وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    أولا وأخيرا...شباك خالية    للنظر في إمكانية إعادة تأهيل عربات القطار: فريق فني مجري يحل بتونس    أم تعنّف طفليها وتسبب لهما كسورا: وزارة المرأة تتدخل    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    عاجل : إغلاق مطار دكار بعد إصابة 11 شخصاً في حادث طائرة    شكري حمدة: "سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوما"    الرابطة 1 (مرحلة التتويج) حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    المدير الفني للجنة الوطنية البارلمبية التونسية ل"وات" : انطلقنا في الخطوات الاولى لبعث اختصاص" بارا دراجات" نحو كسب رهان التاهل لالعاب لوس انجليس 2028    هام/ وزارة التربية: "نحن بصدد بلورة تصوّر جديد لمعالجة هذا الملف"..    المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس تواصل حملتها على الحشرة القرمزية    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    181 ألف بناية آيلة للسقوط في تونس ..رئاسة الجمهورية توضح    الزمالك المصري يعترض على وجود حكام تونسيين في تقنية الفار    نابل: الكشف عن وفاق إجرامي يعدّ لاجتياز الحدود البحرية خلسة    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    التحقيق في جثّة لفظها البحر بقابس    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    عاجل/ الحوثيون يعلنون استهداف ثلاث سفن بصواريخ وطائرات مسيرة..    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي.. "تونس لن تكون مصيدة للمهاجرين الأفارقة"    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    سالفيني عن ماكرون بعد اقتراحه إرسال جنود إلى أوكرانيا: "يحتاج إلى علاج"    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد قرارها منع التونسيات من السفر على طائراتها: الأزمة مع الخطوط الإماراتية لم تطوق.. والإشكال لايزال قائما
نشر في الصباح يوم 26 - 12 - 2017

أكدّ بوراوي الإمام المكلف بمكتب الإعلام في وزارة الشؤون الخارجية في تصريح ل "الصباح" أن الاجتماع الفني المنعقد أمس بمقر وزارة النقل- بحضور ممثلين عن وزارات النقل والخارجية والداخلية وديوان الطيران المدني والمطارات فضلا عن ممثلي شركة الطيران الإماراتية كان اجتماعا تقنيا بالأساس يتعلق بالنظر في التراتيب والآليات الجاري بها العمل بعد تفعيل قرار إيقاف نشاط الخطوط الإماراتية بمطاراتنا.
كما شدّد المتحدث على أن الاجتماع الملتئم أمس هو اجتماع فني يتعلق بمعالجة حيثيات هذا القرار في ظل وجود التزامات بين الطرفين.
وبالتوازي مع ذلك ذكرت مصادر إعلامية أن اجتماع أمس لم يفض إلى أي نتائج تذكر بخصوص التراجع عن منع التونسيات من السفر على متن طائرات الخطوط الإماراتية حيث رفض ممثلو الخطوط الإماراتية الإمضاء على أي مكتوب يقضي بالسماح بالسفر على متن خطوطهم واكتفوا بالالتزام بصفة شفاهية فقط، علما أن المكلف بمكتب الإعلام في وزارة الشؤون الخارجية قد شدد في تصريحه ل "الصباح" على أن اجتماع أمس هو اجتماع فني بالأساس الهدف منه النظر في ترتيبات تنفيذ هذا القرار. ليستشف من التصريحات السالفة الذكر أن الأزمة لم تطوق بعد وأن الإشكال لا يزال قائما بما أن قرار تعليق رحلات شركة الخطوط الإمارتية إلى تونس لا يزال قائما.
من جانب آخر وفي نفس الإطار تجدر الإشارة إلى أن مستجدات التحرّكات الديبلوماسية التونسية -إثر الإجراء الإماراتي المتعلّق بمنع التونسيّات من السفر إلى وعبر الإمارات- كانت محور لقاء جمع أمس بين رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ووزير الشؤون الخارجية خميّس الجهيناوي بقصر قرطاج..
