيئة والفصل بين جهة فرز الترشحات وجهة انتخاب الأعضاء وانتخاب الرئيس من قبل أعضاء مجلس الهيئة. والحد من صلاحيات المدير التنفيذي واسترجاع مجلس الهيئة لصلاحياته. واعتبر البيان أنّ صدور القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 والمتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات ‹›ضرب (...) المنجز التاريخي لتجربة هيئة الانتخابات السابقة وإنتاج هيئة جديدة مكلفة بالانتخابات لا تتمتع بالاستقلالية السياسية أو الإدارية أو المالية لها وقائمة على المحاصصة الحزبية''. وانتقد موقعو البيان بشدة عمل الهيئة الحالية وقال عن عملها «يشوبه التعثر والارتباك وعدم احترام المواعيد والالتزامات والنصوص القانونية»، كما أشاروا إلى تضخم الميزانية وتضاعف تكلفة تسجيل الناخبين مع بقاء نسبة كبيرة من المواطنين التونسيين غير مسجلين، فضلا عن ‹›خلافات منشورة على قارعة الطريق وتشكيك في استقلالية الأعضاء واتهامات متبادلة بالانتماء لأطراف حزبية، مما انتج ‹›انعدام الثقة في مؤسسة كانت سبّاقة في مسار زرع الثقة بين المواطن والدولة''. ضغوطات.. انتقادات وحسابات ودائما في نفس إطار تطورات الأزمة، أكد عادل البرينصي عضو الهيئة في تصريح ل»الصباح» أن مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات، قرر التراجع عن اعتبار استقالة شفيق صرصار ولمياء الزرقوني ومراد المولهي في ماي 2017 بمثابة تجديد ثلثي.. ومن المنتظر ان يلتئم مجلس الهيئة خلال هذا الأسبوع للنظر مجددا في مخارج أخرى لما بات يعرف ب»أزمة القرعة» وتحديدا الحسم في من تشمله القرعة، هل تشمل الأعضاء الثلاثة القدامى، ام الأعضاء الثلاثة الجدد المنتخبين حديثا، ام هؤلاء جميعهم مع اضافة عضو آخر وهو المحامي المنصري وفق ما نصت عليه استشارة المحكمة الإدارية.. والمرجح أن يتم تطبيق مراسلات مجلس النواب في هذا الاتجاه المطالبة بإجراء القرعة مع الاستئناس برأي المحكمة الإدارية.. الواضح ان التراجع عن هذا القرار الذي اتخذه مجلس الهيئة بالأغلبية المطلقة.. جاء على خلفية الانتقادات الكبيرة لرفضه إجراء القرعة وبفعل ضغوطات كبيرة سلطت على الهيئة، لكن أيضا في سياق حسابات لبعض الأعضاء المترشحين لرئاسة الهيئة الذين وجدوا انفسهم في التسلل مع بدء تداول اسمين جديدين في كواليس مجلس النواب غير الأسماء التي كانت مرشحة بقوة لرئاسة الهيئة.. وهي نفس الحسابات الضيقة – حسب ما يراه مراقبون- التي لطخت سمعة الهيئة وشوهت صورتها واضرت كثيرا بمنسوب الثقة الذي راكمته منذ تأسيسها.. والأهم هو تقزيم الهيئة والتشكيك في نزاهتها وقدرتها على انجاز انتخابات نزيهة شفافة.. يذكر أن مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اعتبر يوم الخميس 12 اكتوبر 2017 أن استقالات رئيس الهيئة السابق شفيق صرصار والعضوين مراد المولهي ولمياء الزرقوني في ماي 2017 هي عملية تجديد، وبالتالي لا حاجة للجوء إلى القرعة ويحافظ بذلك مجلس الهيئة على تركيبته الحالية. وجاءت عملية التصويت على خلفية رفض الأعضاء الجدد المنتخبين حديثا لسد الشغور الحاصل في عضوية الهيئة بعد استقالة صرصار وعضوين آخرين، الدخول في قرعة لاختيار ثلاثة أسماء من ضمن 6 أعضاء تشملهم عملية القرعة.. لكن الغريب في الأمر أن مجلس الهيئة وفي سابقة هي الأولى من نوعها صوّت على تأويل نص قانوني واضح يتحدث عن تجديد ثلث أعضاء الهيئة كل سنتين، وهو فصل ورد بالقانون الأساسي للهيئة ولا يحتمل التأويل.. وكانت استشارة المحكمة الإدارية بخصوص عملية القرعة أكدت أن 7 أعضاء معنيون بالمغادرة، الأعضاء القدم وهم: انور بن حسن، نبيل بفون، رياض بوحوش، محمد المنصري، وثلاثة منتخبين جدد بسبب انهم انتخبوا لإتمام المدة الباقية للمستقيلين.. باستثناء العضوان اللذان دخلا الهيئة بموجب عملية تجديد بالقرعة وهما عادل البرينصي ونبيل العزيزي..