نظمت مؤخرا المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بقابس بإشراف والي قابس منجي ثامر ورشة اختتام مشروع « التصرف في الخزانات الجوفية الساحلية لواحات قابس» بحضور عدد من الخبراء في مجال الموارد المائية من تونس وفرنسا ومهندسين فلاحيين وممثلين عن قطاعات المياه والفلاحة بالجهة . وأكد والي قابس أن هذا المشروع يعد أول تجربة نموذجية في تونس أنجزتها المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بقابس بالتعاون مع الادارة العامة للموارد المائية ومكتب البحوث الجيولوجية والمنجمية بفرنسا تحت اشراف الوكالة الفرنسية للتنمية طيلة ست سنوات (2011– 2017) باعتمادات جملية تجاوزت المليار أورو. وأضاف أن مكونات المشروع تتلخص في انجاز دراسة الموارد المائية وجمع المعطيات والمعلومات منذ الاستقلال والنمذجة الجيولوجية للوصول الى وضع قاعدة معلومات حول الموارد المائية وتطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحاجيات المائية وتحليل المنظومة الانتاجية الفلاحية وكيفية حسن استغلالها والمنظومة الواحية وعلاقتها بالموارد المائية والتصرف التشاركي في الموارد المائية للوصول إلى خلق هيكل يتحكم في حسن التصرف في الموارد المائية وإقامة حلقات تكوينية في مجال الموارد المائية بإشراف مهندسين وفنيين لمزيد تحديد وسائل حسن التصرف في الموارد المائية والعمل على مزيد التعريف بهذا المشروع اعلاميا ونشر نتائجه المسجلة على المستوى الوطني والمتوسطي. وقد تدارس المشاركون في أشغال هذه الورشة سبل تعزيز مقاومة التناقص الملحوظ في الموارد المائية التي بلغت حدودها القصوى بولاية قابس والاشكاليات التي تواجه هذا القطاع خاصة ما يهم ظاهرة الإستنزاف العشوائي في ظل الهجمة الشرسة على حفر الآبار العشوائية في الأراضي الفلاحية المحيطة بالواحات مما يؤثر سلبا على المياه الجوفية إلى جانب التشاور حول كيفية القضاء على سوء استغلالها ومناقشة مدى مساهمة مشروع «التصرف في الخزانات الجوفية الساحلية لواحات قابس»في ايجاد الحلول الناجعة من خلال استثمار نتائج المعطيات المسجلة لضمان حاجيات الوحدات الصناعية الكيميائية بالخصوص والقطاعات الفلاحية وحاجيات المناطق السكنية من المياه الصالحة للشراب مستقبلا، إلى جانب البحث عن صيغ جديدة تساعد مختلف القطاعات المستهلكة لهذه المادة من حسن التصرف في الموارد المائية العميقة التي تعد موارد غير متجددة وحث الجميع على المشاركة في استدامتها في الجهة. وفي لقاء«الصباح»مع عدد من المشاركين في أشغال الورشة ذكر الخبير الفلاحي وكاتب الدولة للموارد المائية السابق عامر الحرشاني أن الدراسة المنجزة بولاية قابس طريقة جديدة لمعالجة المياه المستقبلية في تونس انطلاقا من الجهات وهو ما يتطلب القيام بتخطيط ثابت على طول المدى يعتمد على معطيات جيولوجية دقيقة استعدادا للسنوات القادمة حتى ضمان التوازن بين الموارد الطبيعية والحاجيات الاستهلاكية وخاصة ادماج تحلية المياه لجمع مختلف المنظومات وخاصة ما يهم التحكم في الفيضانات وحول الأمطار الأخيرة بالجهة أشار إلى أن المناطق الجبلية على غرار مطماطة وتوجان تعد معملا للأمطار حيث يكون المعدل بها مضاعفا مقارنة مع المعدل المسجل بمناطق أخرى وأكد على ضرورة تركيز سدود جبلية لخزن مياه الامطار تساعد على مزيد تغذية المائدة المائية واستغلال مخزونها في الحاجيات