وأفاد خميّس الجهيناوي وفقا بلاغ لرئاسة الجمهورية "أن اللقاء تناول مستجدّات التحركات وبأنّ رئيس الجمهورية قد شدّد بالمناسبة على ضرورة صون كرامة كل المواطنين التونسيين داخل وخارج أرض الوطن، مؤكدا حرصه على عدم المسّ بحقوق المرأة التونسيّة مهما كانت الدواعي والمبرّرات".
كما أوصى رئيس الدولة بالعمل على تجاوز هذه الإشكالات في أقرب الأوقات حفاظا على علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين الشعبين التونسي والإماراتي، مؤكدا على أن قرار تعليق رحلات شركة الخطوط الإمارتية إلى تونس سيظلّ قائما إلى حين مراجعة إجراءات سفر التونسيّات طبقا للقوانين والمعاهدات الدوليّة الجاري بها العمل.
وفي نفس السياق أكد أمس وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي في تصريح إذاعي ل"شمس أف أم" أن الإماراتيين قد اتصلوا به وقدموا اعتذاراتهم موضحا أن تونس تريد اعتذارا علنيا. كما اوضح الجهيناوي انه أعلم الطرف الإماراتي بأن تونس ليست جزءا من الإمارات ومن هذا المنطلق يتعين عليهم إبلاغنا بهكذا قرارات، قائلا: "اعتبرنا طريقة فرز المسافرين غير شرعية وقد أخبرنا الشركة الإماراتية بذلك".
كما أشار الجهيناوي إلى تأكد وجود معلومة استخباراتية لدى الجهة الإماراتية فيما يتعلّق بإمكانية تنفيذ عملية إرهابية من قبل تونسية أو امرأة حاملة لجواز سفر تونسي لكن هذا لا يسمح بقبول هكذا قرار قائلا:»الحكومات تمر والشعوب تبقى وتونس ساهمت مساهمة فعالة في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة".
تجدر الإشارة إلى أن شركة طيران "الإمارات" قد نشرت "تغريدة" على موقعها الرسمي على "تويتير" جاء فيها ما يلي: "بناء على تعليمات السلطات التونسية، وابتداء من يوم أمس، تعلق طيران الإمارات رحلاتها من تونس واليها، وحتى اشعار آخر"، علما ان وزير الشؤون الخارجية الاماراتي انور قرقاش قد كتب في تغريده له على "تويتر" اول امس:"تواصلنا مع الأخوة في تونس حول معلومة أمنية فرضت إجراءات محددة وظرفية".
◗ منال حرزي
نحن والامارات الديبلوماسية.. والقفز على الحبال..
بقلم: اسيا العتروس
لم نتوقع ان يتخذ الاعلان عن الغاء وتأجيل عشرات الرحلات الجوية من مختلف مطارات دبي نهاية الاسبوع المنقضي بسبب الضباب الكثيف وتحذيرات مراكز الرصد الجوي في دولة الامارات مثل ذلك البعد السياسي بعد ان امتد الضباب وانعدام الوضوح في الرؤية الى صناع القرار في الامارات لاتخاذ مثل ذلك القرار العاصف والمجحف في حق تونس بمنع التونسيات من ركوب الطائرات الاماراتية او عبور اراضيها ما تسبب في حالة من السخط والغضب لدى الكثير من العائلات التي كانت تخطط للسفر لقضاء عطلة نهاية السنة. وهو قرار لا يمكن الا لساذج أو مغفل أن يقتنع أن مدير شركة طيران الامارات يمكن أن يتخذه أو يعلنه دون عودة لأصحاب السلطة في البلاد.
لا نريد تحميل الاشياء أكثر مما تحتمل ولا الانجرار الى تلك الدعوات والتهديدات بقطع العلاقات الديبلوماسية أو سحب لسفراء. فآخر ما يمكن الرهان عليه في المشهد العربي الهش الراهن الاندفاع وراء مزيد تدمير وقطع العلاقات العربية- العربية الهشة التي ليست في افضل حالاتها ولا هي في أبهى صورها بعد اهتزازات وتوترات وتداعيات موسم الربيع العربي التي مرت بها طوال السنوات الماضية..
