بين وزير المالية رضا شلغوم أن كل إجراءات الترفيع في المعاليم الديوانية المضمنة في قانون المالية لسنة 2018 تهدف بالأساس إلى تقليص نزيف التوريد العشوائي والتخفيف من التداين الخارجي الذي بلغ 70 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، فضلا عن تغطية العجز الحاصل بالموازنة العامة. كان ذلك على هامش الملتقى الذي انعقد أول أمس في العاصمة لشرح إجراءات قانون المالية الجديد والمآخذ التي رفعتها الغرف المشتركة للصناعة والتجارة بتونس. وفي رده على أهم النقاط الخلافية والمآخذ التي طرحت في الملتقى، بين الوزير أن الضغط الجبائي في القانون الجديد للمالية قد ارتفع في السنوات الأخيرة ليصل هذه السنة إلى حدود ال22 بالمائة، لكن بلغت النسبة 23 بالمائة خلال سنة 2014، معتبرا أن توسيع قاعدة الأداءات ضرورية في الوقت الراهن حتى تعود نسبة النمو إلى نسقها وعجلة الإنتاج. كما أفاد الوزير بأن التّرفيع لم يشمل كل المواد الموردة بل فقط تلك البضائع الموجهة للاستهلاك حسب الجدول الذي تم نشره للعموم، كما لم يشمل البلدان التي نتبادل معها تجاريا وتربطنا معها اتفاقيات ومعاهدات دولية، مشيرا إلى أن الترفيع مس حدود ال8 بالمائة فقط من وارداتنا الجملية. واعتبر الوزير أن قانون المالية لم يغيب المؤسسات الاقتصادية الأجنبية منها والمحلية خاصة التي تنشط في قطاع التصدير من خلال تحفيزها بجملة من الإجراءات بهدف دعمها وتسهل سير عملها، مؤكدا على أن الحكومة منحت الأولوية لتحسين مناخ الأعمال خاصة في ما يتعلق بتخفيف الإجراءات الإدارية أمام المستثمرين. وتواصل الحكومة مخططها لإنعاش الاقتصاد في العديد من المستويات أهمها دفع الشراكات بين القطاعين العمومي والخاص التي خصص له تمويلات هامة ناهزت ال5.2 مليار دينار وهي نسبة الزيادة في القيمة الجملية لميزانية الدولة المقدرة ب13 بالمائة. حسب ما بينه الوزير. وأضاف شلغوم في ذات السياق أن الحكومة اقترحت 15 إجراء تسعى من خلالها إلى مكافحة التهرب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية بشكل يخفف من الضغط الجبائي، مشيرا إلى أن قانون المالية الجديد يرمي كذلك إلى مساندة القطاعات التي عانت صعوبات مالية أهمها في القطاع السياحي والفلاحي والصناعات التقليدية.. وبين الوزير في هذا السياق أن الحكومة أوجدت إجراءات خاصة لدعم هذه القطاعات من بينها تلك المتعلقة بما يناهز ال30 ألف عائلة تشتغل في قطاع الصناعات التقليدية، فضلا عن الإجراءات المتعلقة بدفع السياحة الصحراوية وإعادة جدولة ديون الفلاحين والمهنيين في قطاع السياحة. كما تؤكد الدولة على مواصلة معالجة ملفات المؤسسات العمومية حالة بحالة، من اجل اتخاذ قرار محتمل بتخلي الدولة عن هذه المؤسسات، حسب ما بينه الوزير، مشيرا إلى أن الحكومة ستطرح التفويت في حصصها في ثلاث بنوك وهي بنك الزيتونة وبنك تونس والإمارات وبنك تونس الخارجي، فضلا عن التفويت في المساهمات الصغيرة للدولة في عدد من البنوك الأخرى. وفي ما يتعلق بالبنوك العمومية، أضاف شلغوم أن مصيرها سيتحدد على ضوء نتائج برامج إعادة هيكلتها التي هي محل متابعة مع هذه المؤسسات، مضيفا أن النقطة التي أثارت حفيظة ممثلي الغرف المشتركة حول الترفيع في نسبة القيمة المضافة في الحقيقة هي نسبة معقولة ومقبولة مقارنة بالنسب المطروحة في البلدان المجاورة لتونس. وحول إقرار الخصم من الأجر ب1 بالمائة، بين وزير المالية أن هذه المساهمة هي ظرفية وموجهة مباشرة إلى تغطية العجز الحاصل بالصناديق الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذه الموارد أوجدتها الدولة كتنويع لمصادر التمويل والتخفيف من عبء التداين الخارجي. من جهته، أفاد رئيس الغرفة التونسيةالأمريكية الناصر حيدوسي في تصريح ل»الصباح» بأن أعضاء الغرفة والذين يمثلون في الأغلب أصحاب المؤسسات الأمريكية المتمركزة في تونس أبدت تخوفها من إجراءات قانون المالية الجديد خاصة في ما يتعلق بالترفيع في الأداءات، مبينا أنها ستؤثر على قدرتها الإنتاجية والتنافسية في الأسواق وستؤدي إلى عزوف المستثمرين الأمريكان. وبين الحيدوسي أن هذه الإجراءات ستؤثر على أكثر مما يناهز ال82 مؤسسة أمريكية ناشطة اليوم بتونس وتشغل حوالي 30 ألف تونسي والتي تمكنت خلال سنة 2017 من الاستثمار بحوالي 300 مليون دينار. وبين رئيس مجلس الغرف المشتركة فؤاد لخوة أن الضغط الجبائي مرتفع بعد اتخاذ ما يناهز ال511 إجراء جبائيا منذ الثورة، مضيفا أن المستثمرين ابرز المتضررين من عدم استقرار القواعد القانونية والجبائية التي تنظم الاستثمار مع ما يصاحبها من عدم وضوح الرؤية. وقدم رئيس مجلس الغرف المشتركة بالمقابل أن هناك العديد من الحلول التعويضية لتجاوز العجز الجبائي ودفع الاقتصاد عبر تطبيق أفضل للإجراءات الجبائية القديمة الملائمة لدفع الاستثمارات وتحسين استخلاص الديون الجبائية وتوسيع قائمة المطالبين بالأداء لتشمل مجمل الشرائح الاجتماعية والمهنية مع ترشيد التصرف في صندوق الدعم وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتفويت تدريجيا في المؤسسات العمومية.