تحتفظ الذاكرة الرياضية بأسماء عديد اللاعبين الذين سطع نجمهم مع فرقهم وشغلوا الناس لفترة من الزمن إلا انهم قرروا الابتعاد عن الأضواء وهم في أوج العطاء.. الأسباب تختلف من إخفاقات إلى إصابات وأسباب شخصية فقضاء الله وقدره.. على غرار سمير السليمي الذي اعتزل اللعب في سن السابعة والعشرين وهو مع المنتخب الوطني في تلك الفترة وقد ساءت علاقته انذاك بمسؤولي النادي الافريقي حيث رفض الرئيس الراحل شريف بلامين – تغمده الله بواسع رحمته – تحول السليمي الى الملعب التونسي رغم قيمة العرض بالإضافة الى عروض اخرى وقد اعتذر المرحوم للسليمي في جلستين عامتين متتاليتين واعترف انه حكم عليه باعتزال اللعب مبكرا بالنسبة للاعب في حجم سمير السليمي الذي كان قائد الفريق آنذاك.. «الصباح» عادت واستحضرت الحالات الشهيرة للاعبين الذين وضعوا حدا لمسيرتهم مبكرا وكان بالإمكان ان يواصلوا البروز لسنوات أخرى.. وقبل استعراض الاسماء التونسية يجب ان نذكر بان هذه الحالة لا تهم الكرة التونسية بل انها ظاهرة عالمية سجلت فيها عديد الأسماء البارزة على غرار الأسطورة الألماني غيرد مولر الذي اعتزل في سن 29 سنة .. وأيضا الفرنسي ايريك كونتونا الذي اعتزل في سنة 25 سنة ثم تراجع عن قراره وعاد للعب واعتزل وهو في سن 28 سنة.. وجورج بيست الذي توقفت مسيرته بسبب إدمانه الخمر والعلاقات النسائية في سن 28 عاما.. المدافع كرفاخال الاسباني ونجم ريال مدريد اليوم قد تهدده الاصابة على مستوى القلب بالاعتزال مبكرا وهو في سن 25 سنة.. اذ سيتغيب عن منافسات فريقه ومنتخب بلاده في انتظار ما ستقوله الفحوصات الطبية.. لعنة الاصابات كانت لعنة الإصابات الحادة سببا بارزا في وضع حد لمسيرة عدد هام من اللاعبين على غرار لاعب الترجي الرياضي العيادي الحمروني والذي كانت مسيرته جد موفقة مع الفريق سجل خلالها أهدافا حاسمة وساهم بقسط وافر في عديد التتويجات إلا أن تعدد الإصابات وإشراكه في المواجهات دون ان يتخلص منها جعله ينهي مسيرته في سن 29 سنة دون ان يغنم الكثير ماديا وهو ما صرح به اللاعب ذاته في عديد المناسبات.. لاعب النادي البنزرتي منصور سحيق هو الاخر ابتعد في اوج عطائه بسبب لعنة الاصابات حيث تعرض الى كسر على مستوى ساقيه الاثنتين.. فيما انتهى مشوار عبد القادر الركباوي مبكرا بسبب تدخل قوي من مدافع الافريقي لطفي المحايصي الذي وضع حدا لمسيرة هذا اللاعب عن غير قصد.. الاصابة ايضا وضعت حدا للاعب نحت مسيرة جد موفقة في اوروبا ونعني حاتم الطرابلسي في نادي أجاكس 5 سنوات كان خلال معظمها نجما ولاعبا أساسيّا لعب بعدها فترة قصيرة في الببطولة الانقليزية، وقد رغبت عدّة أندية أوروبية في انتدابه، إلاّ أنّ إصابة مزمنة في ركبته حالت دون انضمامه إلى ناد أوروبي كبير. ثم انتقل إلى نادي مانشستر سيتي في قبل ان يعلن الاعتزال سنة 2006. اسباب شخصية فسر بعض اللاعبين الممتازين اقدامهم الى الاعتزال المبكر بأسباب شخصية. وهو نفس السبب الذي دفع لاعب الترجي توفيق الهمامي الى الاعتزال رغم انه كان من انجع المهاجمين في الفريق.. خالد