القرار الاماراتي لم يكن مجرد زوبعة في فنجان والدليل أنه حرك الرأي العام التونسي الذي لم يقف على الحياد ازاء اهانة من بلد خليجي عربي هو جزء من تحالفات اقليمية ودولية، ولا يزال الغموض عنوان العلاقات الديبلوماسية بينه وبين البلاد التونسية منذ انتخابات 2014 وموقفه المعلن من الاسلام السياسي ومن التوافق الحاصل بين النداء والنهضة منذ تلك الفترة.
وبعيدا عن الانسياق وراء القراءات الجاهزة أو تحميل الاحداث أكثر مما تحتمل فقد أعاد القرار الى أذهان التونسيين موقفا ليس ببعيد وهو موقف أمير قطر السابق عندما لم يتوان عن اهانة الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي عندما خاطبه قائلا أمام الصحفيين «جئت لأعلم رئيسكم كيف يصافح» وهوما احدث في حينه موجة غضب سواء في صفوف انصار المرزوقي أو معارضيه.. بل الحقيقة أن معارضيه كانوا أول واكثر من انتقدوا ونددوا بتلك التصريحات التي اعتبروها مشينة لرئيس البلاد..
أزمة غير مسبوقة..
وبالعودة الى ما أحدثه القرار بمنح التونسيات من ركوب الطائرات الاماراتية في تنقلاتهن وهو قرار مهين وينم عن عقلية عنصرية بغيضة ولكن وهذا الاهم يكشف عن جهل بالقوانين الدولية المتعارف عليها وقد جاء الموقف الرسمي الاماراتي المرتبك ليفاقم المشكلة خاصة وان كل التبريرات التي تم التسويق لها كانت تبدو واهية ولا تستند لأي منطق مسؤول وهو ما جعل القرار الاماراتي الذي فاجأ التونسيين يأخذ أكثر من بعد سياسي، بل وجعله مفتوحا على أكثر من قراءة بما في ذلك واقع العلاقات التونسية الاماراتية وما شابها في السنوات الماضية من ازمات هادئة وتقلبات مع اصرار السلطات الاماراتية على حرمان التونسيين من الحصول على التأشيرة الامر الذي عطل تحركات الكثير من رجال المال والاعمال والمستثمرين في تنقلاتهم من والى هذا البلد.
ما زاد الطين بلة انه وفي خضم ردود الفعل الشعبية الغاضبة والرافضة للقرار الاماراتي المهين لصورة تونس وليس لنسائها فحسب جاء القرار الرسمي الاماراتي مصرا على الاستخفاف بالعقول وتبرير القرار بأسباب أمنية وهوما لا يمكن لعاقل تقبله فالمسائل الامنية الخطيرة لها قواعدها الاستخباراتية الخطيرة ولا تتم معالجتها بهذه الطريقة الاستعراضية.
...قد يبدو السؤال الاكثر الحاحا في أزمة الحال من المسؤول في مثل هذه الحالات وهل يمكن الحديث عن فشل الديبلوماسية الاستباقية؟ الواقع أننا ازاء أزمة غير مسبوقة وليس من الواضح كيف كان يمكن للديبلوماسية التونسية تفادي ما حدث او قراءة ما يدور في أذهان أصحاب القرار في دولة الامارات. ولاشك أنه سيكون من الخطإ التعامل مع هذه المسألة من نفس وجهة النظر التي تم التعامل فيها مع القرار الاوروبي بتصنيف تونس في القائمة السوداء للملاذات الضريبية والتي لا يمكن نفي وجود التقصير والاخلال في هذه المسالة التي اساءت لتونس اساءة بالغة.. ما حدث نهاية الاسبوع لتونس عموما وللتونسيات بشكل خاص مسألة لا تخلو من الغرابة في اهدافها وتوقيتها، والارجح انها جاءت بناء على موقف اعتباطي غير مدروس يحمل اشارات عن محاولات ليست خفية للتأثير على القرار التونسي وعلى تونس التي أظهرت تحركاتها الديبلوماسية في الملفات العربية في الجوار الليبي كما في منطقة الشرق الاوسط بدءا بالقضية الفلسطينية وصولا إلى الازمة في اليمن على توازن واضح وانتصار للعدالة وتجنب للانسياق في صراعات اقليمية.. صحيح أن تونس اليوم ليست في أفضل حالاتها اقتصاديا وسياسيا ولكن تبقى الديبلوماسية التونسية على الثوابت المتعارف عليها، وحتى وان حادت عن الطريق لأي سبب من الاسباب وجدت في المجتمع المدني والاعلام والمعارضة السياسية ما ينبهها للمخاطر وربما يدفعها الى مراجعة مواقفها..
