بدأ الحديث عن ضرورة تحيين وثيقة قرطاج من حيث المضمون وأيضا من حيث الممضين عليها. الحديث عن ذلك جاء في تصريح لرئيس كتلة نداء تونس النائب منجي الحرباوي لجريدة «الصباح اليومية» الصادرة يوم الجمعة 29 ديسمبر 2017. جاء في تصريح الحرباوي «الوقت قد حان لنفهم التغييرات السياسية لعدد من الموقعين على وثيقة قرطاج إذ لا يمكن أن تجمع بعض الأحزاب بين مقعدين، مقعد المعارضة بإمضاء توافقات خارج ما تنصّ عليه حكومة الوحدة الوطنية وبين البقاء في الحكم في نفس الوقت» فاعتبر الحرباوي أنّ «وضعية المنزلة بين المنزلتين لا يمكن أن تؤسس لاستقرار حكومي في وقت نبحث فيه جميعا على استقرار لها وهو ما يدفعنا للتساؤل عن جدوى وجود أطراف لا تلتزم بمبادئ الوثيقة، وهو أمر يدفعنا لدعوة رئيس الحكومة لإعلان وزاري وإعادة النظر في وثيقة قرطاج». تصريح النائب منجي الحرباوي جاء على خلفية الإعلان عن ائتلاف الأحزاب العشرة التي قرّرت تكوين جبهة انتخابية لخوض غمار الانتخابات البلدية وكسر التوافق بين قطبي النهضة والنداء. هذه الدعوة ليست بالجديدة ولا المفاجئة بالنظر إلى ما يكتسي المشهد العام وأيضا السياسي والحزبي من تجاذبات ونقاشات ودعوات وتهديدات من هنا وهناك بالانسحاب من وثيقة قرطاج. وبالرغم مما دار في كواليس الأحزاب خاصة من حزب نداء تونس وأيضا حركة النهضة بضرورة تغيير أو تحيين هذه الوثيقة وتناول ذلك إعلاميا، فإن ردّة فعل الناطق الرسمي باسمة كتلة الحرة لمشروع تونس حسونة الناصفي كانت حادّة في ردّه على زميله من كتلة نداء تونس منجي الحرباوي. فقد صرّح حسونة الناصفي ل»الصباح الأسبوعي» قائلا « يبدو أنّ منجي الحرباوي غير مطلع على محتوى وثيقة قرطاج الذي لا يوجد فيه أي تفصيل يمنع مكوناتها من لمّ شملها لخوض مسار انتخابي كالانتخابات البلدية القادمة». وأضاف «لا أعرف في أيّ من المدارس السياسية درس والتي دفعت به إلى القيام بهذا النوع من التحاليل، وفي اعتقادي أنّ مثل هذا التصريح والتحليل لا يستحقّ أي ردّ باعتبار ابتعاد مستوى النضج السياسي لدى العديدين». وردّا على سؤال «الصباح الأسبوعي» إن كان فعلا هذا ما يُخطّط ومثل هذا التصريح بداية تحضير في الأجواء السياسية لإحداث التغييرات بوثيقة قرطاج، قال الناصفي «لا أتصوّر أنّ النائب منجي الحرباوي وصل إلى مرحلة أن يكون أداة لترتيب مثل هذه المسائل، فمثل هذه المواقف تأتي على لسان مسؤولين يعون ما يقولون ويفسرون ويبررون أبعاد تصريحاتهم وأسبابها» لذلك «مثل هذا الكلام مردود على أصحابه وبعيد كلّ البعد عن الواقع ويعكس درجة الوعي لدى النخبة السياسية ونحن كمشروع تونس ما زلنا ندعم وثيقة قرطاج». وأضاف إن «كانت هناك اشكاليات فهي على مستوى احترام المبادئ والأسس التي احتوتها وثيقة قرطاج، وإذا هناك من يعتبر أن تحالف انتخابي بين مكونات سياسيّة يشكّل خطرا على الوثيقة فهذا يُعدّ دعوة صريحة من قبل الحرباوي لمغادرة الوثيقة والتراجع عنها وترك الساحة السياسية للتحكم فيها من قبل حزبي النهضة والنداء وهما أكثر طرفين مطالبين باحترام هذه الوثيقة». أوضح الناصفي « من يشكّل خطرا على هذه الوثيقة هما حزبا النهضة والنداء فبقية الأحزاب لم تقترف أية تجاوزات مسّت بمبادئها خاصة في ما له علاقة بالحرب على الفساد، ففي اعتقادي المتسبب الرئيسي في هذه الحرب والناس الضالعة في الفساد مرتبطة ارتباطا وثيقا بالأشخاص الذين تم إيقافهم وإيداعهم بالسجن وتوجيه تهم خطيرة لهم يعلمون حقيقة الأمور ويعلمون من كان يشرع لهم هذه التجاوزات ويُبيّض أعمالهم وتحركاتهم وهذا هو الخطر الكبير على وثيقة قرطاج». في المقابل أكّدت رئيسة كتلة آفاق تونس ليليا يونس الكسيسي في تصريح ل»الصباح الأسبوعي» أنّ «أولّ من نادى بضرورة إعادة النظر في وثيقة قرطاج وتحيينها كان حزب آفاق تونس بعد عقد مجلسه الوطني الأخير وقرار الخروج من الحكومة». وأضافت رئيسة كتلة آفاق تونس «نادينا بضرورة مراجعة الوثيقة وخاصة طريقة تطبيق أهدافها ومبادئها دون أن نسقط في التشكيك فيها واعتبارها أهدافا غير وطنية، ولكن هذه الدعوة جاءت على خلفية عدم تطبيقها وهو ما يتطلب تحيينها وإعادة توضيح محتواها وتفسيرها أكثر». وبينت «المناداة بالإصلاحات لا تكفي وإنما كيفية إجرائها هي التي تتطلب النقاش، وهذا ما دفعنا إلى مغادرة الحكومة باعتبار الحزب لم يلاحظ أي أوجه للإصلاحات التي نادى بها الجميع». وردّا على تصريح النائب منجي الحرباوي، قالت النائبة ليليا يونس الكسيسي «ليس بالضرورة من غادر الحكومة أن ينسحب من وثيقة قرطاج فنحن مع الأهداف التي تضمنتها ولكن ندعو إلى التسريع في تجسيد ما جاء فيها من مبادئ على أرض الواقع، وما خروجنا من الحكومة إلا لدقّ ناقوس الخطر فالبلاد والشعب في انتظار التغييرات والتاريخ لن يرحمنا». وأضافت «النائب منجي الحرباوي هو في تصريحاته وتحليلاته ولكن أعتقد أنّ كل التونسيين منخرطون في وثيقة قرطاج، وأرى أنه يجب توسيع أرضية الموقعين عليها، ويجب هنا التفريق بين تحالف انتخابي وتحالف سياسي حزبي». وبيّنت الكسيسي «التحالفات الائتلافية هي مطلب التونسيين الذين ملّوا من التشتت وكثرة الأحزاب، وما نلاحظه من عدد كبير للأحزاب أضف إليه نتائج الانتخابات التشريعية الجزئية بألمانيا إلا دليل على هذا الملل، وهذا ما يدفعنا للجلوس إلى طاولة النقاش والتنسيق لوضع استراتيجية لإنقاذ البلاد وخوض غمار الانتخابات البلدية بنجاح باعتبارها الأهم بالنسبة إلى المواطن وإلى مشاغله».