السعيدي صاحب الرجل اليسرى السحرية والذي تكهن له طارق ذياب بانه سيكون خليفته اعتزل هو الاخر في سن 26 وقال في تصريح ل»الصباح» عن اسباب الاعتزال وقتها ان الاجواء لم تكن جيدة وقد غادر الافريقي نحو مستقبل المرسى حيث قضى هناك موسما واحدا ثم أعلن الاعتزال كما قال «الكرة كانت وقتها هاوية ولا عقود ولا عائدات مالية هامة ورغم ذلك كانت هناك مواهب كثيرة اليوم وفي عهد الاحتراف وجدت الاموال وانعدمت تقريبا المواهب.. كان كل فريق يضم في صفوفه 7 لاعبين خارقين اليوم يحتار الفريق في خلق موهبة واحدة.. مثلا سامي النصري الذي ابتعد هو الاخر في سن 27 سنة لعبت سنوات الى جانبه ولم اعرف بأي رجل يلعب اليمنى ام اليسرى فقد كان يستعملهما الاثنتين بنفس المهارة ونادرا ما تخلق النوادي لاعبا بقيمة سامي النصري.. الاعتزال المبكر سببه غياب الهدف فقد كنا نلعب كهواة فقط اذا ما ربحنا نتمكن من المنحة وإذا خسرنا ننتظر المباراة المقبلة والكل يعلم ان مواجهات النادي الافريقي تدور تحت انظار 50 الف مشجع أسبوعيا.. وكانت التمارين تدور بحضور 5 آلاف مشجع والدخول كان بمقابل..» حسام الحاج علي غادر بدوره في سن مبكرة كما قرر سفيان الفقيه لاعب النادي الصفاقسي انهاء مسيرته قبل الثلاثين رغم انه لم يتعرض لإصابات.. وأنيس العياري كذلك وحاتم بن بلقاسم ولطفي المحايصي اذ لم يبلغ الثلاثين ولكن مغالطته من قبل المسؤولين وقتها كانت السبب. فقد اعلموه انه انتقل الى الكاف على سبيل الاعارة ليجد نفسه بعد ذلك قد انتقل نهائيا وهو ما حز في نفسه فقرر الابتعاد النهائي عن الملاعب.. يجب الاعتراف بان جل اللاعبين الذين وضعوا حدا لمسيرته الكروية مبكرا اتخذوا هذا القرار حتى لا يجدوا انفسهم في فرق اخرى فقد كان الانتماء الى النوادي كبيرا.. عكس اليوم اذ يمكن للاعب ان يتقمص الوان عديد الفرق فهذا هو الاحتراف.. تلك أحكام القدر كل الحالات التي استحضرناها قررت الابتعاد عن قناعة او خوفا من المضاعفات الصحية ولكن الحالات التي سنختتم بها ملف اللاعبين الذين ابتعدوا عن الملاعب في اوج العطاء كانت حالات خاصة جدا.. اذ اختار الموت ان يغيبها فرحلت تاركة سجلا حافلا بالتألق والإبداع على المستطيل الاخضر احتفظت بها ذاكرة كل المولعين بكرة القدم ونتحدث هنا على سبيل الذكر عن لاعب محيط قرقنة نعمان بن احمد الذي توفي في حادث مرور وأيضا لاعب النجم الساحلي لطفي البكوش الذي توفي بنفس الطريقة ولاعب النادي الصفاقسي عبد اللطيف مفتاح ومدافع الترجي الهادي بالرخيصة الذي توفي على ارضية الملعب بعد ان ابتلع لسانه ذات لقاء ودي.. في حين تبقى طريقة موت حارس الملعب التونسي محمد الحيدوسي غريبة تلفها عديد الاستفسارات عن حارس توفي في اوج العطاء ولم ينل خبر رحيله الاهتمام الذي منح لغيره.. ان كرة القدم لعبة لا يمكن ان ينجح فيها الا من يدخلها مولعا مغرما بها صاحب امكانيات هائلة تولد معه ويصقلها اصحاب الخبرة فهي ليست من الاشياء التي تكتسب بمرور الوقت.. وعلى الميدان يجب ان يكون اللاعب صاحب شخصية قوية لفرض اسلوبه وتعبيد طريق النجاح..