الديبلوماسية ليست مادة مصنعة قابلة للاستيراد من المصانع والمخابر الاجنبية بالعملة الصعبة ولا هي أيضا عنوان للصفقات الاعتباطية التي تسيرها الاهواء وحسابات الامزجة، صحيح أن الديبلوماسية لعبة مصالح متغيرة لا مكان فيها لعدو دائم اوصديق دائم وهي لعبة متحركة على الدوام ولكنها تستند على قيم ثابتة في عقول حكماء وصناع ومسؤولي الاستراتيجية الديبلوماسية خاصة عندما يتعلق الامر بمصلحة الشعوب والاوطان..
ما عاشت على وقعه البلاد من جدل مثير في أعقاب القرار الاماراتي بمنع التونسيات من ركوب الطائرات الاماراتية لا نجد له وصفا في القاموس الديبلوماسي، وقد خلنا أن الامر مجرد خطإ ستتم مراجعته والاعتذار رسميا عن الاساءة التي طالت تونس بالدرجة الاولى بعد كل التأويلات السلبية التي اخذها القرار في عديد الاوساط الاعلامية الاجنبية التي انساقت للخبر.. الامر لا يتعلق بدروس التاريخ ولا الجغرافيا ولا بالموروث الحضاري والثقافي والديني فتلك بديهيات والمسألة غير مطروحة في الذهنية التونسية ويخطئ من يراهن على ذلك لان ما يربط تونس بمختلف شعوب العالم بما في ذلك الشعوب العربية والاسلامية فوق كل الانظمة والحكومات والزعامات... قرار السلطات التونسية تعليق رحلات شركة طيران الامارات الى أجل غير مسمى وان ترك التونسيين على تعطشهم ولم يرض الكثيرين فقد يكون اكد أن الديبلوماسية التونسية تطبخ على نار هادئة ولا يمكن أن تحيد عن الطريق عندما تكون كرامة التونسي بتاء التأنيث على محك الاختبار..
بيانات تندد.. وأحزاب تبرر.. والفرز على قاعدة المسألة الوطنية
لا تزال ردود الأفعال بشأن الأزمة الاماراتية التونسية في تصاعد ملحوظ وذلك بعد تدخل رئيس الحكومة يوسف الشاهد وانتصاره للتونسيين العالقين داخل مطارات دبي أو التونسيات اللاتي منعن من السفر من تونس على الخطوط الإمارتية .
تطورات المشهد افضت الى فرز حقيقي على قاعدة المسالة الوطنية حيث صاغت أحزابنا مواقفها السياسية انطلاقا من مبدإ التضامن مع التونسيات الممنوعات من السفر أو التونسيين العالقين في بعض المطارات الإمارتية.
مواقف وطنية ساندت خلالها احزاب موقف رئيس الحكومة في مرحلة أولى، وداعية رئيس الجمهورية للتدخل ضد إهانة التونسيات ثانيا على اعتباره المسؤول الاول عن الديبلوماسية التونسية بما يؤكد حجم الغضب الذي انتاب التونسيين من الموقف الإماراتي .
