بانفصالها عن معتمدية طبربة وبعثها معتمدية منفردة شهدت مدينة البطان المحاذية لوادي مجردة والممتدة في التاريخ نوعا من التغير والتحسن الذي أضحى متساكنو المنطقة يطالبون بدعمه للحاق بركب بقية مدن ولاية منوبة ولئن شهدت معتمدية البطان بعض التدخلات كان أهمها خلال السنتين الماضيتين بإنجاز عدد من المشاريع على غرار تهيئة الطريق المحلية عدد 510 والطريق الجهوية رقم 55 وتهيئة مدخل مدينة البطان بتكلفة ناهزت 770 ألف.د وإنهاء إنجاز دار الثقافة بتكلفة قدرت ب1900 ألف .د وصيانة شبكة التنوير العمومي ببعض المناطق الريفية بقيمة 94 ألف.د وتطوير المركز الصحي بالبطان من صنف 2 إلى صنف 4 بكلفة 300 ألف.د فإن هذه المشاريع لم تكن كافية حسب رأي متساكني المعتمدية ومسيري عدد من الجمعيات المدنية الناشطة في الجهة ولم تصل لتنال رضا الأهالي فتواصل بذلك مسلسل المطالبات وإشهار النقائص عبر الإحتجاجات والتحركات الشعبية السلمية التي كان آخرها تحركات السنة الماضية للمطالبة بالتشغيل ومزيد من التنمية للحد من وطأة البطالة وفتح الآفاق أمام شباب الجهة سيما أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل وعددهم هام، صعوبات التنقل وإشكاليات التطهير والتنوير والنقص الفادح في المنشآت الرياضية ومرافق الترفيه لتبقى أهم المشاغل على الإطلاق ذات صبغة فلاحية لارتباطها بأهم نشاط يقع تداوله في معتمدية البطان ويوفر مواطن رزق للأهالي وذلك فيما يتعلق بملف مياه الري والوضعية العقارية للأراضي الفلاحية.. أرياف قاسية بتنمية منعدمة وتعتبر مدينة البطان مركز النشاط والحركية في كامل المعتمدية لذلك كان لها الحظ الأوفر ونصيب الأسد من الإنجازات مقارنة ببقية المناطق المصنفة ريفية بامتياز والتي يغلب عليها الطابع الفلاحي.. «الصباح» تحولت إلى هذه الأرياف حيث كان اللقاء بالمتساكنين لرصد تطلعاتهم ونقل انشغالاتهم المتعلقة بحياتهم اليومية في مختلف جوانبها انطلاقا من البنية التحتية وما يتعلق بظروف النقل ومختلف الخدمات وصولا إلى وضع الأراضي الفلاحية وما يتعلق بها ليتضح أن هذه الربوع الخضراء الجميلة تخفي في جوفها ووراء اخضرارها الممتد عديد الصعوبات التي تراكمت على مدى سنوات لتخلف معاناة يومية عسرت على المتمسكين بالبقاء في الأرض بقاءهم فيها وسرعت بنزوحهم منها وتركها.. طرقات مهترئة وغياب تام لشبكات التطهير تشكو مختلف التجمعات السكانية بأرياف معتمدية البطان بدءا بالعروسية مرورا بطنقار وبرج التومي وصولا إلى الزويتينة، والمهرين من غياب تعهد الطرقات والمسالك رغم ما تم إنجازه في هذا الباب خلال السنتين الاخيرتين لتنال الحفر من أغلب الطرقات المعبدة القليلة بطبعها وسط كل من برج التومي والمهرين والرابطة بين الأحياء كالعروسية 1 والعروسية 2 وغياب التعبيد كليا بحي الاستقلال على مستوى طريق نوار على مدخل برج التومي الذي ينسحب على عديد المسالك الأخرى فكانت سببا لانتقادات لاذعة من أصحاب السيارات الذين لحقتهم تبعات هذه النقائص وأضرت بعرباتهم إضافة إلى الغياب التام لتعهد بعض المسالك الرابطة بين هذه المناطق التي تتواجد فيها بعض المرافق من مدارس ومحلات تجارية وبين التجمعات المترامية في محيطها ما يعسر باستمرار تنقلهم وقضاء مصالحهم سيما في فصل الشتاء حيث يضطر عدد من الاهالي الى ملازمة منازلهم وينقطع ابناؤهم عن الالتحاق بمدارسهم حيث ابدى من تحدثنا إليهم استياءهم من بعض التدخلات اليتيمة المنقوصة التي شملت بعض المسالك بذر الحصى والأتربة البيضاء بشكل سطحي عديم الجدوى لا يفي بحاجة تأمين التنقل وسلامة مستعملي هذه المسالك صيفا أو شتاءا لتبقى أحياؤهم في محيط العروسية وبرج التومي والمهرين على نفس الوضع منذ عشرات السنين متسائلين عن حظهم في تعبيد مسالكهم أمام ما ينجز داخل أحياء مدينة البطان وما يصرف في تحسينها وتطويرها باعتمادات متتالية.. بنية تحتية منقوصة زاد في سوئها الغياب التام لشبكات التطهير في كل المناطق الريفية دون استثناء فلا حديث لمتساكنيها إلا حول حفر الخنادق وتفريغها وما يكلفهم ذلك من مصاريف لإنجازها والتخلص من محتوياتها من وقت لآخر فأساءت إلى ظروف عيشهم بالتلوث الحاصل نتيجة السيلان الدائم للمياه المستعملة