اليومية ودون إلحاق الضرر بالمواطنين. ومن جانبه أبرز المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بقابس بشير دادي أن هذا المشروع يعكس دراسة معمقة متعددة الجوانب تعتمد أساسا على تحيين قائمة البيانات النمذجة الجيولوجية والهيدرو-جيولوجية واستغلال مختلف الدراسات السابقة والنمذجة الرياضية والدراسات الميدانية التي تهم الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للمنظومات الواحية والخصائص الفلاحية بولاية قابس ومختلف القطاعات المستهلكة للمياه وتحديد الحاجيات وفق العديد من الفرضيات وتصورها في المستقبل لإيجاد تصور مستقبلي تجتمع فيه كل هذه المعطيات والدراسات وهو ما من شأنه أن يساعد على الاستغلال الامثل والمستدام للموارد المائية في اطار حوكمة رشيدة وتصرف مستقبلي رشيد لهذه الموارد وفق رؤى علمية متطورة تأخد بعين الإعتبار واقع الموارد المحلية وافاق استغلالها وكيفية الضغط عليها وحاجيات مختلف القطاعات الاقتصادية وايجاد موازنة أولية رغم أنها موازنة صعبة بين الموارد المتضائلة وبين الحاجيات المتزايدة ودور مثل هذه الدراسات هو احكام هذه الموازنة لتوفير الحاجيات لمختلف القطاعات الاقتصادية منها القطاع الصناعي والفلاحي وقطاع الشرب للسنوات القادة والأجيال المتعاقبة. ويؤكد المهندس الفلاحي سفيان العيادي أنه أمام سرعة التطور الإقتصادي والإجتماعي شهدت الجهة ارتفاعا ملحوظا في حجم استغلال الموارد المائية الجوفية وهو ما يؤشر إلى مزيد تسجيل الانخفاض المتواصل للمنسوب وتملح المياه ونظرا للطلب المتزايد على المياه وكثافة استغلال الموارد المائية التقليدية ساهم هذا المشروع في ضبط ملامح حلول ذات نجاعة لخلق موازنة حقيقية تتماشى بين واقع هذه الموارد المائية والتصرف الرشيد فيها وبين أنه بات من الضروري العمل على التعريف بهذا المشروع حتى يكون الجميع على بينة من واقع الموارد المائية ونتائجه المسجلة إلى جانب إحاطة كافة المشرفين والمساهمين والمستغلين والاطراف التي لها علاقة بالموارد المائية بالوضعية الحالية لهذا القطاع وخاصة الموارد الساحلية بولاية قابس واحاطتهم علما لاعداد استراتيجية مستقبلية مشتركة بين مختلف القطاعات المتداخلة حول كيفية حسن التصرف مستقبلا وتحديد القطاعات ذات الأولوية حتى يكون الجميع على دراية بواقع هذه الموارد المائية وأشار إلى أنه من خلال إعداد تجربة سيناريو حول آفاق هذه الموارد المائية الى سنة 2040 لاحظنا نتائج مخيفة هو ما يتطلب من الجميع أن يكونوا على دراية بهذه الوضعية والمشاركة في ايجاد الحلول انطلاقا بالتوعية والارشاد حول الاستهلاك. وأضاف أن انعدام هذه الموارد الحيوية له تأثير مباشر على المجالات التنموية بالجهة وهو ما يتطلب ضرورة المحافظة على هذه الموارد وحسن التصرف فيها ضمانا لتنمية مستدامة. وتبقى التحديات الراهنة حول التصرف الأمثل في قطاع المياه في مزيد إحكام خطة عمل ضمن استراتيجية علمية ناجعة تعتمد على صيغ تشاركية للتصرف في الموارد المائية بولاية قابس حسب الدراسات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية المنجزة من خلال تفعيلمشروع «التصرف في الخزانات الجوفية الساحلية لواحات قابس»في مختلف الجهات خاصة المتواجدة منها في الجنوب الشرقي نظرا الى أن هذا المشروع يعكس الحلول الناجعة لتلبية الطلبات المتزايدة على المياه وضمان توفيرها للأجيال القادمة.