وفِي هذا السياق اصدر حزب آفاق تونس بيانا شديد اللهجة حيث وصف فيه الموقف الإماراتي «بالخطير والأرعن الذي اتخذته سلطات دولة الإمارات بمنع التونسيات من التنقل عبر ناقلاتها الوطنية دون سابق إعلام وخاصة دون أي سبب وجيه»، وعبر الحزب «عن استنكاره الشديد لما وقع»، داعيا الحكومة التونسية لاتخاذ كافة الإجراءات لصون كرامة التونسيين».
بدروه عبر نداء تونس عن ‹استنكاره لهذا المنع غير المبرر والمتناقض مع كل الأعراف والمواثيق الدولية»، داعيا الديبلوماسية التونسية إلى مزيد العمل من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن مصالح المواطنين التونسيين والتونسيات وتطويق هذه الأزمة بعد أخذ التوضيحات والاجراءات الضرورية في الغرض».
العزة لتونس
وتحت عنوان «العزة لتونس والكرامة للمواطن»، اصدر الحزب الجمهوري بيانه واصفا ما اتخذته الشركة الإمارتية من قرار «بالمهين» واعتبر الجمهوري الإجراء «تمييزيا» داعيا «الحكومة التونسية إلى الرد على هذه الخطوة العدائية بما يحفظ كرامة التونسيين وذلك بمنع شركة الطيران الاماراتية من استعمال مطاراتنا أو عبور الأجواء التونسية واستدعاء السفير التونسي لدى دولة الامارات للتشاور وبحث كل الخطوات الكفيلة بردع هذا التصرف الأرعن».
من جهته ادان حزب المسار ما تعرضت له تونسيات واصفا القرار الإماراتي «بالتمييزي والاعتباطي الذي يستهدف النساء التونسيات ويسيء للشعب التونسي برمّته».
ودعا المسار «المواطنين والمواطنات إلى مقاطعة شركات النقل الجوي الإماراتية وإلى التشهير بهذا القرار التمييزي والمسيء للشعب التونسي».
وفِي نفس السياق جاء بيان الجبهة الشعبية شديد اللهجة تجاه الإجراء الإماراتي بمنع تونسيات من السفر ليدين «هذا الإجراء التمييزي لما فيه من انتهاك للقوانين الدولية وامتهان لكرامة كافة التونسيات والتونسيين وتعبير عن عقلية تسلّطية تجاوزها الزمن».
كما طالبت الجبهة «السلطات التونسية بالتطبيق الفوري لمبدإ المعاملة بالمثل في صورة عدم رفع السلطات الإماراتية هذا الإجراء التمييزي، وذلك صيانة لكرامة التونسيات والتونسيين وذودا عن سيادة البلاد».
ومن اهم البيانات الصادرة ليلة اول امس يبقى بيان الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ادان هذا الإجراء «المرتجل والتعسّفي والعنصري»، بل واعتبره «صلفا وعربدة دولة واعتداءً سافرا على كل التونسيّات والتونسيّين ومسّا من كرامتهم».
ولعل المميز في بيان الاتحاد انه كان حادا تجاه أطراف معينة بعد «تبرير هذا الإجراء العنصري والتهوين من وقعه على سمعة التونسيّين تحت تعلّة رفض التوظيف السياسي للحادثة. ويطالب السلطات التونسيّة اتّخاذ موقف مشرّف بعيدا عن الحسابات النفعية الواهمة والاصطفافات المفرّطة في سيادة تونس وكرامتها.»
مرزوق.. الجدل الواسع
واذ ظهر الموقف الوطني في الوقت المناسب وذلك ردا لاعتبار التونسيين والتونسيات أمام هذه الإجراءات الا أن بعضا من «الجالية السياسية» خيرت السباحة في اتجاه الضفة الاخرى بعد ان انتصرت ضمنيا «للناقلة» الإمارتية عوضا للمرأة التونسية.