بين المساكن والروائح المنبعثة منها وتهديداتها الحقيقية ومسها بصحة المواطنين. محمد الجندوبي أحد متساكني العروسية يقف أمام منزله المكتمل وكله أسى عما يحيط به من مجار سوداء ملوثة تنطلق من قنوات التصريف التي جهز بها مقر سكناه لتأخذ طريقها إلى الأرض وتلتقي ببقية مجاري المنازل المجاورة لتشكل سواقي قذرة تفسد الحياة وتنال من حقهم في محيط نظيف وبيئة سليمة وهو نفس الوضع الذي تعيشه أحياء برج التومي الممتدة والقديمة وحي النور وغيرها لتكون دافعا قويا للسلط المحلية والجهوية بالتفكير جديا في إيجاد حل لهذا الإشكال البيئي المؤرق وإنهاء معاناة طال أمدها وتخليص المتساكنين من تبعاتها السلبية وضمان حقهم في محيط نظيف خاصة مع عدم توفر خدمة جمع الفضلات التي كانت نتائجها انتشار الفضلات والقاذورات في كل الأماكن وكل المجاري وهو ما ينذر بالخطر الفعلي ويستوجب سرعة التحرك لإنهائه ويكفي أن نشير إلى تكديس الفضلات على مستوى براج العروسية التي تخصص مياهه لسقي المزروعات والغراسات بالجهة. غياب المرافق يزيد في إحباط المتساكنين خلال لقائنا بعدد من المتساكنين في أكثر من منطقة ريفية استشعرنا لديهم حالة من الإحباط بسبب كثرة النقائص وغياب المرافق الضرورية للحياة، حسونة الدعجي اشتكى طويلا وهو شيخ الثمانين من نقص الأدوية في مستوصف العروسية وأكد انه يواصل البحث عن دواء «الفدة» منذ اكثر من أسبوع ولم يتحصل عليه رغم حالته الحرجة إضافة إلى عدم توفر أدوية الأمراض المزمنة التي لا تتقيد بتاريخ ولا بحاجة تذكر، آخرون آثاروا اشكال نقص خدمات النقل سواء كان نقل العموم أم التلاميذ وطالبوا بحظهم في هذه الخدمات كبقية متساكني الولاية بزيادة الحافلات وعربات النقل الريفي وتركيز محطات مغطاة لحماية التلاميذ وغيرهم من الحرارة والبرد والأمطار حتى تتوفر لهم الظروف الطيبة للوصول إلى مقرات دراستهم، آخرون طالبوا بتوفير حاويات الفضلات للتحكم في حجم التلوث الحاصل في هذه المناطق الريفية وتساءلوا عن دور التجهيز وأسباب غيابه بغياب تدخلاته لتعهد المجاري و»الفوسيات» المغلقة والطرقات المحفرة إضافة إلى المطالبة بإحداث مخفضات السرعة خاصة وأن هذه المناطق الريفية تطل جلها على طرق كثيرة الحركة، مطالب أيضا شملت البريد ومرافق الترفيه والثقافة التي لا يوجد لها نفس في هذه الربوع لتوجه الانتقادات لاذعة صوب الإدارات الجهوية المختلفة التي تقتصر تدخلاتها وخدماتها على المدن وأهالي المدن.. فلاحة تصارع من أجل البقاء تتميز أرياف معتمدية البطان بخصوبة أراضيها واتساعها لمساحات كبيرة كان قد تم التصرف فيها بتوزيعها في الستينات والسبعينات على عدد من الاهالي ثم توجيه أخرى نحو تسويغها في ما يعرف بشركات الاحياء، شركات لم تلتزم بكراس الشروط فتم استغلالها بشكل سيء أضاع فرص التشغيل وأنقص من انتاجيتها دون أن تتحرك أي الأطراف لمتابعتها وكشف الاخلالات الحاصلة فيها ويكفي الاستدلال بشركة الاحياء البساتين التي يستغرب الجميع من سكوت الدولة على سوء التصرف فيها.. مطالب ترفع للأخذ بيد الشباب العاطل عن العمل في تمكينه من استغلال بعض المساحات المتاحة وتقديم تسهيلات له على غرار تمتيعه بالقروض واقتناء التجهيزات وهو الأمر الذي اعتبره نجيب أحد شباب العروسية صعبا للغاية نظرا للتعامل بالمحسوبية والأكتاف التي أوصدت باب الأمل أمام من يريد العمل مشيرا في نفس هذا الإطار إلى الصعوبات الجمة التي يعاني منها مربو الأبقار في خصوص الحصول على العلف الذي يتحكم في توزيعه بعض من الأسماء دون غيرها ولا يستفاد منها غير بعض الاشخاص دون غيرهم. اشكالية الريّ وتوزيع حصص الماء أصبحت شغلا شاغلا لعدد من صغار الفلاحين الذين أكدوا لنا حجم الخسائر التي منوا بها جراء السياسة المتبعة وطالبوا بترفيع حصصهم في مياه الريّ حتى يواكبوا متطلبات الزراعات والغراسات الحالية التي لا يمكن لها الصبر على الجفاف وغياب الماء.. مناطق ريفية بمعتمدية البطان تبدو كأنها الجنة على الأرض لكنها في الحقيقة تعيش معاناة متواصلة لا يشعر بها غير متساكنيها والمقيمين بها فهل تجد مطالبهم أذانا صاغية فتتحقق ولو بجزء حتى يضمنوا بقاءهم في أراضيهم وتتواصل خدمتهم لها فيعود ذلك بالنفع على الجميع؟