لن يكون هناك اختلاف كبير في ملامح المشهد الدرامي لرمضان 2018 عن السنوات السابقة فسامي الفهري وقناة الحوار التونسي يسيطران وعن جدارة على نسب المشاهدة والمتابعة لا لشيء إلا لأن هذا المنتج يعمل بجدية واضحة على كسب رهاناته انطلاقا من تحضيراته المبكرة لأعماله الدرامية على عكس غيره من القنوات المحلية ومن بينها المؤسسة الأم ،صاحبة المشوار الدرامي الذهبي في الدراما التونسية فحين تفكر التلفزة الوطنية في الاكتفاء بعملين من نوعية «السيت كوم» دون إنتاج مسلسلها الدرامي الرئيسي (وهذا يحدث لأول مرة منذ انطلاق التلفزة التونسية في إنتاج الأعمال الدرامية) فإن هذا لا يمكن وصفه إلا بخيبة الامل فمهما كانت التعلات والتبريرات فلا يمكن ان يغفر للمتدخلين في المشهد لهذا الخيار وغياب صناع قرار يتحملون مسؤولياتهم طبعا .. غياب عمل درامي في الوطنية الأولى والاستعانة بأعمال تلفزيونية عربية أو تركية ببقية القنوات وإعادة بث أعمال تونسية قديمة خلال الشهر الكريم ولجوء عدد من المخرجين والتقنيين والممثلين التونسيين للعمل بالدراما الجزائرية يفرض علينا - حتى لو لم نتفق في بعض الأحيان مع سامي الفهري في ما يقدمه من أعمال فنيا- أن نحيي هذا المنتج والمخرج على مواصلته تقديم منتوج وطني لجماهير رمضان التونسية.. في هذا السياق، تعود قناة الحوار التونسي بعمل رمضاني تاريخي ضخم تصور أحداثه فترة مهمة, مثلت منعرجا سياسيا واجتماعيا وفكريا له تأثيرات كبيرة على ما لاحقه من انجازات في تاريخ تونس المعاصر كما تعكس تداعياته الكثير من الإسقاطات على راهنينا السياسي والاجتماعي.. ولئن يشاع في كواليس «المقاهي الثقافية» أن سامي الفهري سيكتفي بعرض حياة بايات تونس بين الحرملك ووشايات الحكم تماهيا مع المسلسل التركي «حريم السلطان» إلا أن الإطار الزماني لسيناريو المسلسل ثري جدا بالأحداث السياسية والاجتماعية ويفرض ضرورة حضور عديد القضايا المتزامنة مع الأحداث التاريخية أبرزها ثورة علي بن غذاهم أو «باي الشعب» في فترة حكم محمد الصادق باي وتنامي الحضور الأجنبي في تونس ورفض الشعب التونسي لهذه الضغوط الخارجية مع ظهور أبرز مصلح في تاريخ تونس خير الدين باشا، صاحب كتاب «أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك»..في هذه الفترة التاريخية يطالب عهد الأمان بإرساء العدل بين الرعية وأسس خلالها أول دستور تونسي كما أمضى الباي على معاهدة باردو، الوثيقة التي تضع تونس تحت حماية فرنسا مع فشل ثورة علي بن غذاهم التي تركت البلاد في فوضى عارمة تولى إثرها خير الدين باشا زمام البلاد على مستوى الاصطلاحات وحارب الفاسدين ومنهم حماه مصطفى خزندار وذلك بعد وفاة زوجته «جنينة».. في هذه الأجواء المشحونة بالأحداث السياسية والاجتماعية يصور سامي الفهري مشاهد مسلسله الرمضاني القادم والذي انطلق في بعضها فعليا وقد علمت «الصباح الأسبوعي» أن سيناريو هذا المسلسل سبق وعرض على نجيب عياد وكان سيخرجه شوقي الماجري الذي بدوره أجرى تغييرات عديدة على السيناريو غير أن المشروع لم يكتمل وغير السيناريست وجهته لسامي الفهري الذي قدم له 300 ألف دينار مقابل هذا العمل ورصد ميزانية ضخمة كذلك لبقية تفاصيله.. ومن المنتظر حسب مصادرنا أن يكون ياسين بن قمرة بطل هذا المسلسل في دور «خير الدين باشا» كما يؤدي الممثل الشاب عزيز باي ،دور «الباي» ويشارك كل من رؤوف بن عمر وهشام رستم في أدوار رئيسية بالمسلسل إلى جانب ريم بن مسعود في أكثر الأدوار النسائية تأثيرا بالعمل أما بطلة المسلسل فستكون فتاة عشرينية وقد أكدت مصادرنا أنها ستكون وجها جديدا من «اكتشافات» الفهري... أّمّا المخرج السينمائي والممثل نجيب بالقاضي فسيكون أحد أبطال المسلسل عوضا عن ظافر العابدين، الذي رشح للدور نفسه غير أن التزاماته منعته من المشاركة في جديد الفهري.. مسلسل تاريخي رمضاني على قناة الحوار التونسي، في غياب شبه تام للدراما التونسية إلى حد الآن عن المنافسة الرمضانية ،يضع سامي الفهري أمام تحد كبير ورهان٫ عائداته على جميع المستويات كبيرة...