فقد شكل موقف الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق تحولا في المشهد السياسي بعد انتصاره للجانب الإماراتي على حساب التونسيات العالقات بمطارات عدة وقد قوبل موقف مرزوق بسخط كبير سواء من قبل متابعيه على صفحته الرسمية أو من التعليقات المنشورة على صفحات عدة على «الفايسبوك» و»التويتر» حيث اتهمت جميعها مرزوق بالاصطفاف وراء مصلحته مع الجانب الإماراتي وقد بلغ ببعض متابعي مرزوق على صفحته الرسمية الى حد السب والشتم والاتهام بالخيانة وهي ذات التهم التي وجهها له وزير الخارجية الأسبق الطيب البكوش خلال اجتماع لحزب نداء تونس بضاحية قمرت وذلك أشهرا قليلة قبل المؤتمر الاول للنداء.
ولأبعاد الشبهة عنه وعن الحزب سارع مرزوق برمي كرة النار التي أشعلها بموقفه المساند للإماراتيين على حساب التونسيات وقال في هذا السياق غضب «النساء التونسيات وكل التونسيين مما حصل في رحلة الشركة الجوية الاماراتية، يحاول استغلاله أحزاب «الترويكا» السابقة ومواقعهم الالكترونية المعروفة التي تفننت في ترويج الاكاذيب والشائعات ومحاولات جر التونسيين لخدمة أجندة صراع عربي في الخليج لصالح دولة لم تطلب ولاء منهم ولكنهم يتقزمون لخدمتها .
وطبعا من كل أحزاب الدنيا، الهدف هو حركة مشروع تونس ورغم تغير الهدف فالأساليب والتهم هي نفسها التي استعملت سنة 2013 و2014، في سياق آخر نرجو من الجميع الفطنة والتثبت من خطاب الفتنة والكذب ورؤوسه».
بسيس يورط السفير.. وحزب السفير
وتبدو ورطة محسن مرزوق مع الأطراف الإمارتية واضحة وذلك اذا أضيف اليها ما دونه مسؤول السياسيات بحركة نداء تونس برهان بسيس الذي قال:» الاهانة الوطنية، هذا أمر أصبح معروضا على العلن من خلال واقعة منع التونسيات بطريقة مهينة من دخول الامارات العربية المتحدة، أما الأدهى والأمر فهو ما وصلت له حياتنا السياسية الداخلية من تدخل أجنبي سافر ندر أن عاشته تونس في أي فترة من تاريخها المعاصر منذ دولة الاستقلال، واقعة لن أتركها لمذكراتي سفير دولة أجنبية قدم إلينا في نداء تونس ليعرض وساطته بين النداء وحزب تونسي آخر.. لتوحيد العائلة التقدمية العصرية ..
شجاعة الشجعان ليست في تقصي أثر مهرب صغير في دعم حزب سياسي.. فتشوا عن ارتباطات الدول والسفارات هذه هي الشجاعة الحق..
أجزم أن المرحلة التي يربطها البعض بالفساد والاستبداد لم تصل ابدا إلى هذا التهاوي في مستوى المناعة الوطنية للساحة السياسية في تونس..
هاذي نهايتها؟؟؟».
ودون أن يذكر بسيس من هو سفير الدولة المقصود ولا الحزب المعني بالأمر بيد ان مسؤول السياسات قدم مفتاحا لفك شيفرة تدوينه فتوحيد العائلة «التقدمية العصرية» كان مطلب مرزوق منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الجزئية بالمانيا اما السفير المقصود فهو سفير دولة الإمارات حيث كانت «الصباح» قد أكدت في مقال سابق على لقاء غير معلن بين السفير الإماراتي والمدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي يوم الجمعة 15 ديسمبر الماضي.
ويبدو حينها ان «الضيف» لم يكن محل ترحيب بالبحيرة بعد ان تأخر قائد السبسي عن اللقاء بنحو 15 دقيقة.
فهل باتت تونس ساحة للصراع الإقليمي رغما عنها؟ لماذا لا تفتح الدولة ملفات «الاستثمار» الأجنبي في الاحزاب التونسية؟ هل يكون الخلاف الإماراتي التونسي فرصة للفرز الحقيقي على قاعدة المسالة الوطنية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.