احاطة سياسية شاملة تلك التي يعيشها رئيس الحكومة يوسف الشاهد حيث اعلنت حركة النهضة والنداء والوطني الحر المنعقدة اول امس بالبحيرة عن دعمهم المتواصل لرئيس الحكومة رغم اختلافهما الواضح حول قانون المالية لسنة 2018، اختلاف يمكن تجاوزه من خلال ضبط آلية للحوار حول نقاط الخلاف وفقا لتصريح راشد الغنوشي. حوار مؤكد من شانه ان يخلق تقاطعات محتملة بين «مثلث برمودا» النداء والنهضة والوطني الحر وبين الشاهد الذي تسعى حكومته لتمرير قانون ماليتها بأخف الاضرار الممكنة. وعلى عكس رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد فقد كان يوسف الشاهد اكثر حظا منه بعد ان تشكلت جبهة برلمانية لمساندته والوقوف الى جانبه ايضا وفقا لما تضمنه البيان الصادر عن «الجبهة « نفسها في اشارة واضحة الى سعي مجموع الكتل البرلمانية لحزبي أفاق ومشروع تونس والكتلة الوطنية ومستقلين الى انجاح ما تبقى من فترة بقاء الشاهد على راس حكومة الوحدة الوطنية الى حين موعد انتخابات 2019. واذ تبدو الافكار المطروحة سواء من «مثلث برمودا» او الجبهة التقدمية افكار منطقية لدعم استقرار الحكومة ومنها استقرار البلاد فان ذلك لا يمنع من طرح السؤال عن الاسباب الحقيقية لهذا الاهتمام المبالغ فيه في شخص رئيس الحكومة الذي بات محل «حب» مقلق من طرف الاحزاب المذكورة. حزام سياسي آمن تحظى حكومة الشاهد بحزام سياسي واسع، وهو ما تترجمه المواقف الصادرة عن الاحزاب المذكورة، فقد بات واضحا ان لرئيس الحكومة من الدعم ما يجعله قادرا على العمل دون ارباك يذكر. فالمشهد الحكومي اصبح محاطا بأكثر من 175 نائبا وذلك اذا ما احتسبنا عناصر الجبهة التقدمية (مشروع تونس وأفاق ومستقلون وعناصر من نداء تونس) حيث يشكلون مجتمعون 44 نائبا مع اضافة الكتل البرلمانية لمجموعة «برمودا» وهم (حركة النهضة ونداء تونس والوطني الحر) والبالغ عددهم 131. ومن الواضح ووفقا لما أصدرته الأحزاب المذكورة فان المشهد داخل البرلمان ستعيد تشكيل الحزام السياسي المفقود لحكومة الوحدة الوطنية. تشويش لخلط الأوراق المشهد حول الشاهد وحكومته لم يدم طويلا بعد ان اتهم القيادي بحركة النهضة حسين الجزيري أول أمس الجبهة البرلمانية «بالتشويش على عمل حكومة الشاهد وخرق التوافق لخلط الأوراق في إطار لعبة ستخدم المصالح الضيقة لبعض الأفراد وهو ما سيضر بالبلاد"، مشدّدا على أنّها لا تمثل رئيس الحكومة. ودعا الجزيري لدى حضوره في اذاعة «موزاييك» يوسف الشاهد لاتخاذ موقف من الأحزاب الداعمة له وأن يعمل على ضمان مزيد من التنسيق بين القصبة وقرطاج ويعلن صراحة «عمّن يساندونه ومن يحاولون عرقلته». وحذر الجزيري من مغبة انصياع الشاهد وراء الجبهة التقدمية قائلا في هذا السياق «إنّ أي خلاف بين القصبة وقرطاج سيمس من استقرار تونس». الجبهة تشكو التشكيك والتهديد في المقابل دون النائب صحبي بن فرج احد مؤسسي الجبهة ليقول انه «بمجرد الإعلان عن مشاورات قيام جبهة برلمانية تعمل على إعادة التوازن السياسي داخل وخارج البرلمان انطلقت حملة التشكيك والتهديد من أنصار التوافق، بدءا من المدير التنفيذي (في اشارة منه لحافظ قائد السبسي بنداء تونس) الى المكلف بالسياسات (يقصد برهان بسيس)الى رئيس الكتلة )سفيان طوبال"( واضاف «بعد اقل من يومين توجه اليها الشيخ التوافقي (رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي) في خطبة الجمعة، ورئيس كتلته(نورالدين البحيري) بالتهمة الجاهزة دائما إنها لشرذمة من الاستئصاليين». وختم بن فرج «وقال احدهم أنها جبهة يوسف، وقال آخر أنها جبهة محسن، وتشويش على الحكومة وعلى قانون المالية، وأشار آخرون الى انها ضد وثيقة قرطاج وآخرون الى انها مناورة من القصر». ولم يعمر الاستقرار طويلا حتى بدأت الانسحابات من الجبهة البرلمانية حيث نقلت حقائق اون لاين خبر انسحاب عدد من الندائيين على غرار زهرة ادريس ووفاء مخلوف ومنصف السلامي لتنقل بعد ذلك «الصباح نيوز» خبر انسحاب النائب علي بلخوة. الشاهد.. أصل تجاري بقدرة قادر تحول يوسف الشاهد إلى شخصية محورية في صراع الأحزاب، أحزاب تسعى لتحوز حتى ظلال رئيس الحكومة بعد جفاء بينها وبينه. ليبقى السؤال اي حب هذا الذي أصبح يحيط «بيوسف» الذي امسى «عزيز» الاحزاب؟ ماذا لو يعلن الشاهد انتصاره لمثلث برمودا على حساب الجبهة التقدمية؟ او ماذا سيحصل لو اعلن الشاهد انه غير معني بانتخابات 2019 التي هي في الواقع اصل الصراع الحاصل داخل البرلمان وخارجه؟